اصدر الرئيس التركي عبدالله غول الاربعاء قانونا مثيرا للجدل يعزز سيطرة حكومة اردوغان المحافظة على القضاء، وذلك على خلفية فضيحة سياسية-مالية تطاول النظام، كما اعلنت الرئاسة.
ويعدل هذا القانون تنظيم وصلاحيات المجلس الاعلى للقضاة والمدعين، احدى الهيئات القضائية العليا في البلاد، من خلال تعزيز صلاحيات وزير العدل فيه وخصوصا على صعيد تعيين القضاة.
وكانت المعارضة التركية طلبت من غول استخدام حقه في النقض على هذا القانون، فيما كان الاتحاد الاوروبي اعرب عن قلقه لدى انقرة المرشحة لدخول الاتحاد الاوروبي، من التعرض “لاستقلالية القضاء”.
وللتخفيف من حدة هذه الانتقادات، برر الرئيس التركي، في خطوة غير مألوفة، مصادقته على القانون الجديد.
واشار غول في بيان الى انه عبر عن اعتراضاته “على 15 بندا يتعارض بوضوح مع الدستور”، لكنه اكد ان هذه الاعتراضات اخذت في الاعتبار خلال المناقشات في البرلمان.
وقال رئيس الدولة “هكذا قررت ان اوافق عليه، معتبرا ان المحكمة الدستورية يمكن ان تناقش ايضا المواد الاخرى”.
ولم تخفف هذه التعديلات غضب المعارضة التي سارعت الى تأكيد عزمها على ان ترفع المسألة بعد ظهر الاربعاء الى المحكمة الدستورية، كما اعلن حزب الشعب الجمهوري، ابرز احزاب المعارضة.
وكانت المناقشات حول مشروع القانون هذا متوترة جدا في البرلمان. حتى ان نوابا من الاكثرية والمعارضة تبادلوا مرارا اللكمات تحت قبة البرلمان.
ويأتي اصدار هذا القانون المثير للجدل، فيما تواجه حكومة رئيس الوزراء الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان الذي يتولى السلطة منذ 2002، فضيحة فساد منذ منتصف كانون الاول/ ديسمبر.
وهو يكمل موجة غير مسبوقة من عمليات التطهير في صفوف الشرطة والقضاء التركيين اللذين يتهمهما اردوغان بالمشاركة في مؤامرة حاكتها جمعية الداعية الاسلامي فتح الله غولن لتشويه سمعته قبل الانتخابات النيابية في 30 اذار/مارس والرئاسية في آب/اغسطس.
وقوبل هذا المقترح برفض ومعارضة من جميع الأطراف المتدخلة في مجال العدالة والقضاء، فقد اعتبر المجلس الأعلى للقضاة، أحد أبرز المؤسسات القضائية في تركيا، أن مشروع إصلاح القضاء الذي قدمته السلطة التركية، والهادف إلى تعزيز رقابة الحكومة على القضاء، “غير دستوري”، وقال المجلس في بيان إن “الاقتراح يخالف مبدأ دولة القانون”، مندداً بـ”رغبة الحكومة التي تشهد فضيحة سياسة-مالية ظهرت قبل ثلاثة أسابيع، في المساس باستقلاليته”.
واعتبرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في وقت سابق مشروع القانون الخاص بالسلطة القضائية والذي اجازه البرلمان التركي بأنه يهدف الى تعزيز قبضة الحكومة على القضاة والنيابة العامة في البلاد مشيرة الى ان هذه الخطوة تصفها أنقرة بأنها رد مبرر على مؤامرة حيكت ضد الحكومة، لكن منتقدي سياسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يعتبرونها خطوة استبدادية تقوض من حكم القانون.
وذكرت الصحيفة في تقرير بثته في موقعها الإلكتروني أن مشروع القانون الذي وافق عليه البرلمان التركي عقب جلسة برلمانية شهدت مشادات بين اعضاء البرلمان، تنتظر توقيع الرئيس التركي ليصبح قانونا.
وقالت الصحيفة ان مشروع القانون يأتي وسط شكوك عميقة من جانب الاتحاد الأوروبي، والتي تسعي تركيا للانضمام إليه، ومن الولايات المتحده وهي من أهم حلفاء تركيا، حيث سبق أن ارسل ستيفان فولي مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون التوسع وسياسة الجوار ثلاث خطابات إلى انقرة عبر فيها عن قلقه ازاء مسودات القانون الأولية فيما أعربت الولايات المتحدة عن عدم ارتياحها تجاه القانون وحثت تركيا الشهر الماضي على انه لا يتعين ان يكون هناك أحد فوق القانون وانه يجب التحقيق فى اي ادعاءات موجهة ضد الشخصيات العامة بكل موضوعية.
وقال منتقدو سياسة رئيس الوزراء التركي أردوغان إن الغرض من القانون الذي ينص على زيادة احكام قبضة وزارة العدل على القضاة ورجال النيابة العامة هو حماية ادارته والمقربين منه من الإجراءات القانونية، ولاسيما الشخصيات الحكومية رفيعة المستوي التي يتم التحقيق معها بتهم الفساد.
اترك تعليقاً