إن هذا المقال دعوة للتفكر ثم التحليل ثم التغيير بالوسائل السلمية المشروعة ابتداءً بالنفس ثم تتسع دائرة التغيير إلى الأفضل لتشمل من يسوس الدولة، إن التغيير يتطلب وقتا وجهدا ويحتاج صبرا، أقول إن الإسلام دينٌ يُعِزّ المسلمين يُعز أتباعه ويرفع من شأنهم ولا يذلهم لأحد حتى ولو كان ذلك الأحد هو حاكم مسلم منهم ولكنه لا يعرف للإسلام طريقاً في حياته الشخصية وفي سياسة شعبه كأغلب حكامنا اليوم فدعك من ترهات البعض الذين يسوقون لعبادة الحاكم وطاعته حتى ولو لم يحكم بما أنزل الله وكأن ما أنزل الله ليس واجبا أو أمرا على حاكم المسلمين أن يتبعه ما استطاع خاصة في بعض أحكامه فكيف يطلب هؤلاء من الشعب المسكين أن يطيع حاكما عربيدا زان ظالما فاجرا يحارب الإسلام جهارا نهارا يتفنن في فتح الملاهي الليلية يقود شعبه للتفاهات حتى يغرقه في الملذات فيصبح عابدا لشهواته المتعددة فيغيّبه لكي لا يعرف إلا القليل عن الواقع المرير التي تعيشه الأمة اليوم ويربط البعض هذه الطاعة بالدين أهذا هو دين الإسلام؟ هل الدين الإسلامي يريد لأتباعه المذلة والمهانة، أم الله يريد لهم ذلك؟؟؟ هل ديننا يريد للشعب طاعة عمياء دون عقل وتفكّر فيما يفعله الحاكم؟ هل الإسلام يريد للحاكم أن يسلب إرادة شعبه ليكونوا أذلاء يسوقهم أمامه مثل الغنم؟!!! أم جاء الإسلام ليحرر الفرد ويكرّمه فلا يهينه أحدا كائن من كان ليعيش عزيزا في ظل هذا الدين الحنيف!.
لننظر ونتفكر فيما يفعله حكامنا اليوم وفي المقابل لنتفكر وننظر إلى أول حاكم للمسلمين، ماذا قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه حين تولى حكم المسلمين، ومن هو أبوبكر هو من اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته اختاره ليكون أقرب الناس إليه من صحابته فقال فيه ذات يوم في قصة يبحث عنها من أراد: “إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ، فَقُلتُمْ: كَذَبْتَ، وقالَ أبو بَكْرٍ: صَدَقْتَ، ووَاسَانِي بنَفْسِهِ ومَالِهِ، هلْ أنتُمْ تَارِكُونَ لي صَاحِبِي، هلْ أنتُمْ تَارِكُونَ لي صَاحِبِي “، هو من نزل الله فيه قرآنا يُقرأ ويُذكر فيه إلى يوم القيامة في قول الله جل جلاله: “إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا” التوبة 40، أبوبكر الصديق الذي كان حين يخاطب قادة الجيش يضع لهم دستورا يسيرون عليه في كلمات موجزة فانظروا إلى إحدى هذه الخطابات وهو يوجه إحد قادته رضي الله عنه قائلا: “إذا سِرت فلا تَعنُفْ على أصحابك في السير، ولا تغضب قومك وشاورهم في الأمر، واستعمل العدل، وباعد عنك الظلم والجور؛ فإنه ما أفلح قوم ظلموا، ولا نُصروا على عدوهم، وإذا نصرتم على عدوكم فلا تقتلوا وليدًا، ولا شيخًا، ولا امرأة، ولا طفلاً، ولا تقربوا نخلاً، ولا تحرقوا زرعًا، ولا تقطعوا شجرًا مثمرًا، ولا تَغدِروا إذا عاهدتم، ولا تنقضوا إذا صالحتم، وستمرُّون على قوم في الصوامع، رهبان ترهبوا لله، فدعوهم وما انفردوا له وارتضَوْه لأنفسهم، فلا تهدموا صوامعَهم، ولا تقتلوهم، والسلام”.
كلام من ذهب لا يصدر إلا من رجال من ذهب فهل من يفتي ويأمر بطاعة الظلمة المهزومين المنبطحين أمام أعداء الأمة المحاربين لدين الله مر على كلام سيدنا أبوبكر الصديق صاحب رسول الله وخليفته في المسلمين وفهموا كلامه أم أن طاعة الفسّاق من الحكام واجب شرعي؟؟!!!! إنه الفهم المعكوس المنكوس للإسلام.
اسمعوا إلى الدستور الذي وضعه أبوبكر الصديق رضي الله عنه في خطاب توليه الحكم: “أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم”.
إن خطاب ورسائل أبوبكر الصديق رضي الله عنه للأمة ولقياداته لغنيّة عن التوضيح والشرح فهي تفسر نفسها بنفسها كما أنها حجة على كل من بعده من الحكام وحجة على الأبواق التي تسبح بحمد الظالمين وتزين لهم أعمالهم، فهل من متدبّر متفكّر؟؟؟.
هل فهمنا وفهم من يناصر حكام اليوم الذين يقتلون شعوبهم (رعيتهم) كلمة الرعية المشتقة من الرعاية أي الاهتمام أي أنه من واجب الحكام رعاية شعوبهم أي أن يكون الشعب تحت حماية الحاكم وهذا يعني ويشمل تقديم أفضل الخدمات من رعاية اجتماعية وصحية وتربوية وتعليمية والمعاملة الجيدة وحفظ أموالهم وممتلكاتهم وأرضهم وأرواحهم فيجب على الحاكم أن يرعى ويكون في خدمة الشعب كما ترعى الأم أبنائها، فهل يقوم حكام اليوم بذلك يا من تطلبون من الناس أن يطيعوهم عن عمى كما تطلبون منهم غض أبصارهم وصم آذانهم وتعطيل عقولهم عمّا يفعله هؤلاء الظلمة بأنفسهم وبشعوبهم وأوطانهم وأمتهم وقبل كل ذلك بدينهم!!!؟؟؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً