أفادت تقارير إعلامية مغربية، اليوم الأربعاء، بأن الرباط سحبت سفيرها وقنصلَيها لدى الإمارات، بسبب عدم تعيين سفير إماراتي في الرباط بعد عام من شغور المنصب، في حين لم يصدر من السلطات المغربي أي إعلان رسمي أو تعليق حول الموضوع.
ونشر موقع “مغرب أنتلجنس”، تقريراً اليوم الأربعاء، قال فيه إن أزمة دبلوماسية غير مسبوقة اندلعت بين المغرب والإمارات؛ حيث سحب المغرب سفيره في أبوظبي محمد آيت وعلي، منذ الأسبوع الماضي، والذي ظل في منصبه أكثر من 9 سنوات، كما تم استدعاء القنصلَين المغربيَّين في دبي وأبوظبي.
وبحسب الموقع، فإن الرباط أفرغت أيضاً سفارتها في أبوظبي من جميع المستشارين والقائم بالأعمال؛ وهو ما قلل من تمثيليتها الدبلوماسية بشكل كبير.
وأرجع مسؤول مغربي للموقع، أسباب هذا التطور إلى موقف الإمارات، التي لم تُعيِّن إلى الآن سفيراً لها لدى المغرب منذ نحو عام.
من جهته أفاد موقع “برلمان كوم” المغربي، بأن العلاقات بين البلدين ليست على ما يرام، بعد سحب السفيرين.
ونوه الموقع بأن العلاقات بين البلدين تمر بفتور تعكسه مؤشرات عديدة، على رأسها عدم توفر الإمارات على سفير في الرباط منذ أزيد من عام، وهو الأمر الذي عزز الأزمة بينهما ودفع المغرب إلى سحب سفيره من أبوظبي.
ولفت موقع “برلمان كوم” المغربي إلى أن أبوظبي تنظر بعين الريبة إلى العلاقات الجيدة التي تربط المغرب وقطر، الدولة التي تحاصرها السعودية والإمارات.
وتتزامن هذه التطورات في وقت تشارك فيه القوات المسلحة المغربية في المناورات العسكرية “الحارس المنيع” التي تنظمها قطر في إطار استعداداتها للمساهمة في تأمين كأس العالم لكرة القدم 2022، وتستمر هذه المناورات حتى 27 من الشهر الجاري.
وتأتي مشاركة المغرب في المناورات بعد أيام قليلة من إعلان وزارة الداخلية المغربية عقدها جلسات عمل مع مسؤولين قطريين، خصصت لتدارس سُبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين في ميدان تأمين التظاهرات الرياضية الكبرى، في أفق تنظيم كأس العالم 2022.
وقالت الداخلية المغربية في بيان لها، إن عقد تلك الجلسات أتى “تجسيدا للعلاقات الإستراتيجية والمتميزة التي تربط المملكة المغربية ودولة قطر بفضل الأواصر القوية” التي تجمع الملك محمد السادس بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وفقاً للوزارة.
وفي سياقٍ ذي صلة، تشهد العلاقات المغربية الإماراتية “فتوراً” غير مسبوق، تعكسه مؤشرات عديدة، وذلك منذ اندلاع الأزمة الخليجية في يونيو/حزيران 2017، حين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين علاقاتها بالدوحة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، نشرت وسائل إعلام مغربية خبراً عن مغادرة السفير الإماراتي في الرباط، علي سالم الكعبي، المغرب؛ بناء على “طلب سيادي عاجل”، من دون توضيح تفاصيل.
واختار المغرب التزام الحياد، خلال الأزمة الخليجية المستمرة حتى اليوم، وعرض القيام بوساطة بين الأطراف المتنازعة، كما أرسل طائرة محمَّلة بالمواد الغذائية إلى قطر، وزار العاهل المغربي الدوحة لاحقاً، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، والتقى أميرها.
وفي 27 مارس/آذار الماضي، تحدَّث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي بالعاصمة الرباط، عما فُهم بأنها أربعة ضوابط لاستمرار التنسيق مع الإمارات والسعودية، بحسب مراقبين.
وتتمثل أول هذه الضوابط في أن السياسة الخارجية مسألة سيادة بالنسبة للمغرب، وثانيها أن التنسيق مع دول الخليج، خاصةً السعودية والإمارات، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين، وثالثها أن التنسيق بين الطرفين يجب ألا يكون حسب الطلب، ورابعها أن التنسيق يجب أن يشمل جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل الأزمة الليبية.
وفي ذات الصدد، نشرت وكالة “الأناضول” للأنباء، العام الماضي، تقريراً تحليلاً بعنوان “العلاقات المغربية الإماراتية.. أزمة “صامتة” تخرج للعلن”.
وقالت الوكالة إن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بدأ في 8 أبريل/ نيسان الماضي، جولة شملت كل دول الخليج، ما عدا الإمارات.
وخلال جولته، سلم بوريطة رسائل من العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى كل من: أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، وأمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عمان قابوس بن سعيد.
ولفتت “الأناضول” إلى أن المعرب اختار الحياد، منذ بداية الأزمة الخليجية، وعرض القيام بوساطة بين أطرافها.
وأشارت إلى أنه على مدار أشهر، ظلت الأزمة بين المغرب والإمارات مكتومة، حتى ألمح إليها بوريطة، خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة”، في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وكشف بوريطة عن إجراء المغرب تقييما شاملا لمشاركته في الحرب السعودية الإماراتية في اليمن، وتخلفه عن المشاركة في المناورات العسكرية للتحالف العربي، وعدم مشاركته في بعض الاجتماعات الوزارية.
كذلك من المؤشرات على الأزمة، ما تردد، في فبراير/ شباط الماضي، عن استدعاء المغرب سفيريه لدى أبو ظبي والرياض.
حينها، اكتفى بوريطة بالقول: “السفيران كانا في الرباط لحضور اجتماعات، والحديث عن استدعائهما غير دقيق”.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، بالرباط، في 27 مارس/ آذار 2019، أعلن بوريطة عن “أربعة ضوابط لاستمرار التنسيق مع الإمارات والسعودية”.
تلك الروابط هي: أن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة للمغرب، التنسيق مع دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين، وألا يكون حسب الطلب، وأخيرا أن يشمل التنسيق جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كالأزمة الليبية.
ونشرت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة “مغرب إنتلجانس”، مؤخرا، خبرا عن اعتزام الإمارات، التي تمول قناة “سكاي نيوز” الإخبارية، إطلاق قناة “سكاي نيوز المغرب”، دون استشارة الرباط.
وقال سلمان بونعمان، باحث مغربي في العلاقات الدولية، في حديث لوكالة “الأناضول” إن “العلاقات المغربية الإماراتية تعيش توترا صامتا منذ أشهر”.
وأضاف: “بغض النظر عن صحة خبر استدعاء السفير الإماراتي لدى الرباط، فهناك ملفات عديدة غير متفق بشأنها تدفع في اتجاه تفاقم هذا التوتر غير المسبوق”.
ورأى أن “أهم الملفات الخلافية هي محاولات الإمارات إجهاض اتفاق الصخيرات، الذي سعى فيه المغرب إلى دعم استقرار ليبيا، على أساس أنها ستظل جزءا من الكيان المغاربي الكبير”.
وتابع بونعمان: “الدعم المباشر والمعلن لحفتر في هجومه على طرابلس، وإلغاء المسار التوافقي المدعوم بشرعية دولية، يعتبر طعنة في الظهر لجهود المغرب لدعم الاستقرار في المنطقة”.
من جانبه، رأى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أن “مؤشرات الأزمة بين المغرب والإمارات واضحة منذ مدة”.
واستدرك بوخبزة: “لكن لم تصل إلى درجة استدعاء السفير”.
واعتبر أن “الحديث عن زيارة ملكية لدول الخليج واستثناء الإمارات لا يعني بالضرورة أنه مؤشر على تفاقم الأزمة”.
وأردف: “في مرات كثيرة، وبحكم الأجندة وطبيعة الملفات المعروضة، يتم استثناء دول من جولات ملكية في الخليج”.
وشدد على أن “الخيط الناظم في الأزمة بين البلدين هو رغبة المغرب المعلنة في أن تكون له سياسته المستقلة عن دول الخليج”.
وتابع: “يظهر ذلك من المواقف السيادية التي اتخذها المغرب في ملفات كبرى، مثل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعروفة بـ”صفقة القرن”، التي عبر عن عدم رضاه عما يروج بشأنها، على عكس الإمارات والسعودية”.
وبشأن إمكانية حدوث انفراج في العلاقات قريبا، رأى بونعمان أنه “لا توجد اليوم على الأقل أي مؤشرات على حصول انفراج”.
وأردف: “بالعكس كل المؤشرات ترشح العلاقات لمزيد من التأزم، خاصة بعد استثناء الإمارات من جولة بوريطة الخليجية”.
وقال إن “إنهاء هذا التوتر مرتبط بمسار التدخلات الإقليمية في المنطقة وحجمها وأسلوبها”.
وشدد على أن “إحداث توترات في المنطقة المغاربية أو رعايتها لن يُرضي الرباط أبدا”.
اترك تعليقاً