حادثة مرت بي يوم 21/11/2016 وتعلمت منها الكثير رغم الضرر الذي حملته لي في مظهرها وعديد المواطنين الشهداء والمصابين منها وقد كنت من ضمن المصابين، لعل كتابتي الآن لما تعلمته من تلك الحادثة تسهم ولو بالقدر الضئيل في تصبير أهالي الضحايا الشهداء والجرحى المصابين من حادثة التفجير الإرهابي الذي حدث الأمس 23/1/2018 في منطقة السلماني بمدينة بنغازي الحبيبة والتي وصل عدد ضحاياها إلى عدد كبير مقارنة بالأحداث الإرهابية المماثلة، مصابكم جلل وعزاؤنا واحد إنا لله وإنا إليه لراجعون، نسأل الله أن يتقبل الموتى شهداء وأن يدخلهم بواسع رحمته فسيح جناته رفقة الشهداء والأبرار والصديقين وحسن أولئك رفيقا وأن يشفي المصابين ويلهمنا وجميع أهلهم جميل الصبر والسلوان، حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من أراد ببلادنا وأهلنا سوءا هو وحده قريب مجيب الدعاء كفيل بأن يدحر الإرهاب والتطرف من العالم أجمع بالأسباب التي يرتضيها سبحانه بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
كل حدث يمر بك يحمل في طياته كما هائلا من المعلومات المفيدة عليك أن تستفيد منها وتفيد غيرك بها لا أن تتجاهلها فهي لحكمة ما أتت إليك، لقد مرت بي ذات يوم حادثة استفدت في جوهرها رغم الضرر الذي قد حملته لي في مظهرها وعديد المواطنين الشهداء والمصابين منها، أما عن الشهداء فأقول لكم قول الله تعالى في كتابه العزيز عنهم: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، نسأل الله أن يتقبل الموتى من مثل هذه الحوادث الإرهابية شهداء عنده ويدخلهم بواسع رحمته فسيح جناته رفقة الشهداء والأبرار والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وأما عن المصابين وقد كنت من ضمنهم فأقول إن معرفة الصبر والشكر والرضا بقضاء الله وقدره في مثل هذه الحوادث وفي كل الأحوال هبة من الله تعلمتها من هذه الحادثة وجب شكر الله عليها دائما وأبدا، ولقد تعلمت أن الله يلهم الإنسان الدعاء في أحنك الظروف والمحن لحكمة هو يعلمها، وأن الخير يكمن بين صبر وشكر لله في كل الأحوال، تصديقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَتَاهُ الأمْرُ يَسُرُّهُ، قَالَ: ((الـحَمْدُ للـهِ الَّذِي بِنِعْمَتهِ تَتِمُّ الصَّالِـحَاتُ))، وإذَا أتَاهُ الأمْرُ يَكْرَهُهُ، قَالَ:((الـحَمْدُ للـهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ)). ولقد تعلمت أيضا من هذه الحادثة أن حسبي الله ونعم الوكيل هي أقوى سلاح على وجه الأرض كفيل بأن يدحر الإرهاب والتطرف أينما كان وحيثما وجد بالأسباب التي يرتضيها الله سبحانه وتعالى، تصديقا للمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد صح عنه أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل في غزوة حمراء الأسد، عندما قال له ركب من عبد القيس إن قريشا قد أجمعوا الرجعة عليكم فأنزل الله تعالى في ذلك: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) {آل عمران:173}. لقد تعلمت من هذه الحادثة الكثير الذي لم يكن لي سابق بمعرفته فالحمد لله على كل حال وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ذلك أنه في ظهيرة يوم 21/11/2016 وعلى تمام الساعة 12:45 تقريبا، وأثناء خروجي من مقر عملي متوجها إلى المركز الصحي بمنطقة الحدائق في مدينة بنغازي للاستفسار عن بعض الأدوية غير المتوفرة سابقا، وفي أثناء مروري بسيارتي بالقرب من مستشفى الجلاء ببنغازي وفي ظل سير السيارات ببطء بسبب الازدحام الشديد في ذلك الوقت حدث الانفجار الإرهابي على مقربة مني ومن عديد المواطنين الذين يسيرون بسياراتهم على الطريق المقابل للمستشفى. في كل محنة منحة تأتي بالصبر والشكر لله على كل حال، إني لأتذكر ذاك اللفظ الذي تلفظت به أثناء مرور الحادثة، غبت عن الوعي للحظات لأصحو فأجد نفسي مشتعلا وسط سيارتي المشتعلة ووسط اشتعال سببه ذاك الانفجار، تمثل اللفظ في دعاء لم أرتب له، خرج حينها من تلقاء نفسه على طرف لساني حينما استيقظت وسط الاشتعال. لقد استشهد إثر ذاك الانفجار الإرهابي ما يقاب عن سبعة مواطنين رحمة الله عليهم جميعا وإصابة ما يقارب عن إحدى وعشرين مواطنا بين إصابات بليغة ومتوسطة وقد كنت من بين المصابين أسأل الله أن يعجل بشفائهم جميعا ويحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء.
ذاك الدعاء الذي كان بعد إفاقتي مشتعلا وأنا بداخل سيارتي المشتعلة في دائرة اشتعال تضم سيارتين مشتعلتين من على جانبي سيارتي وهذا كل ما كان بإمكاني رؤيته، خرج الدعاء متسلسلا أثناء استيقاظي مباشرة واستطعت بفضل الله الخروج سريعا من النافذة اليمين لسيارتي وأنا مشتعل، لأصعد فوق السيارة المشتعلة التي تليها فألقي بنفسي على ضفة الطريق الأخرى فأسمع دوي انفجار سيارتي والسيارات المجاورة لها أيضا. اللهم احفظنا بحفظك التام وارعانا بعينك التي تنام. هذا هو الدعاء الذي كان يتردد على لساني حينها حتى سقطت على الضفة الأخرى من الطريق ليسعفني أثناء ذلك اثنين من جملة الناس التي كانت تقف مذهولة من الدخاخين والنيران والسيارات المشتعلة وتم إسعافي لمستشفى الجلاء ببنغازي والذي كان على بعد خطوات من حادثة الانفجار.
لقد تذوقت ذاك الدعاء كأني لم أناجي ربي قط قبل ذلك اليوم، ويليه اللفظ الذي تلفظته لأول مرة في حياتي وأنا بداخل المستشفى بقسم الإسعاف والحروق: الحمد لله على كل حال. أحمد ربي دائما ولكنني لم أحمده بهذه الصيغة التي جرت على طرف لساني حينها دونما أدنى ترتيب مني لقولها حقيقة، فالحمد لله على كل حال وحسبنا الله ونعم الوكيل. لم أكتب عن هذه الحادثة التي مرت بي قبل الآن، رغم أنني أكتب بصفة أسبوعية تقريبا في مجالات عدة في بعض الصحف المحلية والدولية، ولعل سبب كتابتي لهذه الحادثة الآن هو الحادثة المماثلة التي حدثت يوم الأمس في منطقة السلماني بمدينة بنغازي الحبيبة والتي ذكرتني بالحادثة التي مرت بي سابقا، ولنفع أضيفه لنفسي ولغيري عن ما تعلمته من هذه الحادثة وتجربتي الخاصة معها، ولما ذكرته أعلاه في بداية المقال. لله حكمته في كل شيء، لقد تعلمت أن المؤمن بقضاء الله وقدره يعلم تماما أن أمره من الله كله خير بين صبر وشكر، صبر في الضراء وشكر في السراء، لقد تعلمت أن الخير يكمن هنالك في السراء والضراء سواء تصديقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: “عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ”.
من يلهمك الدعاء والرضا بالقضاء والصبر والشكر لله على كل حال وفي وسط أحنك الظروف؟! إنه الله بلا شك، الله العطوف الرؤوف الرحيم بعباده، سبحانه وتعالى عما يصفون. لقد تساءلت مع نفسي قبل كتابتي هذا التجربة التي مرت بي وبعد مرور أكثر من عام في تلقي العلاج، سألت نفسي: أرأيت الضرر الذي حدث لك ذات يوم؟! ألم ترى النفع في أثنائه؟!؛ فأجبت: حتما رأيت؛ إنه الدعاء والرضا بقضاء الله وقدره والصبر والشكر لله على كل حال، في كل محنة منحة تأتي بالصبر والشكر لله على كل حال. وحسبنا الله وحده ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير في كل من يريد بأهلنا وأرضنا سوءا، ورحمة الله تعالى على شهداء حادثة الانفجار التي حدثت في منطقة السلماني بمدينة بنغازي الحبيبة يوم الأمس ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى والمصابين وأن يلهم أهلهم ويلهمنا جميعا جميل الصبر والسلوان، الإرهاب ينتهي كل يوم بل كل لحظة ونهايته إلى زوال من العالم أجمع بإذن الله وفضله ومشيئته، لا محالة من ذلك أبدا، آمل أن تكونوا قد استفدتم من هذه التجربة البسيطة لهذا الإنسان البسيط الذي يكتب إليكم الآن ولو بالقدر الضئيل، لا ضرر ولا ضرار كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، والحمد لله على كل حال.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
بنغازي الغالية منها ياتي الجديد وهي عماد الهوية الوطنية ومنها رحل تجار الاشتراكية وتجار الدين كلاهما الى ارشيف التاريخ فعشتي يا حبيبتي الغالية
ما اروعكي يا حبيبتي بنغازي الغالية كسارة الخشوم الدجالين من تجار دين وتجار اشتراكية معا