وجه الكاتب والأديب أ. يوسف الشريف، خطابا مفتوحا إلى رئيس المجلس الرئاسي فائز السرّاج.
وفيما يلي النص الكامل للخطاب تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه:
رسالة الوقت الضائع
إلى السيد فائز السراج
بعد التحية والاحترام
السلام عليكم
ها أنت تعلن عن أضعف الإيمان وتعلن عن رغبتك الصادقة في الاستقالة في حد أقصى ينتهي في نهاية أكتوبر القادم، والعالم والأمم المتحدة يقدمون لك التهاني على شجاعتك التي تأخرت كثيرا عن موعدها.
أنت ستذهب فيما نحن نبقى في الجحيم الذي أنت صانعه، تقول أنك واجهت مؤامرات ومخططات من جميع الأطراف، أنت قبلت مسئولية لم تكن مستعدا أو مدركا لأبعادها لكن بريق الجاه والسلطان أغراك بأضوائه الباهرة، هل كنت تتوقع ورودا تتناثر فوق كتفيك في استقبالك، أنت فوجئت بما لم تكن تتوقع وهذا ذنبك الأول والأخير، من المؤكد أنهم فعلوا كل ما قدروا عليه وكان طبيعيا أن يضعوا ألف عصا في عجلة سلطتك وطموحك ولا لوم عليهم لأنهم يحلمون بما تحلم به أنت، أنت لم تدرك خطورة الماء الذي كان يجري تحت قدميك رغم كل إشارات المرور الحمراء والتي كانت تبهر عينيك، كانوا يتقافزون من فوق كتفيك حتى في حرمة الرئاسي كنت غائبا، الآن حانت لحظة الاعتراف، عليك أن تعترف أنك المسئول أمام عدالة السماء وعدالة الأرض لأنك قبلت بملء إرادتك مسئولية لست مؤهلا لها، أنت جاهل بتاريخ ليبيا وجاهل بنسيج الواقع الليبي وبتاريخ القبيلة الليبية، أنت لا تعرف الليبيين، أنت لا تعرفنا لذلك لم يكن غريبا أن نراك ولا ترانا ونسمعك ولا تسمعنا صرخنا حتى في أذنيك أن اسمعنا وتكلم إلينا لأننا نعرف أكثر مما تعرف، لكنك ارتكبت الغلطة التي لا تغتفر، فأصبحت الخاسر الأكبر.
كيف استطعت أن تكون هكذا، كيف غاب عنك أننا نحن كنا ومازلنا ضحايا المؤامرات التي ترجع إليها سبب فشلك، ماذا يتبقى منك عندما لا تستجيب لعويل سيدة ليبية من شدة لسع العصا أمام مصرف؟ وماذا يتبقى منك فيما الخطف والقتل والرصاص يزرع الشوارع ليلا ونهارا على مدار الساعة وكل يوم؟ كيف قدرت أن تنام؟ أقول لك بصدق أنني لست حزينا من أجلك لأنك تركت الكارثة تأخذ مداها رغم كل شواهدها، الحكم يا سيدي يُريد رجالا استثنائيين وأنت لم تكن استثنائيا، لقد تسرعت في القبول ولم تدرك معنى أن تكون الرجل الأول في بلد تعصف به الولاءات القبلية والجهوية وتدير شؤونه.
وكيف قبلت أن تكون حاكما على شعب لم يكن له رأي في اختيارك حاكما عليه، ومع ذلك كان مستعدا لإنقاذك لأنه يعرف أعداؤك ويعرف كيف يهزمهم لكنك تركته وحيدا يأكل ويشرب الفساد على مدار الساعة، ماذا لو أنك خرجت علينا في تجمع عام بميدان عام وأعلنت انحيازك لنا وكشفت المتآمرين والفاسدين، هذا لم يحدث لأن الذي اختارك رئيسا علينا يعرف بواطنك جيدا، أنا غاضب عليك حد الاحتراق وحزين حد البكاء والعويل على البلاد التي ليس لنا بلادا سواها، ولأنك لم تكن مؤمنا بما تعني المواطنة ومعنى الضمير الوطني “وين كنت غايب ونحن ندفع المليارات ثمنا لمحطات كهرباء تبقى دون تركيب زمنا طويلا حتى تصبح خردة” وقائع الكارثة تستوعبها موسوعة عالمية فأين كنت وأنت في قمة السلطة..؟ يا للخيبة كان يمكن أن تكون اسما على مسمى.
اترك تعليقاً