السعادة في التجديد، وفي أن تريد كل ما تملك لا أن تملك كل ما تريد، تلك هما الركيزتان اللتان توصل إليهما مجموعة من باحثي علم النفس في جامعتي مينيسوري وكاليفورنيا في محاولتهم لتحديد الأمور التي تمنح الشخص حياتاً أكثر سعادة وتُمكّنه من المحافظة على ذلك أطول فترة ممكنة.
لقد أظهرت الدراسات السابقة أن مستوى سعادة الفرد يرتفع مع حدوث تبدّلات هامة في حياته كبدء علاقة عاطفية جديدة، لكن -ومع مرور الوقت- فإن شعلة السعادة سرعان ما تخفت مجدداً لتعود إلى سابق عهدها، لذلك قام الباحثون من خلال هذه الدراسة بتطوير نموذج يساعد الناس على الحفاظ على شعورهم بالسعادة والغبطة في أعلى مستوياته.
ويقول بروفيسور علم النفس المشرف على الدراسة كينون شيلدون “يتألف هذا النموذج من عنصرين أساسيين هما الحاجة المستمرة للانخراط في تجارب حياتية إيجابية ومتجددة، والحاجة للامتنان وتقدير كلّ ما تملكه الآن وعدم طلب المزيد على عجل”.
وفي إطار الدراسة قام الباحثون بإجراء مسح شمل حوالي خمسمائة شخص استفسروا فيه عن حجم السعادة التي يعيشونها في تلك الفترة، وبعد ستة أسابيع قاموا بسؤالهم مجدداً عن التغيرات الحياتية الإيجابية التي جعلتهم أكثر سعادة من ذي قبل، وبعد انتظار ستة أسابيع أخرى عمد اختصاصيو علم النفس إلى تقييم فيما إذا كانت المستويات المرتفعة من البهجة قد دامت إلى ذلك الحين.
يشرح شيلدون “لقد اعتادت الغالبية على التغيّر الذي كان وراء سعادتهم، حيث لم يعودوا سعداء بسبب رغبتهم بالمزيد دوماً إضافة إلى رفع سقف معاييرهم ومتطلباتهم، أو لأنهم توقفوا عن عيش تجارب إيجابية متجددة، فعلى سبيل المثال يتوقفون عن تجربة أشياء ممتعة ومرحة مع أحبائهم ويبدؤون بالتمني لو كانوا أكثر جمالا”.
وبناءً على الوراثة وعوامل أخرى، فإن لكل شخص درجة معينة من السعادة التي يعيشها ويشعر بها عادةً أو ما يمكن تسميته بـ “السعادة الاعتيادية”، فبعض الأشخاص يميلون للانفتاح ويكونون مفعمين بالحياة، بينما يميل آخرون للتشاؤم والكآبة والسوداوية، كما أن لكل شخص “مجال سعادة” يتراوح حول تلك “النقطة”، ويشير بحث البروفيسور شيلدون إلى أن الأشخاص قادرون على تدريب أنفسهم على البقاء في أعلى درجة ممكنة في مجال السعادة ذاك.
وفي هذا يقول شيلدون”يمكن للاختصاصي أن يساعد المرء على الانتقال من البؤس والتعاسة إلى الدرجة الطبيعية، لكن دراستنا تُظهر أن بمقدور الناس أن يرفعوا أنفسهم من الحالة الطبيعية إلى درجات السرور القصوى”.
كما لفتت الدراسة أخيراً – والتي نُشرت في مجلة”الشخصية وعلم النفس الاجتماعي”- إلى أن شراء واقتناء الأشياء المادية يمكن أن يغمر الشخص بالسعادة لكن ذلك الإحساس لن يدوم إلا إذا كانت المقتنيات تقدّم شيئاً متجدداً كل يوم ولم نقم يمقارنتها مع ما يمكله الآخرون.
(إيفارمانيوز)
اترك تعليقاً