إن هذا التنظيم المشبوه المسمى داعش بالرغم من سيطرته على مدينة مهمة وهي سرت ومحاولة تمدده البائسة خروجا من الكماشة التي وضع نفسه فيها لا أراه يشكل خطرا كبيرا على بلادنا لأننا شعب لا يحب التطرف والمغالاة في كل شيء فليس لهذا التنظيم قاعدة وقبولا بيننا والقضاء عليه ليس بالأمر الصعب على الإطلاق ولكنّ الأصعب منه والأكثر تعقيدا هو نحن أنفسنا؟! فنحن من عقّد أمرنا بأيدينا !!!
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: نلوم زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا، كلٌ منا سياسيا كان أو مواطنا قياديا كان أو غير قيادي ينوح على غيره متهما كل منا الآخر بأنه سبب نكبتنا التي نحن فيها، ما من أحد منا يبحث عن حل؟ ما من أحد منا يعمل بكل جهد على تذليل الصعاب وتجاوز العراقيل المحيطة بتكوين الدولة، ما من أحد يغلّب مصلحة الوطن عن مصالحه ومصالح مدينته أو قبيلته أو قريته أو حتى أقليمه الذي أحييناه بعد الموت، فسبحان من يحيي العظام وهي رميم ؟؟! ما من أحد منا إلا وورائه هدف يعلو فوق الوطن!!!
أيها الأحبة إن نكبتنا في أنفسنا أكبر من نكبتنا بداعش، لقد إنتكبنا بالأنانية وحب الذات، متى نتغلب على الأنانية التي تُكبلنا تكبيلا لا نرى معه شيئاً، تكبيلا أعمى قلوبنا قبل أبصارنا فأصبحنا لا نرى الحقيقة لا في أنفسنا ولا في غيرنا، أصبحنا نرى ما تهواه أنفسنا وتميل إليه قلوبنا، فالهوى أضحى طريق الحق الذي نبصر به فاختلطت الموازين وأختلت، فترانا كلٌ في فلك هواه سابحا يرى نفسه ويرى الحق عنده وما سواه باطلا لا يُقبل منه شيئا فزادت الهوة بيننا اتساعا وعمقا وأحيينا خلافات أُخمد فتيلُها، فكل يغنّي على ليلاه والوطن لا بواكي له؟؟!!
ما ضر رئيس البرلمان لو غلّب مصالح ليبيا وتنازل ودعم حكومة الوفاق بمساوئها لعلها تكون بداية النهاية عوضا عن التعنت والتشبت بظاهر الأمر بدلا من باطنه، وما ضر قائد جيشه الذي أعلن الإنقلاب وتجميد الإعلان الدستوري في عدة مناسبات مما جلب له العداء من أطراف عدة، ما ضرّه لو تنازل عن القيادة المتنازع عليها لرجل عسكري محايد متفق عليه ولا غبار عنه، وما أكثر القادة العسكريين الوطنيين المخلصين المحايدين في بلادي وليكن ذلك بشروط الناقة والجمل فيها للوطن من قبيل التفكيك والإلغاء الفوري للجماعات المسلحة أين ومهما كانت ؟؟؟ فالسلاح في كثير من الأحيان عزّز الظالم وجعل اللص وقاطع الطريق وصاحب السوابق الأخلاقية قائدا ميدانيا يشار إليه بالبنان ؟؟؟!! فيا أيها القادة ويا من تدّعون القيادة: هل أصبحت عقولنا في أيدينا ؟؟؟
حين نحكّم العقل وننبذ الأنانية ونتخلص من التفكير المحدود ونرفع ونقدّم مصلحة الوطن عما سواها حينها فقط نستيقظ ونتجاوز ما نحن فيه من نزاعات قزمية، حينها نتجاوز عن صغائر الأمور بل وكبارها في سبيل النهوض بالوطن ووضعه على الطريق السليم للبناء والرقي، حينها تتوحد الصفوف ويكبر في قلوبنا الوطن، حينها لن تأخذ منا لا داعش ولا غيرها وقت في القضاء عليها واجتثاتها، فمتى نستيقظ من الهذيان الذي نحن فيه ؟؟!! ومتى نجنح للسلم ونغلّب مصالح الوطن ؟؟!!
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً