أوهمونا أن دولة الإحتلال هي الدولة الأقوى في المنطقة وهي التي لا تُقهر ومع تولي الحكم في الدول العربية حكّام ضعاف نُصّبوا علينا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أعداء الوطن تابعين لا يملكون مقومات القيادة من حنكة وفطنة وقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب والإلتزام الخلقي والذكاء الإجتماعي والصدق والإخلاص ومشاركة الآخرين والقوة الإيمانية وغيرها من العناصر والمهارات القيادية ؟؟!!! فالقادة الذين نراهم حكموا ويحمكون عالمنا العربي لا ترى غالبا تلك المقومات أو بعضا منها في شخصياتهم أو في سلوكهم ولذلك لا نرى أي دولة عربية مستقلة ذات سيادة تقريبا كما نرى من نتائج هؤلاء الحكام أن دولنا وهي الأغنى عالميا ولكن شعوبها تعاني الفقر والتخلف المادي والثقافي والجهل وغيرها كثير، فمتى نفيق وننهض ؟ إن الذي جعل العدو قويا هو تخاذل حكامنا.
إن من نتائج تولي هؤلاء العملاء الحكم أن أصبح العربي طريداً باحثاً عن لقمة العيش في كل أنحاء العالم الذي ينهب ثرواته بفضل حكامه، فقد العربي كرامته في وطنه قبل غيرها، فالعربي ذليل لا كرامة له في وطنه فهو ممنوع من الكلام، غرسوا فينا ثقافة اسمع وأطع الحاكم العميل الذي نصّبه أعداء الأمة ولا يحق لك أن تعارضه أو تقول بأنه أخطأ فهو الملهم الذي يرى ما لا نرى وسخّروا له الدين من علماء وحاشية ربما هم أشبه بالمرتزقه فإذا أراد الأعداء الجهاد كما حدث في أفغانستان لضرب الروس وتدميرهم أوعزوا لحكامنا فتنادى العلماء وقدموا فتاوى الجهاد ويسروا طريق الجهاد للشباب ليصلوا إلى أفغانستان وأقيمت الندوات والمحاضرات التحريضية والخطب النارية والمؤتمرات، عجبا للعمالة والجهل؟؟!!! وربما هنا من المفيد أن نوضح بأننا لسنا ضد الجهاد الذي يساهم ويعمل على تحرير أي وطن إسلامي محتل أو يتعرض للحرب والإبادة كما يحدث في كثير من أوطاننا ولكننا ضد إستغلال الدين والجهاد من قبل هؤلآء العملاء والمرتزقة، لماذا لا يعمل هؤلآء وتعد العدة الإجتماعية والعسكرية والسياسية وتعلن هذه الدول وهؤلآء العلماء الجهاد لتحرير بيت المقدس وفلسطين وفك الحصار عن إخواننا في غزة العزّة ؟؟؟ أم أن الجهاد أصبح يعلن في البيت الأبيض بأمريكا ثم يؤمر العملاء من الحكام ليعلنوا حينها فقط أن حي على الجهاد ويرتفع صوت العلماء معلنا أن هبّوا وقوموا على أمشاط أرجلكم في سبيل الله، فأي جهاد هذا ؟؟؟!! أهذا هو الجهاد الذي أمر الله به أم جهاد البيت الأبيض؟؟؟
إن من أهدر الكرامة العربية ليست إسرائيل ولكنهم حكّام عملاء ليس لهم كرامة ولا يعرفونها وهمهم الكلي والوحيد هو البقاء في الرئاسة بأي ثمن يستأسدون على شعوبهم ويستحمرون أمام من اغتصب الأرض وقتل وهجّر أصحاب الأرض نحن نعلم أنهم أي حكامنا ومن يحلوا لبعض المطبلين تسميتهم بأولياء أمورنا رضي الله عنهم أجمعين وعلى عمالتهم وعلى ظلمهم وفجورهم وطغيانهم وقلة حيائهم ليس لديهم الحد الأدنى من الشجاعة أو الحكمة أو السياسة لإدراة مدينة ما بالك بوطن!!! ما بالك بوطن حباه الله بموقع جغرافي فريد وأمدّه بخيرات وثروات طبيعية قل نظيرها في الكون ولكن … ؟ في المقابل لدى حكامنا الجرأة والوقاحة على بيع الوطن والتنازل على الأراضي المحتلة بل على القدس الشريف مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعم أمريكا وأوروبا وتجويع شعوبهم وتنفيذ أكثر مما يطلب منهم العدو ليس لديهم خجل على تناسي تضحيات الأجداد والآباء بل وتغيير تاريخهم المشرّف كما يريد الأعداء فهم يفعلون ما يؤمرون، لقد أدان بعض مندوبي الدول العربية في الأمم المتحدة أخيرا حماس لاطلاقها الصواريخ على دولة الإحتلال ولم يأتي ببنت شفة عن العدو وما يقوم به !!! ألا لعنة الله على العملاء.
إن كنا نتحدث عن الجهاد فليس هناك أولى من تحرير بيت المقدس وكل فلسطين هذا هو رأس الجهاد ثم يأتي بعده مساعدة المسلمين الذين يتعرضون للتنكيل والقتل في بورما والصين وغيرهما من الدول. إن الجهاد ما يقوم به إخوتنا رجالا ونساءً شيبا وشبابا في فلسطين المحتلة وفي غزة الصامدة التي تسطّر الملاحم بقيادة حماس التي اجتمع عليها العرب والعجم ولكن الله غالب أمره، حتما لن يستطيع الأعداء ولا العملاء أن يقفوا أمام رحمة الله، وعد الله ولن يخلف وعده ستتحرر غزة وكامل فلسطين وسيلعن التاريخ الحكام العملاء.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
شكراً علي هذا المقال
لا فض فوك على هذا المقال الرائع، لقد سردت حقيقة موجعة لابد من سردها والبحث فيها، كذلك البحث وإيضاح حقائق الكيان الصهيوني ومؤامراته في الشرق الأوسط فهو يسعى حثيثا دائما لتنصيب حكام يوالونه ولا يعادونه بل ويساعدونه في تنفيذ مخططاته الشيطانية كحروب الجيل الرابع ومشروع بوابة النجوم وغيرها، أتمنى أن تتطرق إليعا بالبحث وربي يحفظك ويرعاك على شجاعتك الأدبية نسأل الله أن يحقظك ويرعاك ويسدد خطاك ويهلك الكيان الصهيوني وعملاؤه أينما كانوا.
هذا الجزء يوضح حقيقة من حاربوا الاتحاد السوفياتي من دولنا سواء شيوخ أو حكام وكما لا يخفى على أحد أن الاتحاد السوفييتي لم يشكل خطرا على العرب والمسلمين ليتنادوا للجهاد ضده بل هو كان يشكل خطرا على أمريكا والكيان الصهيوني، وتنادي شيوخنا وحكامنا للجهاد ضده آنذاك كان إيعازه أمريكيا صهيونيا وبالتالي فهم من نصبوهم علينا حكاما وهم حليفهم الأول في الشرق الأوسط، (أفيقوا).
هذا هو الجزء من المقال الذي يحتاجه القارئ للتمعن فيه جيدا بخصوص ما تحدثت عنه : (( فإذا أراد الأعداء الجهاد كما حدث في أفغانستان لضرب الروس وتدميرهم أوعزوا لحكامنا فتنادى العلماء وقدموا فتاوى الجهاد ويسروا طريق الجهاد للشباب ليصلوا إلى أفغانستان وأقيمت الندوات والمحاضرات التحريضية والخطب النارية والمؤتمرات، عجبا للعمالة والجهل؟؟!!! وربما هنا من المفيد أن نوضح بأننا لسنا ضد الجهاد الذي يساهم ويعمل على تحرير أي وطن إسلامي محتل أو يتعرض للحرب والإبادة كما يحدث في كثير من أوطاننا ولكننا ضد إستغلال الدين والجهاد من قبل هؤلآء العملاء والمرتزقة، لماذا لا يعمل هؤلآء وتعد العدة الإجتماعية والعسكرية والسياسية وتعلن هذه الدول وهؤلآء العلماء الجهاد لتحرير بيت المقدس وفلسطين وفك الحصار عن إخواننا في غزة العزّة ؟؟؟ أم أن الجهاد أصبح يعلن في البيت الأبيض بأمريكا ثم يؤمر العملاء من الحكام ليعلنوا حينها فقط أن حي على الجهاد ويرتفع صوت العلماء معلنا أن هبّوا وقوموا على أمشاط أرجلكم في سبيل الله، فأي جهاد هذا ؟؟؟!! أهذا هو الجهاد الذي أمر الله به أم جهاد البيت الأبيض؟؟؟ ))
اللهم اهلك دولة إسرائيل والكيان الصهيوني وكل عملاؤهم الذين يعملون على تنفيذ مخططاتهم في الشرق الأوسط وأينما كانوا سواء كانوا متسترين بالدين أم متسترين بالعلم واحفظنا وسائر بلداننا برحمتك يا كريم.
فيقوا ياعرب ويامسلمين لسر البقرة الحمراء وفرسان الشر الأوفياء
معتصم أبّكر محمود
التصنيف: اليهودية
بسم الله الرحمن الرحيم
أصبحنا نعيش في عالم غريب، يهيمن عليه سفاحون ومضللون يسعى فيه إرهابي معروف بدرجة رئيس وزراء مثل شارون لإقصاء رئيس ينظر إليه شعبه، والعالم على أنه رمز لمقاومة الاحتلال، بينمـا تحـاول الوزيرة الأمريكية \’كونداليزا رايس\’ تغيير المفاهيم التي عرفها العالم على مر العصور وتبديل التعبيرات والمصطلحات والمعاني التي أصبحت راسخة مثل \’الديموقراطية\’ و\’الإرهاب\’ و\’التحرير\’ إلى أنماط جديدة من المغالطات والتزييف للحقائق..أوضح مثال للشكل الجديد للعالم الذي أصبحنا نعيشه هو ما يثار داخل إسرائيل خلال السنوات الماضية وتحديدا منذ عام 1997، حيـنما ولدت البقرة الحمراء \’ميلودي\’ The Red Cow Melody … فما قصة هذه البقرة التي خلقت موقفـا متفجرا؟،
وكيف يحاول اللوبي اليهودي استثمارها لتحقيق أهداف إسرائيل الكبرى؟
الأمر جد خطير، فكم كانت دهشتنا بالغة حينما وضعنا يدنا على أغرب حقائق كانت سببا في الآثار المدمرة التي حدثت و تحدث في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في فلسطين، فهناك تساؤل يتردد الآن خلف الكواليس وبين الدهاليز السياسية الدولية عن قصة ميلاد البقرة الحمراء على أرض فلسطين المحتلة، والمتواجدة الآن في قرية للشباب تسمى \’كفار حسيديم\’ تقع بجوار مدينة حيفا، و المحاطة بحراسة مشددة ويرعاها أكبر الأطباء البيطريين في العالم.
شغلت قصة البقرة الحمراء فكر الكثيرين – وبالذات في منطقة الشرق الأوسط حيث استغلها بعض المتطرفين اليهود للمناداة بضرورة إعادة بناء هيكل سليمان فور بلوغها الثلاث سنوات ـ كما جاء في توراتهم ـ أى منذ عام ألفين ميلادية، ولعلنا نذكر هجمة شارون ـ في عهد سالفه نيتانياهو ـ للمسجد الأقصى إيذانا ببدء مخطط بناء الهيكل مكان المسجد الأقصى، و كانت تلك الزيارة بمثابة الشرارة التي أحرقت الغابة، واندلعت بعدها انتفاضة الحجارة الكريمة التي عرفت بانتفاضة الأقصى.
عندما ولدت تلك البقرة الحمراء في حقل صغير في قرية كفر حسيديم Kfafr Hasidim، حيث تدار هذه القرية من خلال مدرسة دينية ثانوية للأيتام وللطلبة الذين لهم مشاكل عائلية أو نفسية، في الحال أشار مدرسو تلك المدرسة الدينية إلى أهمية هذه البقرة، فاتصلوا بالحاخام \’شماريا شور Shamaria Shore\’ وهو مواطن من \’بروفيدنز Providence\’ بأيرلندا، في البداية تشكك الرجل في أمر البقرة، لكنه عندما فحص النصوص القديمة دعا مندوبين خبراء من 52 دولة من بينهم الحاخامين \’يسرائيل آريل YISRAEL Ariel\’ و\’يوسف البويم Youseph ELBOIM\’ من أروشليم (القدس) إلى كفر حسيديم، لكي يسمع منهم آراءهم في مولد البقرة الحمراء، وكانت النتيجة التي خلصوا إليها هي أنها بقرة حمراء مقبولة حسب مواصفات التوراة، وأنه توجد حاجة ملحة إليها لكي يتم طقس التطهير اليهودي القديم.
سببت قصة هذه البقرة الحمراء مشكلة على المستوى العالمي، فهي تبدو أنها بقرة عادية لكن لونها غريب، ويرى اليهود الأرثوذكس المتشددون أن ميلادها في إسرائيل هو علامة من قبل الله في غاية الأهمية، وآخرون يخشون من هذه البقرة المتواضعة لأنها فجرت حملة من العنف والحرب في الشرق الأوسط، وقد أثارت تساؤلات ومشاكل دينية وسياسية في الأوساط اليهودية والمسيحية والإسلامية من بينها:
ـ هل هذه البقرة الحمراء علامة على بدء الكهنوت اللاوي من جديد و إعادة بناء الهيكل؟
ـ هل توجد خطة إلهية تخص إسرائيل اليوم؟
ـ ماذا يعني ميلادها بالنسبة للمسيحيين اليوم؟
ـ هل توجد علاقة بين البقرة الحمراء و الحكم الألفي للسيد المسيح، ما هي استجابة اليهود والمسيحيين والمسلمين لقصة البقرة الحمراء؟
البحث عن بقر أحمر:
بذل كل من الحاخام الأروشليمي الأرثوذكسي \’هايم رتشمان Haim Richman\’ ـ راعي الغنم من المسيسبي ـ والواعظ الخمسيني \’ كلايد لوط Clyde Lott\’ جهودا مشتركة لإيجاد بقرة حمراء مقبولة، وكانا يأملان أن يجعلا منها مصدر بقر معين في إسرائيل، ومع بداية التسعينات كان لوط يبحث في الكتب المقدسة ليصف البقرة الحمراء، خلال اهتمامه بالأمر، تحقق أن لديه في قطيعه من الماشية هذا النوع من البقر، اتصل على الفور بمجموعة من إسرائيل وبدأ يدخل معهم في علاقات، وبالفعل عقد معهم صفقة بأن يمدهم بالبقرة الحمراء حسب مواصفات الكتاب المقدس، كان العقد الأصلي هو أن يمدهم بمائتي بقرة حمراء من الحوامل، تشحن عبر المحيط إلى أورشليم، ومعروف إحصائيا أن هذا البقر ينتج حوالي 100 ثور، و100 بقرة، فتكون المحصلة وجود 100 بقرة كرصيد للذبائح و التنفيذ العملي.
مر الزمن ولم تتحقق الصفقة، لكن بقي الاهتمام بهذا الأمر و الدافع إليه ملتهبا حتى هذه اللحظة، وعوضا عن المائتين بقرة صارت هناك خطة لتصدير آلاف البقر الأحمر إلى أورشليم، على أن تفحص بواسطة حاخام من إسرائيل، ثم قرر لوط المتخصص في القطيع الأحمر الطبيعي Angus لمز أن يحاول توليد سلالة بقر أحمر أصيل، ولتحقيق هذا الهدف اتصل برتشمان ـ الخبير في هذا الشأن، الذي يعمل في (معهد الهيكل) وهو مؤسسة في القدس متخصصة في البحث و التعليم في شؤون الهيكل المزمع بناؤه. وبالجهد المشترك بين لوط ورتشمان قدما سلالات مختلفة لإسرائيل وذلك باستيراد بقر حامل. وظلا لسنوات عديدة يتجولان في إسرائيل كلها، يلتقيان مع رعاة المواشي المحليين الذين يرغبون في العمل معهما ليجدا مكاناً للقطيع.
يقول رتشمان: \’كان علينا أن نتعامل مع جيل من رجال الدولة الرسميين في إسرائيل كما مع رعاة البقر الإسرائيليين الذين كانوا يظنون أنهم يعرفون كل شيء، وأن نقنعهم بأننا سنقدم لهم مواشي أفضل، وهذا هو السبب في وجودي\’.. ويقول أيضا: \’لقد تعلمنا في الحال أنه ليس من الصالح أن نشير إلى الهيكل ولا إلى السمات الروحية الخاصة بالبقرة الحمراء عندما نتعامل مع الرعاة، لذا صرت معروفا بأني المترجم لـ\’لوط\’.
بعد عامين قام لوط ورتشمان بالبحث في كل البلاد لعلهما يجدا مكانا مناسبا لرعاية البقر، خلال بحثهما تعلما أن الرعاية المحلية للبقر تعاني من متاعب كثيرة، يقول رتشمان: \’بدأ لوط يتحقق من أنه بجلبه البقر الأحمر إلى إسرائيل ـ خاصة البقر الذي ينتج بوجه خاص لحما من نوع ممتاز ـ سيشجع الرعاة على تربيته، ليس فقط لأسباب روحية، وإنما لمساعدة البلاد اقتصاديا حيث يمكن الاستغناء عن استيراد اللحوم، وبعد عام من عقد صفقات مع وزارة الزراعة واكتساب ثقة كثيرين من الرعاة المحليين بدأ رتشمان ولوط يحققان حلمهما بنجاح، وبدأ يسيطر بقر لوط بإحكام على قطعان المواشي المحلية، ثم بدأ لوط العمل مع المهتمين بالأنسال breeders المحليين لأجل تطوير البقر الأحمر في إسرائيل.
ظهرت عقبة رهيبة أمام المشروع، وهي ارتفاع تكلفة نقل المواشي إلى إسرائيل، و شراء أرض لرعايتها، فانشأ لوط ورتشمان مؤسسة تقوم بتمويل النقل دعيت Tikava Corporation، يقول روتمان الذي يقود البحث في مركز البحث والتقدم في الشمال، بقرية شمونة: \’تربية المواشي في إسرائيل مكلفة للغاية، ففي الواقع العملي من الأرخص استيراد لحوم البقر من الخارج\’.. لكن رتشمان ظل سنوات يبحث في هذا الموضوع الصعب، و أخيرا أصدر كتابا تحت عنوان \’سر البقرة الحمراء\’ وبه إلى جانب عمله في معهد الهيكل، صارت له علاقة مع آلاف من المهتمين بهذا الأمر في العالم غير اليهودي، فقام برحلات عديدة تحدث فيها – خاصة في جنوب أمريكا \’حزام الكتاب المقدس\’ – و ألقى مئات المحاضرات في الكنائس الإنجيلية عن \’التهود و طريقة الحياة اليهودية\’.
يقول رتشمان: \’من الصعب وجود اللون الأحمر بين البقر\’ كما يقول أيضا: \’يرى الحاخامات أن البقرة يجب أن تكون حمراء تماما، وهذا يحتاج إلى ولادة إعجازية\’ وبالرغم من أن للبقرة الحمراء أهميتها الكبرى والأولى لأسباب دينية وروحية فإن رتشمان يصر على أنه لا يوجد تناقض بين استخدامها لأجل طقس التطهير أو كمصدر لحم للأكل أو \’هامبرجر Hamburger\’ فإنه و إن كان للماشية المستخدمة كذبيحة يجب أن يكون لها مواصفات معينة، إلا إنها مجرد إحدى الماشية كغيرها من المواشي، ويقول: \’أنها بقرة وليست ملاكا، إنها ليس لها أجنحة، واستخدام لحمها لا يعتبر تدنيسا للمقدسات، فإن التوراة تطلب بأن تستخدم أية ماشية من المواشي التي وهبنا الله كذبيحة (أى ليست ماشية بعينها)، إنه لأمر جميل و عملي أن يستخدم أحد هذه الأصناف لمساندة اقتصاد الدولة\’.. أما لوط فيقول: \’لقد كرست كل حياتي لهذا الأمر، لقد وضع الله ذلك في قلبي\’.
إنه يرى في نفسه وارثا روحيا للأممي البار الذي جاء من أشقلون، والذى ليمد الحاخامات بالبقرة الحمراء حسبما هو مشروط عليه في الطقوس أثناء خدمة الهيكل الثاني وكما جاء في المدراش بتوراتهم.
انقراض البقر الأحمر والحنين أي إعادة بناء الهيكل
تهلل اليهود المتدينون بولادة بقرة حمراء من أم ذات لونين \’أسود وأبيض\’ و من عجل لونه \’بُني مع رصاصي\’ من سويسرا و غير معروف، وذلك في حقل بشمال إسرائيل، متطلعين إلى ذلك بأنه علامة من قبل الله بأن يلزم البدء في بناء الهيكل الثالث في أورشليم سريعا، إنها تقدم الوسيلة للشعب الإسرائيلي لكي يتقدسوا للحضرة الإلهية، ويتهيؤا للكهنوت القادم وخدمة الهيكل، فبحسب التقليد اليهودي منذ أيام الهيكل المقدس الأول بأورشليم كان يُمزج رماد بقرة حمراء في سن الثالثة بماء و يستخدم لتطهير اليهود قبل الاقتراب من الهيكل، وكان الهيكل هو مركز الحياة اليهودية حيث تقدم ذبائح يومية حيوانية تحت إشراف الكهنة واللاويين، وبالنسبة لليهود الأرثوذكس المتشددين، يعتبرون الهيكل هو الرباط المباشر بين الشعب اليهودي والله، ووجوده يمثل شعبه المختار، قام سليمان ببنائه عام 950 ق. م ثم تهدم وأعيد بناؤه. ثم تم توسيعه عبر القرون المتلاحقة حتى تدميره الكامل بواسطة الرومان عام 70م.
كان دمار الهيكل يعني ضرورة التغيير الشامل للحياة الدينية، فحلت الصلاة ودراسة التوراة وممارسة الأعمال الصالحة محل الذبائح الحيوانية لطلب البركة من الله وغفران الخطايا، هذا التطور يرحب به كثير من المفكرين اليهود المعاصرين، لكن الشوق إلى إتمام بناء الهيكل لم يمت أبدا.. حتى جاءت حرب 1967 التي كان من نتائجها انتصار إسرائيل العسكري ودخول مدينة القدس تحت سيطرة إسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تجديد الاهتمام بين قلة من اليهود لإعادة بناء الهيكل، وذلك لاعتقادهم برباطه بالله وانه مركز العبادة بالنسبة لليهود أينما وجدوا، هذا الموضوع له أهميته الكبرى، ليس فقط لأن قلة من اليهود يرغبون في العودة إلى الذبائح الحيوانية وإلى النظام الكهنوتي، وإنما لأن موقع الهيكل قد أقيم عليه منذ 1300 عام ثالث مكان مقدس عند المسلمين، وهو قبة الصخرة والمسجد الأقصى كما يزعمون افتراء و كذبا.
يعتقد بعض اليهود أنه منذ دمار الهيكل على يد تيطس الروماني عام 70م، لم تولد بقرة حمراء على أرض إسرائيل حسب المواصفات الكتابية وكما جاء في تعاليم الحاخامات، وفي اعتقاد الكثيرين من اليهود أن البقرة ميلودي هي أول بقرة حمراء ولدت في إسرائيل منذ ذلك التاريخ، لهذا يرى بعض اليهود المتدينيين أن ولادتها هو علامة بأنه يمكن بناء الهيكل الآن وأنه اقترب مجيء المسيّا (المخلص) الموعود به ودخوله إلى أورشليم (القدس).. ولذا هجم شارون بقطيعه من الجنود إلى ساحة المسجد الأقصى في نفس العام الذي بلغت فيه البقرة ميلودي عامها الثالث سنة ألفين ميلادية، يقول إيثان برونر Ethan Bronner: \’من بين أمور متباينة يعتقد أنها زالت منذ قرون \’البقرة الحمراء\’ التي يرى البعض أنها حلقة مفقودة يحتاج إليها اليهود المتدينون لإعادة بناء الهيكل القديم في أورشليم، بتقديمها ذبيحة وهي في الثالثة من عمرها واستخدام رمادها في طقس التطهير لليهود بالعودة 2000 عاما إلى الوراء في موقع الهيكل، الموقع المقدس في نظر اليهود و المسلمين \’.. إن حائط المبكى، هو آخر ما تبقى من الهيكل المدمر يشترك بين جبل الهيكل وبين قبة الصخرة والمسجد الأقصى، أحد مواقع المقدسات الإسلامية، ويوجد الآن بعض اليهود في إسرائيل يدافعون عن ضرورة تدمير المسجدين الإسلاميين لإعادة بناء الهيكل في موقعهما، ولذا يعتقد مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين والسياسيين أن الضرر الحادث بسبب البقرة ميلودي ربما يكون أكثر خطورة من قنابل الإرهابيين، إنهم يقترحون قتل البقرة، ويرى آخرون أنه لا ضرورة لقتلها لأن عدم ظهور أي عيب على البقرة يكون سببا كافيا لتصير صالحة لتقديمها ذبيحة\’.
هكذا صار الخلاف حول البقرة متزايدا وساخنا حتى صارت تعيش تحت حراسة مشددة. ويحاول البعض إيجاد سلالة لقطيع مواشي من البقر الحمر لتأمين استمرارية طقس التطهير في المستقبل، ويبدو أن البعض الآخر بالغ في الحديث حتى حسب أن البقرة هي المسيّا القادم، وقد قام الحاخام شماريا شور بإبطال هذه الفكرة مشيرا إلى أن المسيّا (المخلص) لا يمكن أن يكون بقرة\’.
يقول الباحث توماس مالون: \’ كنت جالسا مع صديق، وحدث أن كان ممسكا بجريدة Arizona Republic اليومية، كنا نبحث عن بند خاص عن موضوع الإجهاض المرعب من جانب واحد (دون رضى الطرف الآخر) إذ نعرف أنه سيعلن عنه فورا حيث صوت المشرعون في أريزونا عن ضرورة منعه، وما كدنا أن نفتح الجريدة إلا ووجدنا الموضوع منشورا في الصفحة الأولى، لكنني دهشت عندما رأيت قصتين وراء بعضهما في منتصف الصفحة الأولى بخصوص دولة إسرائيل، هاتان القصتان الرئيسيتان كتبتا تحت العنوانين التاليين: \’السلام يتهشم في الشرق الأوسط \’ و \’ بقرة حمراء:: معجزة أم قنبلة؟! \’.
إن هذا الخبر له أهميته الكبرى بالنسبة للذين يترقبون منتظرين إقامة هيكل جديد.. لماذا؟
لأن اليهود الأرذوكس لن يتجاسروا على الاقتراب نحو جبل الهيكل خشية أن يقفوا في موقع قدس القداس، فبعد رش المنطقة بدم بقرة حمراء بالكامل تتقدس الأرض، هذا ليس هو كل شيء، فإن الكاهن أيضا ملزم بأن يغتسل بماء التكريس حسبما جاء في عدد 19: 10-1، إذ يغتسل بخليط من الماء ورماد بقرة حمراء، عندئذ يصير هو أيضا طاهرا طقسيا ليدخل تلك المنطقة، ولكن على مدى ألفي عام مضت حرم اليهود من رماد بقرة حمراء، ليس لأن اليهود المتدينين لا يريدون البدء في تقديم الذبائح اليومية مرة أخرى، وإنما لأنه لم تولد بعد بقرة حمراء في إسرائيل منذ وقت تحطيم تيطس لهيكل هيرودس (الهيكل الثاني) عام 70 م.
جاء في التراث الشعبي اليهودي أن بقرة حمراء ثانية تولد في أيام المسيا تظهر في إسرائيل، ومنذ ألفين سنة يترقب اليهود منتظرين حدوث معجزة دينية لم تتحقق، والسبب الرئيس لذلك هو الندرة الشديدة لوجود بقرة حمراء بالكامل، لكن حدث هذا فجأة في قرية يهودية بشمال إسرائيل، وصار الرجاء المترقب لزمن طويل حقيقة واقعة، فقد ولدت بقرة حمراء تماما، وبميلادها تجدد الإيمان بسرعة ظهور المسيا المنتظر منذ زمان طويل في إسرائيل، ليقيم مملكته المجيدة، لكن يوجد مأزق واحد لهذه القصة الفلكلورية.. هو أن تبقى البقرة تحت الملاحظة إلى سنتين أو ثلاث على الأقل، للتأكد من أنه لن يحل بها عيب طوال هذا الزمن حتى تذبح.
البقرة الآن تحت حراسة مشددة لمدة 24 ساعة يوميا، و لم يتم ذبحها رغم أن عمرها الآن تعدى الخامسة، و بالرغم من أن هذا الأمر مثير للغاية في الأوساط الدينية لليهود في إسرائيل، لكنه غير مريح للفلسطينيين الذين يتطلعون إلى شرق القدس (أورشليم) كعاصمة لهم، هذا مع الحساسية الشديدة التي تفاقمت بقرار شارون عندما اقتحم المسجد الأقصى مدججا بالسلاح والجنود، بعد بلوغ البقرة الثالثة من عمرها وأيضا بعد أن أنشأ رئيس الوزراء السابق بنيامين ناتنياهو مبنى للأخوة اليهودية في شرق القدس التي هي مِلكٌ للفلسطينيين، هذا التطور الشاروني ألهب حربا دينية حقيقية واقعية.. وليس كل إسرائيلي مبتهجا بوصول البقرة الحمراء التي طال انتظارها.
البقرة الحمراء عند اليهود والمسيحيين والمسلمين
أولا: البقرة واليهود
يعتبر العاملون في \’معهد الهيكل\’ – المقام على طريق صخري ضيق في الداخل بالقسم اليهودي لمدينة القدس القديمة، و المعاد بناؤه – وصول البقرة الحمراء إعلانا إلهيا، وينشغل المعهد بالتطبيقات العملية لإقامة الهيكل من عمل الثياب الكتانية التي يرتديها الكهنة، إلى الأواني الذهبية للبخور، والقيثارات المستخدمة في الصلاة، كما يوجد أنموذج للبقرة الجديدة على حائط المعهد، ويقول الحاخام مناحيم ماكومر، وكيل مدير المعهد: بالنسبة لنا هي نهاية مرحلة \’Milestone\’، ويقول: \’أثناء التشتيت كل شيء فُقد، مثال ذلك لايعرف أحد شيئا عن التاج الذي يلبسه رئيس الكهنة، لكننا الآن نرى أن كل شيء قد ضاع يعود ثانية ببطء، ولقد اعتدنا القول: ليس لدينا هذا، وليس لدينا ذاك، لكن الآن ليس لدينا عذر، لازالت توجد مشاكل سياسية مع العرب، لكن سيقوم أحد بقيادتنا من فوق يجعلنا نستخدم هذه الأمور. إننا لم نسأل عن البقرة الحمراء، لقد جاءت فجأة\’. ؟؟
أثارت ولادة البقرة الحمراء عدة قطاعات في المجتمع اليهودي المتدين، فحين قام مندوبون من 52 خبيرا بزيارة الحقل لفحص البقرة عندما بلغ عمرها ستة أشهر، توصلوا إلى نتيجة تؤكد أن هذا الحيوان تنطبق عليه كل الشروط الكتابية الصحيحة الخاصة بالبقرة المقدسة، لكن يجب أن تبقى البقرة على الأقل لمدة عامين قبل تقديمها للذبح، ويجب ملاحظتها بدقة للتأكد من أنه لن يصيبها عيب يبطل استخدامها.. ولا يزال اليهود الأرذوكس يصلون ثلاث مرات كل يوم من أجل إعادة بناء الهيكل، غير أن الدارسين اليهود يقولون أنه يلزم ألا يؤخذ هذا بمفهوم حرفي. لكن في واقع الأمر يشتاق اليهود الأرثوذكس إلى تقديم ذبيحة البقرة الحمراء ومزج رمادها بماء طاهر يستخدم في طقس يعتقدون أنه يلزم أن يتم قبل دخولهم إلى موقع الهيكل القديم في أورشليم للبدء في بناء هيكل جديد.
إنهم يتطلعون إلى مقدسات المسلمين، وهي قبة الصخرة والمسجد الأقصى، يريد المتطرفون اليهود أن يحطموهما ليفسحوا المجال لبناء الهيكل، يقول يهودا أبزون، رئيس الجماعة التي وضعت خطة في الثمانينات لتحطيم قبة الصخرة: \’طوال مدة 2000 عاما ونحن ننتظر علامة من الله، والآن قد أمدنا ببقرة حمراء\’، قال ذلك عندما كان حاضرا مع خبراء فحص البقرة الحمراء في كفر حسيديم، كما قال: \’يوجد القليل جدا من الشعر الأبيض الذي جعلنا في قلق، لكن الحاخامات كانوا مقتنعين أن البقرة الحمراء هي تلك التي أشير إليها في الكتاب المقدس\’. ؟؟؟
حث بعض الحاخامات على استخدام البقرة لإنجاب قطيع مواشي للبقر الأحمر، حتى لا ينتهي الهجوم على البقرة (بالفشل)، يقول الحاخام شور: \’أن مجيء البقرة قدم أمرا آخر، إذ أوجد مشاكل لم تحل بعد، مثل وجود عضو أصيل من عشيرة قهات لكي يذبحها كما تقول التوراة، لكن مصاعب كثيرة في تحديد الحياة اليهودية في إسرائيل قد حلت بالفعل، وهذه ـ كما يقول ـ سنجد لها حلا\’!! كما يقول أيضا: \’يقول البعض أهدموا المسجدين، لكنني أرى أنه ليس هذا هو الطريق، الهيكل هو عصب الحياة الروحية لليهود، وهو قادم حتما عندما يكون اليهود مستعدين لذلك، بالتأكيد إعادة بناء الهيكل سيتحقق بشيء من العنف والعداوة\’.. ويقول أيضا: \’جبل الهيكل هو مصدر البركة للعالم كله، إنه ليس مجرد قطعة من العقار، ليتنا لا تضيع منا فرصة كهذه\’!.
لكن تلك البقرة أوجدت بعض القلاقل عند اليهود، فليس كل إسرائيلي سعيدا بوصول البقرة الحمراء التي طال انتظارها، وغالبية اليهود يخشون من محاولة المتطرفين استخدام الرمزية المحيطة بالبقرة ميلودي، لتحطيم مقدسات المسلمين في أورشليم التي ستلهب حربا شعواء مع العالم الإسلامي البالغ أكثر من بليون نسمة، ولقد كتب الصحفي المتحرر \’ديفيد لاندو\’ للجريدة اليومية الإسرائيلية HAARTZ – وهو يهودي أرثوذكسي – تحت عنوان \’ البقرة الحمراء ليست أضحوكة \’دعا رئيس الوزراء حينذاك بنيامين ناتانياهو والهيئات الخاصة بالأمن أن يهتموا بهذه المشكلة.. ويقول آفاهام بيريز، وهو عضو في الحزب اليساري: \’تمثل هذه البقرة خطر قيام حرب دينية ضخمة، إن استغلها المتطرفون وحاولوا التصرف في جبل الهيكل، فالله وحده يعلم ماذا سيحدث، فبسبب قلة من المتطرفين قد تتعرض حياتنا جميعا للخطر\’.
الغالبية العظمى من اليهود مكتفين بوجود آثار للمعبد، وهي الحائط الشمالي، كرباط رمزي مع الحقبة الماضية، ويقفون عند هذا الحد. يقول دانيال سبيريز Sperber وهو يهودي أرثوذكسي، وأستاذ التلمود في جامعة \’بار إيلان\’ خارج تل أبيب: \’أغلب الناس يربطون بين إعادة بناء الهيكل مع مجيء المسيا، وإلى حين مجيئه يلزمنا ألا نقلق\’. وجاء في حديث آخر نشر في جريدة هاآرتز الإسرائيلية القول بأن \’الضرر العملي من هذه البقرة أعنف من الخراب الذي تسببه قنابل الإرهابيين\’.. ويقول مناحيم فريدمان ـ وهو خبير في الشؤون الدينية بجامعة Bar Ilan بأن ميلاد ميلودي خلق \’وضعا حساسا للغاية\’.. كما جاء في جريدة Associated Press: \’لسنا نعرف كيف تستخدم الجماعات المستهترة البقرة، وكيف يتطلع الناس إلى هذه العلامات ويتحدثون عنها في شيء من الجدية\’..
بالرغم من أن مجموعات أرثوذكسية نظمت رحلات إلى كفر حسيديم لترى البقرة، لكن الحاخام مردخاي شماراهو، قلل من شأن هذه البقرة كمعجزة، و الآن يتشكك فيما إن كانت تصلح كذبيحة لطقس البقرة الحمراء.. فيقول: \’عندما ولدت البقرة جاء حاخامات من أورشليم إلى هنا ومعهم أعضاء من رجال الصحافة وفي الحال قرروا أنها بقرة حمراء تصلح للطقس، ولكن بعد الفحص وجد بها شعراً أبيضَ قليلاً في الذيل، لذا فنحن غير متأكدين إن كانت هذه هي البقرة الحمراء الحقيقية، في الواقع لم أقرر قط أنها بقرة حمراء حقيقية، الأمر كله نسبي\’، ويقول أيضا معلقا على أصداء الصحافة بخصوص ميلاد البقرة: \’أنه أمر هستيري غير مسؤول\’.
ثانيا: البقرة الحمراء والمسيحيون
البقرة الحمراء في الكتاب المقدس يلزم أن يكون لها مواصفات جسمية معينة، وأن تقدم كذبيحة بطريقة خاصة، وما أن تقدم كذبيحة حتى يخلط رمادها بماء طاهر، ويرش هذا الخليط على ما هو غير طاهر، كما جاء في عدد 19، فهذا هو الأساس لفهم وإدراك الاتجاه نحو التطهير الجسمي، الذي اشترط أيضا ما يلي:
ـ يجب أن تكون البقرة بلا عيب.
ـ ألا يكون قد وضع عليها نير.
ـ يتم الذبح خارج المحلة.
ـ ويرش الدم سبع مرات في مقدمة الخيمة.
ـ تحرق البقرة بالكامل أمام الكاهن.
ـ يضاف إلى النار خشب الأرز وزوفا وأرجوان.
ـ يغسل الكاهن ملابسه ويغتسل هو. ؟
ـ يعد ماء التطهير بواسطة إنسان طاهر، يقوم بجمع الرماد، ويضيف الماء إلى الرماد، يخزنه خارج المحلة في مكان طاهر، ويقدم الماء لشعب إسرائيل، ويغسل الشخص ثيابه ويغتسل.
ويربط بعض المسيحيين بين قصة البقرة الحمراء وما قاله القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية 1: 11 بخصوص رجوع إسرائيل إلى الله. فقد اقتبس توماس مالون (رو 10: 16 ـ 21) القول: \’لكن ليس الجميع (الإسرائيليون) قد أطاعوا الإنجيل، لأن أشعياء يقول: \’يا رب من صدق خبرنا؟! إذن الإيمان بالخبر، و الخبر بكلمة الله، لكنني أقول: ألعلهم لم يسمعوا؟! بلى. إلى جميع الأرض خرج صوتهم وإلى أقاصي المسكونة أقوالهم، لكني أقول: ألعل إسرائيل لم يعلم، أولا موسى يقول: \’أنا أغيركم بما ليس أمة، بأمة غبية أغيظكم، ثم أشعياء يتجاسر و يقول: وجدت من الذين لم يطيعوني، وصرت ظاهرا للذين لم يسألوا عني، أما من جهة إسرائيل، فيقول: طول النهار بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاوم\’ (رو 10: 16 ـ 21).
بعد اقتباسه الآيات السابق ذكرها يضيف مالون الآتي:
(ياله من اتهام مر بارتكاب جريمة! كان يليق بكم أن تفكروا في أن هذا الإيمان بأن الله قد نسى إسرائيل في الجسد) بولس يسأل نفس السؤال في بدء الإصحاح التالي (رو 11: 1): \’فأقول: ألعل الله رفض شعبه؟ حاشا! إني أنا أيضا إسرائيلي، من نسل إبراهيم، من سبط بنيامين، لم يرفض الله شعبه الذي سبق فعرفه… \’
إننا نعلم من كتابات بولس انه سيبقى فقط عدد قليل من اليهود سيخلصون من أجل مملكة المسيا، لذا فأنه في كل يوم تأتي شهادة عن رغبة اليهود العلمانيين أن يوقفوا كل شيء ليضمنوا السلام مع جيرانهم العرب، وعلى أي الأحوال فإن اليهودي الأرثوذكسي المتدين يترقب مجيء المسيا الذي يحكم كل العالم، وإن كان لا يقبل الحقيقة التي تقول أنه سيكون ذاك الذي رفضه شعبه منذ 2000 عاما مضت. هذا هو السبب لولادة بقرة حمراء حقيقية كحدث كتابي هام.
لقد كتب الرسول بولس في 2 تس 2: \’أنه لابد أن يأتي إنسان الخطية ضد المسيح، الذي يقيم نفسه في هيكل الله..: \’ثم نسألكم أيها الأخوة من جهة مجيء ربنا يسوع المسيح و اجتماعنا إليه، أن لا تتزعزعوا سريعا عن ذهنكم ولا ترتاعوا لا بروح ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منا أي أن يوم المسيح قد حضر. لا يخدعنكم ابن الهلاك، المقاوم والمرتفع على كل ما يدعي إلها لأورشليم معبودا حتى أنه يجلس في هيكل الله (كإله) مُظهرا نفسه أنه إله\’ (2تس 2: 1-4). و يعتقد بعض الدارسين أن الهيكل اليهودي حتما يبني لكي تتحقق هذه النبوة. يقولون: \’من يقدر أن يحصى المعجزات التي تبدو بلا نهاية والتي تمت في السنوات الأخيرة بخصوص إعادة العبادة في الهيكل؟ بنفس الصورة أيضا لأن البقرة الحمراء لا يمكن استخدامها حتى تبلغ على الأقل ثلاث سنوات.
هذا و يدعو البعض البقرة الحمراء بـ \’البقرة المقدسة\’ إذ يرون أنها تمهد الطريق لمجيء المسيا لكي يملك على اليهود، ملكهم الغالب الذي يحكم العالم كله، وعلى العكس يدعوها البعض الآخر \’بقرة الشيطان\’ إذ يرون أنها ستسبب حربا عالمية أو تعد الطريق لمجيء ضد المسيح.
ثالثا: البقرة الحمراء والمسلمون:
لم يسترح المسلمون للأنباء الخاصة بظهور البقرة الحمراء، إذ أن اليهود يزعمون أن موقع الهيكل اليهودي في المدينة المقدسة هو حاليا ثالث أقدس الأماكن لدى المسلمين: قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وقد أقيم هذان المسجدان عندما انتشر الإسلام في هذه المنطقة خلال القرن السابع الميلادي، فقد جددت قصة البقرة الحمراء المشكلة القائمة بين اليهود والمسلمين بخصوص إعادة بناء الهيكل في ذات موقع قبة الصخرة والمسجد الأقصى الملحق بها، هذه المشكلة التي تتفاقم مع الزمن والتي يخشى الكثيرون أنه قد تسبب حربا على مستوى عالمي لا يعرف أحد مداها.
هناك خطة منظمة لتدمير القبة والمسجد، ففي عام 1985 سجن مجموعة من الإرهابيين اليهود في إسرائيل، لأنهم خططوا لتدمير القبة بمواد متفجرة متفاقمة حتى يفسحوا المجال لإقامة هيكل يهودي يكون مرساة لمملكة يهودية وللتهيئة لمجيء المسيا.. ولما كانت مشكلة هذا الموقع غاية في الخطورة بذلت جهود ضخمة لإصدار قرار حكومي إسرائيلي بمنع الصلاة على جبل الهيكل، غير أن الوزير مناحيم بيجين حينذاك اعترض قائلا: \’أنا الذي قدمت الاقتراح الأصلي وقتئذ، وقد طبق هذا القرار لحالة خاصة فقط، لكننا لم نصدر قرارا بمنع الصلاة اليهودية على جبل الهيكل بصفة عامة\’. وفي محكمة أورشليم قدم مستند في فبراير 1997 يؤكد أن حكومة إسرائيل لم تصدر قرارا رسميا بمنع الصلاة اليهودية على جبل الهيكل، وقدم محامو الدفاع المستند للمحكمة أثناء محاكمة أعضاء جماعة Chai V’Kayam أعدته السكرتارية المساعدة لمجلس الوزراء في عام 1986م. موضوع المستند هو أن قضاة المحكمة العليا قد انخدعوا عندما قيل لهم بأن الحكومة قد منعت الصلاة.
بعد ذلك بدأت عمليات التنقيب اليهودية في المنطقة، وهي إحدى مشاكل إقامة هيكل يهودي في موقع المسجدين، ويعترض المسلمون على عمليات التنقيب تلك في منطقة قبة الصخرة والمسجد الأقصى، متطلعين إلى هذا العمل بكونه خطة لتدميرهما، وقد قام المسلمون بمظاهرات في سبتمبر 1996 حين فتحت إسرائيل مخرجا جديدا لنفق أثري قرب الجبل يدعى حشمونين، معلنين أن اليهود يهدفون نحو هدم المسجدين، في ذلك الوقت أزيلت حجارة ضخمة تبلغ 6 أمتار 200 قدما تحت الأرض، حيث تم حفر خط مجاري تحت ميدان واسع بجوار الحائط الغربي، وهو البقية الباقية من الهيكل السابق، الذي يعتبره اليهود أقدس موقع في إسرائيل.
في إطار تلك الخطة المنظمة لإعادة بناء الهيكل يقول رئيس هيئة الآثار الإسرائيلية: \’يرجع هذا الطريق دن شك إلى العصر الروماني البيزنطي، وإلى عهد الهيكل الثاني\’ ويقول رجال الآثار الإسرائيليون إن هذه الحجارة كانت جزءا من الطريق الذي تحفه أقواس قائمة على أعمدة و متاجر، هذا الطريق يقود إلى سطح الهيكل، وكان معروفا في الخرائط القديمة باسم Cardo Secundos. وطالب رئيس الآثار الإسرائيلي الحكومة الإسرائيلية بالسماح له بعمل حفريات كثيرة حتى يبلغ الموقع المنشود (الطريق إلى الهيكل) لكي يتمكن من استقبال الزائرين لدولة إسرائيل. وقد أعد ومجموعته خطة طموحة لجمع ما بين 6 و 9 ملايين من الدولارات الأمريكية لتنفيذ مشروعه في أقل من سنة، يسمح هذا المشروع للعابدين اليهود باستخدام 200 مترا في نفق كاردو، اغلبه تحت الأرض حتى يصل إلى الحائط الغربي. ولم تتخذ الحكومة الإسرائيلية قرارا رسميا بخصوص المشروع بل أعلن رجل الآثار المشرف على الحفريات: \’ليس هناك داع أن نجعل من الحفر قصة درامية، إنه مجرد مشروع يخص السياحة والآثار لا غير\’!!!
في اجتماع لمؤتمر العالم الإسلامي الذي عقد بباكستان قدم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات صورة مونتاج تصور الجبل وعليه الهيكل القديم في موقع المسجدين، وأشار عرفات إلى أن النزاع الحالي حول المستوطنات اليهودية في شرق القدس إنما هو الخطوة الأولى لطريق يؤدي إلى إقامة الهيكل الجديد، وفي 31 مارس 1997 قدم ياسر عرفات خاتمة لحديثه في مجلس وزراء الخارجية للجامعة العربية قائلا: لقد أعد الإسرائيليون خريطة يقام فيها الهيكل الثالث في ذات موقع المسجد الأقصى، وقد سلمت هذه الخريطة إلى أعضاء المجلس الإسلامي خلال اجتماع القمة الإسلامي الذي عقد في إسلام أباد.
إن تصرفات إسرائيل تمثل أسوأ صور للجريمة، عندما تحاول إقامة الهيكل الثالث في ذات موقع المسجدين، هذه الانتهاكات المتزايدة على الدوام التي تبغي تهويد القدس تفرض علينا أن نتحد كعرب، مسلمين ومسيحيين، معا في مواجهة هذه الأحداث ونلتزم بمسؤوليتنا التاريخية والقومية.. حتى لاتكون البقرة الحمراء سببا في اندلاع حرب عالمية جديدة ربما تودي هذه المرة بالعالم كله إلى الدمار الشامل..
إن ميلودي ليست بقرة مقدسة بل ربما على العكس كما يدعوها البعض \’ بقرة الشيطان \’. لا بل إننا نرى الأمر كله حول هذه البقرة تافه للغاية إذ ولدت بطريقة طبيعية حسب قوانين الجينات والهندسة الوراثية، بدليل وجود شعيرات بيض في ذيلها وهو ما يتناقض تماما مع ما جاء في الكتاب المقدس، لكن بعض فرسان الشر اليهودي أساء استخدامها.