تحدث الكثير عن خروج ليبيا من قائمة جودة التعليم أفرادا وصحفا محلية أساتذة وكتّابا لم يعيرني الأمر اهتماما كبيرا ليس لأنه غير مهم فالتعليم هو أساس بناء الدول، ولكن لمعرفتي أن تردي التعليم ومستواه المتدني في بلادي لا يحتاج منا لتقرير ولا لحيرة وشطط وغضب منا كبير لأن الأمر حق نعيشه ونراه كل يوم، نراه في مدارسنا ونراه في جامعاتنا ونراه في التخبط الإداري والفساد المالي في كل ما يتعلق بالتعليم من الوزارة إلى الوزير وما بينهما وفوقهما كثير. فلماذا الاستغراب؟ فالاستغراب من الاستغراب نفسه استغراب، ولكنّ العمى عمى البصيرة ويبدو أننا لا نرى لا القليل ولا الكثير مما يدور حولنا، فكيف بمواطن ليبي ناهيك عن أستاذ جامعي أن يستغرب أن ليبيا سقطت من قائمة جودة التعليم المزعومة التي قيل إنها صادرة من تجمع دافوس الاقتصادي؟؟!!! أقول إن ليبيا ساقطة بقضها وقضيضها فلما الاستغراب!.
قلت إن هذا التقرير مزعوم، ولأفهم التقرير وما جاء فيه قبل الغوص فيما جاء فيه ولأنني لا أجيد السباحة في الأعماق فالحذر دائما صاحبي ورفيقي بحث وحاولت مرارا وتكرارا أن أجد أثرا لهذا التقرير فلم يكن النجاح حليفي في هذه ولأنني لا أحتاج لدفوس أو لإبن دافوس أو لإبن أخي دافوس وأقصد هنا أمريكا وحليفاتها ليخبرني أن التعليم في بلادي يحتضر ويوشك أن يموت من الإبتدائي إلى الجامعي وما بينهما.
ولنترك دافوس وأخواتها جانبا لنهتم ونستعرض قليلا من كثير مما نعانيه في التعليم، أقول إن مؤسسات المجتمع يشد بعضهها بعضا فهي كالجسد الواحد إذا ما مرضت مؤسسة مرضت الأخرى والتعليم ليس استثناءً من هذه القاعدة فكل مؤسساتنا التعليمية وغيرها مريضة بداء عضال مستعص في درجته المتقدمة ويشمل ذلك المبنى، الأجهزة والأدوات، الموظفين، المدرسين بما في ذلك رؤساء المؤسسات من وزراء إلى ما دون ذلك. إن الإصلاح يجب أن يشمل جميع مؤسساتنا التعليمية والصحية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها فلا مجال لإصلاح مؤسسة دون أخرى فالمجتمع وحدة واحدة لا تنفصل وإنما تكمل حلقاتها الأخرى.
إن التعليم الجيد هو أساس بناء المجتمعات وتقدمها وهو الطريق لتحقيق الأمن الإجتماعي والرفاهية ألسنا من يسمي مرحلة التعليم الإبتدائي والإعدادي بالتعليم الأساسي فهو أساس بناء الإنسان الذي يفهم من خلاله حقوقه وواجباته تجاه نفسه ونحو مجتمعه وهذا يحتاج لعمل وإخلاص ومثابرة وقلبا ممتلئ بحب الوطن ولنأخذ موضوعنا التعليم كنموذج من التردي الذي نعيش فيه، بداية من المبنى المدرسي المتهالك في أغلبه من حيث المحتويات فأغلب المدارس حالة فصولها الدراسية يرثى لها، الوسائل التعليمية لا تتكلم عنها لأنها في الأصل غير موجودة، والحمامات في مدارسنا وزد عليها في جامعاتنا مفقودة، الملاعب، الأنشطة المختلفة، الفساد الإداري، تكدس المدرسين والموظفين في المدارس، الكفاءة، ولو استمرينا لما انتهينا.
أما جامعتنا فلا تَقلّ سوءا عن أخواتها في التعليم الأساسي والثانوي فلا إمكانيات ولا قاعات ولا مدرجات صالحة ولا معامل ولا مواد ولا مكتبات ولا إمكانيات وإذا سألت عن تكدس أعضاء هيئة التدريس فموجود وإذا تحدث عن الكفاءة ففي الأمر ما يقال فالكم موجود والكيف مفقود ناهيك عن الفساد الإداري والمالي بجميع ألوانه وأنواعه فحدّث ولا حرج. جامعات بدون مكتبات وهذه مقتطفات وقليل من كثير لا يسع المقام هنا للتفصيل فيه، ولكن يجب أن نعلم أننا بعيدون عن واقع وطريق إسمه التقدم ولو بدأنا لوصلنا؟ فالتقدم يتحقق بالأفعال لا بالأقوال.
أين نحن اليوم؟ لا شك أن الإكتفاء بالتوقعات والكلام والأحلام وحدها لا تكفي، نحن لا زلنا بعيدين عن الإصلاح والإتقان سواء في التعليم أو غيره لأننا ببساطة لم نعرف طريق التقدم ناهيك عن السير فيه نحن في تخبط كتخبط المصاب بالصرع فهل يستطيع المصاب بالصرع أن يتخذ قرارا أثناء نوبة الصرع؟ حتما لا، فنحن في نوبة قل مثيلها، ونحن وحكوماتنا مثل المصاب بالصرع تماما فظروفنا السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية سيئة للغاية والدولة عندنا تكاد تكون معدومة؟!.
أين نحن ذاهبون؟ إن طريقنا غير واضح المعالم تقاذفنا رياح الحرب والجريمة المنظمة والأنانية محليا، وتلعب بنا مخابرات الدول عربية وأعجمية عالميا فنحن لازال تفكيرنا وثقافتنا بعيدة جدا عن تكوين الدولة مفهوما وإذا كنا بعيدين عن الفهم لمعنى الدولة فنحن إذاً أبعد من تحقيقها واقعا ومع هذا الفهم والواقع الذي نعيشه لا إصلاح في التعليم ولا غيره ففاقد الشيء لا يعطيه.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً