«حسني بي» يتحدّث لـ«عين ليبيا» عن أسباب النقص النقدي وطرق معالجته

بعد حل أزمة المصرف المركزي، وتعيين محافظ ومجلس إدارة جديد، يحاول المحافظ ونائبه احتواء أزمة نقص السيولة من خلال ضخ عملة ورقية تُقدر بقيمة 5 مليارات دينار، بعد أن طفت إلى الواجهة أزمة تجلت بشكل واضح خلال الأسابيع الماضية، قبل توزيع السيولة الأخيرة، تمثلت في النقص النقدي للتداول، وعرضت صفحات التواصل الاجتماعي صورا لاصطفاف المواطنين أمام مصارف في البلاد للحصول على السيولة، فما أسباب هذه الأزمة وكيف يمكن تجاوزها؟

وحول هذه الأزمة، قال رجل الأعمال حسني بي لشبكة “عين ليبيا” “إن طباعة المزيد من النقود في ليبيا ستوفر النقود الورقية ولكن لن تحل أزمة اختفاء النقود”، مشيرا إلى أن “طبع النقود يحل الأزمة مؤقتا ولكن لا تمثل الحل الدائم لأزمة نقص السيولة”.

وأضاف حسني بي: “إذا ما تزامن طبع العملة مع ارتفاع عرض النقود، فتأثيره سوف يكون تضخمي”، قائلا: “طباعة العملة إذا ما تزامنت مع انخفاض في اجمالي عرض النقود فذلك نتاج إيجابي”.

وتابع: “بعض الدول مثل فنزويلا، العراق، الصومال وزيمبابوي، قامت جميعها بطباعة النقود مع ارتفاع عرض النقود، مما أدى لنمو التضخم وانهيار القيمة الشرائية”، وأشار إلى أن “طبع النقود بهذه الدول خلقت مشكلة بدلاً من معالجة الأسباب لأساسية لنقص النقود بالدول”.

وأردف حسني بي: “الأساس مشكلة التضخم ونقص النقود بالتداول مصدره تمويل الميزانيات العامة والإنفاق الحكومي بالعجز”، مضيفا: “نمو عرض النقود من خلال طباعة العملة يتسبب في ارتفاع معدلات التضخم ويتبعها الانهيار حتى وإن تم حل مشكلة توفر العملة مؤقتة”.

وحول مسببات نقص النقود في ليبيا، بحسب حسني بي تتمثل في:

– التقرير الربع سنوي لمصرف ليبيا المركزي يشير إلى أن إجمالي النقد الورقي بالمتداول يبلغ 43 مليار دينار ليبي، وأن الودائع بالمصارف التجارية، تعدت 110 ملياردينار في نهاية يونيو 2024.

– إجمالي كمية عرض النقود ومنها النقود الورقية (63 مليار ورقي+ 110 مليار ودائع) مما يجعل إجمالي عرض النقود الحقيقي 173 مليار دينار وليس 153 مليار دينار كما ورد بآخر تقرير ربع شهوي صادر في آخر يونيو 2024.

– التقارير الربع سنوية للسلطات النقدية المتمثلة في مصرف ليبيا المركزي لم تشير للعملة الورقية المطبوعة في روسيا والمقدرة عشرين مليار دينار، على الرغم من أن هذه العملة اصبحت قانونية بنسبة 100٪ ولم يتم الإعلان عنها بأنها أموال مزيفة او مزورة، لهذا فإن إجمالي النقد الحقيقي مع المتداول هو 63 مليارً دينار ورقية، وليس 43 مليار دينار كما هو وارد بالتقارير”.

وأوضح حسني بي أن الأسباب الجوهرية والأساسية لأزمة نقص النقود ترجع لثلاثة أسباب رئيسية وهي:

– أولاً: لدينا نظامين للمقاصة المصرفية لم يتم توحيدهما، بالرغم من ان شركة DeLoitte اوصت بتوحيدهما ضمن مقاصة موحدة منذ عام 2020 (بعد انقطاع وفصل دام 7 سنوات أو منذ عام 2014)، وها نحن الآن في عام 2024 وبعد 4 سنوات من التوصية بالتوحيد إلا أننا نواصل العمل بنظامي مقاصة وندّعي أننا ننقل أرصدة، والواقع أننا ننقل مديونيات لمصرف ليبيا من الشرق إلى الغرب.

– ثانيًا: بسبب تمويل الميزانيات الحكومية بالعجز أو بدون شراء الدينارات المتوفرة بعرض النقود، فاإننا في الواقع نخلق بذلك نقود وأموال افتراضية (لا وجود لها) عن طريق تمويل الميزانيات العامة، حيث يتم خلق دنانير ليبية لا تمتلكها الحكومة ولا يمتلكها مصرف ليبيا المركزي… إن أموال المركزي باستثناء رأس ماله ليست إلا الاحتياطيات من الدولار والذهب، وإن إيرادات وأموال الحكومة ليست إلا دولارات النفط وتمثل 93٪ من الإيراد العام، ومن هذا نستنتج بأن المركزي والحكومة لا توجد أو تتوفر لديهما دنانير ليبية، وإن قيام أي منهما بأوامر دفع دينارات ليبية لا يمتلكونها ولا يشترونها من القاعدة النقدية، تنتج طلبا متزايدا وإضافيا على أموال غير موجودة فعليا، لذلك فإن المركزي عن نفسه وعن الحكومة يقوم بإنشاء أو خلق المال من عدم، ومن ثمّ يخلقون طلب متزايد على أموال غير موجودة، ومنها تفاحل أزمة نقص النقود بالتداول”.

– أما السبب الثالث لنقص السيولة فهو “فشل أو تأخير مشغل المدفوعات الوطنية للدفع الإلكتروني، في ربط جميع المرخص لهم من مزودي أنظمة الدفع الإلكتروني في منظومة واحدة وموحدة، بالرغم من أن مصرف ليبيا المركزي أصدر تعليماته لمشغل منظومة المدفوعات الوطنية بدمج جميع المشغلين المرخص لهم، إلا أن شركة معاملات المشغلة لمنضومة المدفوعات الالكترونية الوطنية كانت تاجل الربط، حسب اعتقادي المشغل لازال يقاوم التكامل والضم، والمشغلين ينتظر الوفاء بالوعود اخرها الوعد بالربط و الدمج خلال هذا الأسبوع”.

واستطرد رجل الأعمال حسني بي قائلا “إن طباعة النقود لن تحل مشكلة النقص النقدي بالتداول، بل على العكس، ستؤدي إلى التضخم خاصة إذا كانت سبب في نمو عرض النقود”، مضيفا: “أتمنى أن ينخفض عرض النقود إلى حد أقصى لما كان عليه نهاية عام 2022، حتى يكتسب الدينار قوته واستقرار سعره”.

وختم بالقول: “خلق النقود من عدم من خلال قيود افتراضية لدنانير غير متوفرة وغير مملوكة من قبل المركزي أو الحكومة ينتج عنه مضاعفة أزمة نقص السيولة، ولهذا يجب معالجة الأساسيات في ظهور هذه المشكلة لمعالجتها جذريا”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً