انخفض انتاج ليبيا من النفط الي حوالي 200 الف برميل يومياً, بعد اقفال حقل الشرارة اليومين الماضيين من قبل محتجين, ويهيمن النفط على اقتصاد ليبيا، إذ يشكل نحو 65% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وحوالي 98% من عائدات الحكومة، وهذه درجة عالية من التبعية تجعل إنتاج النفط وتحركات أسعاره تقود عجلة الاقتصاد في رأى الكثير من المحللين.
وهذا الامر يعني أن ليبيا ستتجه لتمويل هذا العجز عن طريق السحب من الودائع الحكومية لدى البنك المركزي، وقيمتها حوالي 60 مليار دولار .
ومن ثم فإن عودة الأمن والاستقرار يجنب ليبيا مخاطر السحب من احتياطاتها من النقد الأجنبي، حيث تسبب خفض الإنتاج والإضرابات إلى خسارة يومية قدرها 30 مليارا دولار، الأمر الذي ألقى بأعباء هائلة على الموازنة العامة للدولة المحملة بتكاليف احتياجات الدعم والأجور.
وتأتي معظم موارد الموازنة التي بلغت عام 2013 نحو 52 مليار دولار معظمها من عائدات النفط، والتي كانت تبلغ قبل الثورة 4 مليارات دولار شهريا.
ويبلغ احتياطي ليبيا من النقد الأجنبي نحو 128 مليار دولار بما فيها النقد والأدوات السائلة من أسهم وأذون خزانة وأصول من الذهب ومنتجات مالية، والتي يقدرها مراقبون بنحو 60 مليار دولار (46.8% من الإجمالي)، تستثمرها ليبيا في السوق العالمي.
ويكفي مجمل احتياطي ليبيا من النقد الأجنبي تغطية وارداتها من السلع لنحو 48 شهر.
ويقول صندوق النقد الدولي، إن الهجمات على منشآت إنتاج النفط والتصدير في جميع أنحاء ليبيا أوقفت إنتاج النفط تقريبا خلال صيف عام 2013، واعتبارا من نهاية سبتمبر/ أيلول، تشير التقارير إلى أن الإنتاج بلغ حوالي 40% من طاقته عند حوالي 600 ألف برميل/ يوميا، أي أقل بكثير من المتوقع 1.7 مليون برميل يوميا.
ويستمر تدهور الوضع الأمني وعمليات الاغتيال والاختطاف وأعمال العنف ذات الدوافع السياسية مثل اغتيال قائد الشرطة العسكرية في بنغازي، واستمرار الميلشيات المتصارعة في محاولة فرض شروطها على الحكومة وأهمها أن يكون لها نصيب من الثروة النفطية المستخرجة من الأراضي التابعة لها، ثم إعلان نوع من الفيدرالية بحيث تستقل كل ولاية بالموازنة الخاصة بها والقدرة على استغلال الثروات الكامنة في أراضيها، بل وتصدير البترول بشكل مستقل عن الحكومة المركزية في طرابلس.
وباتت الميليشيات التي يبلغ عددها نحو 22 مجموعة مختلفة بديلا عن القوات الحكومية، تنفذ أجندات خاصة بها، ويقدر عدد أفراد هذه الميليشيات بنحو ربع مليون فرد، أقواها مجموعة “درع ليبيا”، ويأتي تسليحها من نهب مخازن الأسلحة التي كانت تابعة لقوات القذافي، وهذا يعكس حالة الانقسام في المجتمع الليبي وانقسامه إلى مجموعات ذات مصالح مختلفة، وأصبح نشاط الميليشيات يتركز في ثلاثة محاور هي الاستيلاء على آبار النفط وتهريب السلاح والمهاجرين.
كما أدى زيادة قوة الميلشيات إلى قطع الجزء الأكبر من الصادرات النفطية، وعلى سبيل المثال يرى راغبو إقامة إقليم فيدرالي في برقة شرقي ليبيا الذي كان معقلا لمعارضي القذافي أنه يجب تعويضهم عن الظلم الذي وقع عليهم في النظام السابق بحرمانهم من عائدات النفط الذي تجود به منطقتهم، حيث كان يصب في الخزانة العامة للدولة دون أن يسهم في تحسين أحوالهم المعيشية.
وبدلا من أن يكون النفط هو المورد الذي يجمع أنحاء ليبيا معا، فقد صار السبب في تمزقها، حيث أصبحت اتجاهات الانفصال عن الحكومة المركزية تمثل تحديا لوحدة البلاد وتكامل أراضيها.
السبب في هذا الانقسام يرجع إلى فقدان الحكومة السيطرة على مجمل الأراضي الليبية، إلى جانب التنافس القبلي والمظالم التي عانى منها سكان الأقاليم الذين يرون أنهم لم يستفيدوا من مغانم البترول بسبب فساد حكم القذافي.
وهذا يهدد بدخول البلاد إلى حالة من الفوضى الاقتصادية وربما يؤدي في النهاية إلى إغلاق آبار البترول تحت اسم الرغبة في تحقيق الفيدرالية، حيث يسود التنافس بين المناطق القبلية على موارد البترول والغاز.
اترك تعليقاً