كحركة تحررية في زمن تهاوت فيه كافة الشعارات البراقة المدغدغة لمشاعر جماهيرنا، اخذت على عاتقها مسؤولية تحرير كامل تراب فلسطين من النهر الى البحر,بدءا بقطاع غزة إلا ان الظروف المحلية والإقليمية لم تسمح للحركة بالتمدد اكثر نحو تحرير المزيد من الأرض فالعالم كما غالبية الحكام العرب يعترفون بكيان العدو المغتصب وحدوده (اللامحدودة)، الضفة والقطاع، استطاع الكيان الصهيوني وباتفاقات اسلو المذلة ان يجعل من السلطة الفلسطينية الحراس الامين لــ”حدوده” فتقلصت الاعمال الفدائية حتى لا تكاد تذكر من اجل كيان مزيّف لا يكاد يبسط سلطته على مقاطعة رام الله مع بضع دولارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
المراجعة التي قامت بها حماس مؤخرا لا شك انها تنبئ بما وصلت اليه الامور في ظل الظروف الراهنة، فالقوى الممانعة لم تعد قادرة على حماية نفسها، سقطت في فخاخ تم اعدادها بإحكام، اضافة إلى الادوار المشبوهة من قبل عرب النفط,صنيعة المستعمر ومنفذين اوامره بكل حذافيرها، في ظل الظروف المتغيرة افصحت الحركة عن هويتها كونها عضو بتنظيم الاخوان الذي تولّى زمام الحكم في مصر وان لفترة محدودة ما جلب لها غضب الشارع المصري,ما استدعى اغلاق معبر رفح البري الوحيد وأصبح القطاع شبه محاصر، ولم تفلح عنتريات اردوغان في فك الحصار، فعلاقته الحميمة مع الصهاينة اكبر من يمسها نصب او اعياء بفعل بعض التصرفات الصبيانية ولعبة المصالح الدولية.
باعتراف حماس بإقامة كيان للفلسطينيين على حدود الرابع من يونيه 67 تكون بذلك قد وصلت الى نقطة التقاء مع منظمة التحرير الفلسطينية التي رفضت حماس ولسنوات الانضمام اليها بحجة اعترافها بالكيان الصهيوني ونبذها الكفاح المسلح، والسؤال الذي يطرح نفسه، في ظل اعترافها بكيان العدو وان على استحياء وسيرها في ركب المعترفين بالأمر الواقع، هل ستسعى الحركة الى تحرير الضفة الغربية (بالكامل)التي اصبحت مقطعة الاوصال بفعل المستوطنات المنتشرة كخلايا سرطانية يصعب استئصالها في المدى المنظور؟ ام انها ستكتفي بالمحافظة على القطاع ليكون الدولة الفلسطينية “المنشودة”؟.
لا شك ان الظروف أكبر من ان تتحملها الحركة ونقدر لها تضحياتها الجمة، دفعت بقادتها قربانا للوطن، ويتحمل الغزاويون شظف العيش في سبيل ان يكون القطاع نقطة البداية لتحرير فلسطين ورفع الغبن عن الشعب الذي عبر منفردا الى القرن الواحد والعشرون دون ان ينال استقلاله رغم ملاحمه البطولية التي ابهرت الجميع.
نعتقد والحالة هذه بان الكفاح بمختلف صوره لإقامة دولة فلسطين من النهر الى البحر يجب ان يأخذ مساره، البؤر الاستيطانية الاخذة في التمدد والانتشار لا تفسح المجال لإقامة دولتين على اسس دينية او عرقية، ولنا في دولة جنوب افريقيا خير مثال على تعايش الفرقاء من مختلف الجنسيات، مع التشديد على حق العودة لكل فلسطيني مهجر يرغب في العودة الى حيث كان اجداده.
كلنا امل بان من ضحى بخيرة رجالاته وشبابه لقادر على الاستمرار في معركة اقامة الدولة المدنية التي تكفل لأبنائها العيش الكريم، فالحقوق لن تضيع طالما ان هناك مطالبين بها. ولتظل القدس، مدينة للسلام والإخاء بين مختلف الاعراق والاديان.
تحية الى ارواح الشهداء والمناضلين، بتضحياتهم وضعوا اسسا متينة تبني عليها الاجيال أعظم صرح ديمقراطي في العالم، فهي مهبط الرسالات السماوية وارض الحضارات.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً