الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، قبل رسميا تولي رئاسة الوزراء في إيطاليا، ليقود بلاده لتجاوز التداعيات المدمّرة لوباء كورونا المستجد.
وسيترأس دراغي خبير الاقتصاد البالغ 73 عاما حكومة وحدة وطنية جديدة تحل مكان ائتلاف جوزيبي كونتي، الذي انهار قبل شهر، ما ترك البلاد عاجزة عن إدارة أزمة غير مسبوقة.
وبعد لقائه الرئيس سيرجيو ماتاريلا لقبول المنصب رسميا، اكتفى دراغي في تصريحاته بتعداد أسماء وزرائه، وهم مزيج من السياسيين والتكنوقراط، وفقا لما ذكرت “فرانس برس”.
وتم تعيين نائب حاكم بنك إيطاليا المخضرم دانيال فرانكو وزيرا للاقتصاد بينما بقي كل من روبرتو سبيرانزا وزيرا للصحة ولويجي دي مايو وزيرا للخارجية.
كما أعلن إحداث “وزارة كبرى” للتحوّل البيئي يتولاها عالم الفيزياء المعروف روبرتو كينغولاني، المسؤول منذ سبتمبر 2019 عن الإبداع التكنولوجي لدى شركة “ليوناردو” العملاقة للفضاء.
وقال ناطق باسم ماتاريلا إن دراغي، الملقب “ماريو الخارق” لدوره في إنقاذ منطقة اليورو في 2012 خلال أزمة الديون، سيعود إلى القصر الرئاسي ظهر السبت ليتم تنصيبه رسميا ليصوّت البرلمان مطلع الأسبوع على منحه الثقة.
ومنذ كلفه ماتاريلا في 3 فبراير، أجرى دراغي مشاورات مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان والتي سمحت له بتشكيل فريق متنوع من الحزب الديموقراطي والرابطة بزعامة ماتيو سالفيني وحزب “فورتسا ايطاليا” الذي يتزعمه سيلفيو برلوسكوني.
وفي سياق متصل، يوم الخميس الماض، في اللحظة الأخيرة، أعطت حركة 5 نجوم التي لطالما كانت مناهضة للمؤسسات التقليدية إلى أن وصلت إلى السلطة، موافقتها أيضا خلال تصويت إلكتروني، ما أزال آخر عقبة أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية.
لكن الصعوبات بدأت للتو بالنسبة إلى دراغي المعروف بتكتمه وجديته وتصميمه.
وتأمل إيطاليا التي سجلت 100 ألف وفاة تقريبا بكورونا المستجد، في الحصول على حصة الأسد – حوالى 200 مليار يورو – من صندوق الانعاش الأوروبي الذي تم انشاؤه في يوليو لكن عليها عرض خطة إنفاق مفصلة لبروكسل بحلول نهاية أبريل.
وبحسب تحليل صدر عن “مركز الإصلاح الأوروبي” فإن “إنفاق الأموال غير كاف. تتوقع المفوضية الأوروبية أن تترافق المصاريف مع إصلاحات”.
وعلى رأس الأولويات تسريع حملة التلقيح التي تأثرت كما في دول أوروبية أخرى ببطء تسليم اللقاحات. ولقح حتى الآن 1,2 مليون إيطالي فقط من أصل 60 مليونا.
وثمة ملفات أخرى تعود لعقود، سيضطر دراغي لمعالجتها، وهي تسريع عمل القضاء وتصحيح البيروقراطية لتصبح الإدارة أكثر فعالية وإطلاق عملية التحول البيئي التي ستنسقها الوزارة الجديدة المخصصة لهذه الغاية، الأولى من نوعها في إيطاليا.
حتى وإن استفاد حاليا من هالة “منقذ الأمة”، فإن دراغي سيضطر لإظهار مهارة عالية للبقاء في السلطة على المدى الطويل في مواجهة أحزاب سياسية ستتقلب مواقفها مع اقتراب الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2023.
وحذر موقع “بوليسي سونار” للتحليل السياسي قائلا “في السياسة كما في الطبيعة هناك دورات من شهر العسل إلى القمة فالانحدار. حتى دراغي عاجز عن تحدي هذا القانون”.
وأكد “أنه الآن في مرحلة ‘شهر العسل’ ولن يتجرأ أحد على تحديه في الأشهر المقبلة”.
وحذّر “مركز الإصلاح الأوروبي” من أن “حقيقة أن حكومته تعتمد على دعم مجموعة متباينة من الأحزاب السياسية ستحد على الأرجح من قدرته على المناورة، وستجعل من التوصل إلى توافق أمرا صعبا”.
اترك تعليقاً