لفت انتباهي تصريح لمندوب الأمم المتحدة الجديد يقول فيه:- “لم يعد المطلوب تجنب الحرب الأهلية في سوريا بل وقفها” تصريح غريب وتحليل غريب وأسلوب معالجة أقول انه سيفشل قبل أن يبدأ.
الأخضر الإبراهيمي المندوب الجديد للأمم المتحدة ولجامعة الدول العربية دخل إلى الثورة السورية وهو يحمل مفهوم خاطئ . فهو يحمل مفهوم “الحرب الأهلية” , وليس مفهوم ” ثورة شعبية ” ضد نظام غاشم سفاح قاتل يقتل شعبه بكل الأدوات المتاحة له , من السكين إلى القنابل الفراغية.
وهذا المفهوم بدأ يطغى على المشهد الإعلامي وبدأنا نجد الكثير من المسئولين في عالمنا اليوم يحاول تحويل الثورة السورية إلى نوع من الحرب الأهلية. وإعطائها صبغة “حرب أهلية” , ونفي شرعية الثورة الشعبية عنها.
الحرب الأهلية كما تعرّف هي الحرب الداخلية في بلد ما التي يكون أطرافها جماعات مختلفة من السكان. كل فرد فيها يرى في عدوه وفي من يريد أن يبقى على الحياد خائنا لا يمكن التعايش معه ولا العمل معه في نفس التقسيم الترابي.
وهذا التعريف غير موجود في الحالة السورية . فنجد أن الثوار السوريون ينتمون إلى كل فئات المجتمع وأطيافه ومدنه ومناطقه , فهي حركة عامة الشعب السوري , ليس جماعة معينة أو طائفة معينة مقابل طائفة أو فئة أخرى.
نرى مثلا الجيش السوري الحر يحاول حماية الأشخاص والعائلات التي تحاول الهروب من ظلم نظام الأسد واللجوء إلى الأردن أو تركيا , بينما جيش نظام الأسد يحاول قتلهم . فالجيش الحر اعتبرهم ضحايا , بينما نظام الأسد اعتبرهم مجرمون يستحقون القتل.
و قيام نظام الأسد بقصف المدن من الأرض والجو دون تفريق بين من هو مقاتل أو غير مقاتل , طفل أو شيخ , امرأة أو رجل , قصف عشوائي بكل ما تعنيه ألكلمه . وبكل أنواع الأسلحة , بينما الجيش الحر يحاول منع دخول جنود وشبيحة النظام إلى المدن والقرى , لأنهم حينما يدخلون للمدن والقرى والأحياء يقومون بقتل السكان , وذبح المواطنين ذبحا بالسكاكين وقتلا بالرصاص بما نسميه محاكمات ميدانية , وكم عثر المواطنون على ضحايا من هذا النوع بعد طرد او انسحاب جيش الأسد من بعض المناطق.
الثورة السورية هي حرب يشنها نظام سياسي حكم البلد عقود طويلة , ويملك مختلف أنواع السلاح بري أو جوي , مقابل شعب خرج يريد التغيير , ويرغب في نيل ابسط الحقوق الشرعية التي تكفلها كل القوانين.
المصطلح الحقيقي والذي يتجنب الإعلام التحدث به هو ” الثورة السورية ” فحينا يسميها الأزمة السورية وأحيانا يسميها الحرب الأهلية.
فالثورة كما تعرّف هي” حركة سياسية يحاول الشعب أو الجيش أو مجموعات أخرى في الحكومة إخراج السلطة الحاكمة. يستخدم هذه المجموعات الثورية العنف في محاولة إسقاط حكوماتها. يؤسس الشعب أو الجيش حكومة جديدة في البلد بعد إسقاط الحكومة السابقة. ويسمى هذا التغيير في نظام الحكومة (أوفي القادة الحاكمة) ”الثورة“ لأنه يصبح إلى السلطة الحاكمة الجديدة. “
إذن نحن أمام ثورة شعبية , ولسنا أمام حرب أهليه ولكن لماذا يسعى الكثيرون إلى وصفها بالحرب الأهلية؟
أن هذا مما استطيع أن ادعوه بالعهر السياسي , فحينما تجد دول العالم أن ما يجري من مجازر يومية وقتل وذبح للمدنيين. وقصف المدن , وهو يقف موقف المتفرج , لا يحاول وقف هذه المذابح لأن نتائج نجاح الثورة يخالف مصالحة الإستراتيجية , يجب أن يعرفها تعريفا يتيح له مجالا اكبر للحركة , ولراحة الضمير (النائم) , وتعريفها كحرب أهلية يجعله في حل من نصرة فريق على فريق.
الكتلة التي تقف مع نظام الأسد , إيران وروسيا والصين تسميها مؤامرة عالمية أو كما دعاها نظام الأسد ” مؤامرة كونية ” على نظامه . لتعطي نفسها الحق بمساعدة نظام الأسد.
والكتلة التي تقف معارضة لنظام الأسد , سواء تركيا وأوربا وأمريكا أو الدول العربية أصبحت تسميها حرب أهلية . وذلك لتعطي نفسها الحق بعدم مساعدة ثوار سوريا , وعدم تسليح الجيش السوري الحر.
أتمنى توحد المقاتلين السوريين أو من تسميهم وسائل الإعلام ” المعارضة المسلحة” تحت لواء واحد وتحت إدارة الجيش الجر.
كما أتمنى توحد المعارضين السياسيين في الخارج تحت لواء واحد , بحيث يكون للثورة السورية جيش واحد وقيادة سياسية واحدة , فبدون تحقيق الوحدة داخلا وخارجا سيسقط الآلاف الضحايا الجدد.
بالطبع , وبأذن الله ستنجح الثورة السورية , لأن هذا هو طبيعة الأمور , وهذه هي سنن الكون , فلن يتغلب حاكم على شعب ثائر , ولكن على من يتولى قيادة الثورة أن يحاول تقليل عدد الضحايا عبر توحد الكلمة والرؤية والاتجاه , وعندما يفشل في هذا فلن ينسى التاريخ , ولن ينسى الشعب , ولن تنسى الآمة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً