لا شك أن الأحداث الحالية متوقعة بسبب الإنسداد السياسي وتدهور حالة المواطن الليبي. كان ممكن أن يستمر التغيير السلمي بخروج الجموع إلى الساحات والمطالبة بإسقاط مجلس النواب والمجلس الرئاسي ومجلس الدولة، وبضغوط شعبية حضارية تشل حركة الدولة وتدعن هذه الأجسام المهترئة لمطالب الشعب، هذا الأسلوب الحضاري الذي به تُبنى المؤسسات لم يتجذر بعد بسبب التعويل المستمر على أصحاب القبعات البيضاء من الكثير من الساسة النفعيين وأشباه المثقفين، والركون إلى القبلية المقيته لحل معضلات الأمة، وذلك سراب في سراب. الجميع يعلم أن أي قوة مسلحة تحتاج إلى ميزانية تسييرية كبيرة لا تتوفر بالطرق القانونية في الوضع الحالي، ومع تعدد هذه القوى تشح الموارد ويكون التكالب كبير على مؤسسات الدولة من أجل الحصول على اموال مشروعة وغير مشروعة.
المشكلة الحالية حق أريد به باطل، فاللواء السابع الذي أشعل نار الحرب من أجل تطهير طرابلس من مليشيات نهب المال العام هو مليشيا كذلك، والغريب أن عضو مجلس النواب عن ترهونة محمد العباني يؤيد هذا اللواء ويشجعه على الحرب ويتقمص رداء القبلية بأن ترهونة ستحرر طرابلس وليبيا!! حيث يقول أن أكثر ضباطه وجنوده من اللواء 32 المعزز (السئ السمعة). ويقول السراج أن اللواء ثم حله في أبريل الماضي. ورغم أن اللواء السابع يعلن تبعيته لحكومة الوفاق فالحكومة تتبراء منه، وأن قيادة الجيش في بنغازي لم تعلن تبعيته لها، فالسؤال من يمول ويدعم هذا اللواء؟ ومن المنتفع من أعماله؟ ونحن نعلم جرائمه في القره بوللي وفي قصر بن غشير وحروبه المستمرة للحصول على إيرادات سوق الأحد ومحلات الرابش بابوسليم وتشريده لعائلات في ترهونة. هذا المنطق القبلي تعوزه الحكمة والحنكة، فالحروب لها أوزان وأحجام، والدخول في حرب خاسرة لا يدفع ثمنها سوى المواطنين الابريا وممتلكاتهم والمغرر بهم من صغار السن، دخول هذا اللواء شجع الغريم لهم (قوات بادي) لدخول طريق المطار، وشجع فرسان جنزور للتحرك إلى المنطقة الغربية من المدينة، وشجع قوات عماد الطرابلسي بتكليف للأنضمام للمعركة، ولا شك أن جميع التشكيلات المتناحرة في السابق ستكون في معركة حامية الوطيس، الرابح فيها أشد خسارة من غيره.
السيناريو الواضح أن ما يتم الترويج له لتطهير طرابلس من أهل ترهونة (جنوب شرق طرابلس) هو نفسه الذي روج له عند العواقير (جنوب شرق بنغازي) لتطهير بنغازي، وكانت النتيجة ألاف الموتى والمبتورين، ثم ألقي بابنائهم في المكبات والسجون. الثقافة العربية مليئة بالحروب القبلية الخاسرة مثل داحس والغبراء وعطر منشم وحروب بكر وتغلب، وإستحضار تلك الحروب تخلف إجتماعي كبير في عقول أشباه المثقفين المنظرين للقبائل، وينطبق عليهم قول الشاعر: إذا كان الغراب دليل قوم *** يمر بهم على جيف الكلاب.
قرار الحرب الأرعن روع المدنيين وقتل الأطفال وهجر العائلات وشجع المجرمين على الإنضمام للطرف المقابل العدو. الحروب لا تصنع سلام، والقبلية لا تبني دول، فالقوات المتواجدة حليا ليس فيها من له ثقل أعلى، ولا سلاح أقوى، أو رجال منظمين أعتى، بل معظمهم صبيان غرر بهم، باحثين عن العمل سئموا طلب الحاجة، فاشلين في الدراسة لم تتاح لهم مصادر المعرفة، وجدوا أنفسهم أمام غاوين مؤدلجين تحركهم حمية العرق الجاهلية أحيانا والتشدد الديني سابق الدفع أحيانا كثيرة، وفي الحالتين يتلقون دعما من قوى إقليمية تريد إدامة الفوضي في البلاد إن لم تسطيع تنصيب عملاء لها.
مرة أخرى لن يكون هناك حلا عسكريا بل إنتخابات برلمانية ورئاسية تفرز قيادات جديدة لها القدرة على وضع الأمور في نصابها، من توحيد مؤسسات الدولة، وحل المليشيات المسلحة، وتجميع السلاح في مؤسسات الدولة الدفاعية، ومعالجة الأزمات الإقتصادية الخانقة، وإنشاء مؤسسات دولة تستطيع القيام بمهامها خارج عن المراهقة السياسية الحالية.
أما عن الضغط الشعبي فيجب ان يكون موحدا بالخروج في إعتصامات ومضاهرات مستمرة لإسقاط الأجسام الحالية وعدم إحترام تسويفها ووعودها ومنكافاتها وترهاتها فجميع ما يصدر منهم لا يعدوا ان يكون مسكنات من إجل إستمرار مهياهم ومزاياهم وإستمرار معانات الشعب في طوابير طويلة لا حد لها. بالمقابل لن تسطيع قوى أجنبية أو إقليمية اي كانت أن تؤثر على القرار الليبي إن كان وطنيا خالصا، ولكنها تستطيع أن تديم الفوضي إن كان القرار من أجل فئة أو مجموعة عميلة، ولنا في قصة إستقلال ليبيا من الاباء المؤسسين عبرة، فبين طلب الوصاية والبقاء على المستعمرات أو ربط التبعية كان الإستقلال.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
الرجوع الي الصفر …. يعتبر تقدم في الحالة الليبيية …. ناقص مائة … الي الصفر تقدم شنيع مائة درجة ….. ماذا كنت تنتظر اخي الدكتور عيسي ؟؟؟ !!!
مجريمين وقطاع طرق استولوا على السلاح وتمكنوا من مفاصل الدولة في العاصمة واصبحوا يبتزون المصارف والوزارات و مؤسسات الدولة .. ذلوا النساء والشيوخ في طابور المصارف بل وصل الحد لقتل بعضهم. تمدد هذا الوحش وأصبح يتحكم في الاعتمادات و قوت الليبيين .. أخدوا العملة الصعبة وارسلوا لنا حاويات التراب .. ألان يطل علينا هذا الكاتب ليقول لنا هذه الحرب على هؤلاء مش معقولة !!!