رصد البنك الأفريقي للتنمية ما وصفها بـ(تناقضات) في الاقتصاد الليبي، أبرزها انخفاض متوقع في نسبة التضخم خلال العامين 2024 و2025، مما يعكس استقرارًا في أسعار المواد الغذائية، وفي حين أن المعضلة الكبيرة تتمثل في انخفاض سعر العملة الوطنية بشكل غير مسبوق، كما أن نفقات الرواتب تحتل أولوية متقدمة على مخصصات الاستثمار في البلاد.
ووفقًا لأحدث تقرير عن التوقعات الاقتصادية لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية تحت عنوان “الآفاق الاقتصادية في أفريقيا”، سجلت معظم البلدان المصدرة للنفط انخفاضًا حقيقيًا في قيمة العملة، إذ شهدت ليبيا أكبر انخفاض في أفريقيا في قيمة العملة منذ العام 2022، وأدت التقلبات الحادة في العملات الأفريقية، إلى جانب التضخم القياسي في بعض البلدان، إلى اختلالات كبيرة في أسعار العملات.
وحسب تقرير البنك، لا تزال الرواتب العامة ونفقات الدولة والدعم تحظى بالأولوية، على حساب الاستثمار العام.
وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي 82 مليار دولار في نهاية العام 2023 (أكثر من 4 سنوات لتغطية الواردات)، كما ترتفع نسبة القروض المتعثرة من إجمالي القروض، إذ تقدر بنحو 23.1% في الربع الثالث من العام 2023.
وانخفض عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية من 1.5 مليون في العام 2021 إلى 803 آلاف في العام 2022 مع تحسن الوضع الأمني.
وقدر البنك الأفريقي معدل البطالة بـ19.3% (51.4% وسط الشباب)، ويُعزى ذلك إلى سوق العمل التي يهيمن عليها القطاع العام والعمالة غير الرسمية.
وأشار البنك الأفريقي إلى حالة السلام الهش للغاية، متوقعا نمو الاقتصاد بنسبة 7.9% في العام 2024 و6.2% في العام 2025، على افتراض أن أسعار النفط والغاز وإنتاجهما ستظل مستقرة.
ومن المرجح أن يظل التضخم منخفضًا عند حوالي 2.8% في العام 2024 و2.6% في العام 2025، مما يعكس الاستقرار المتوقع في أسعار المواد الغذائية العالمية.
أما الفائض المالي فقد يتحسن إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024 وإلى 8.7% في العام 2025، في حين يظل فائض الحساب الجاري عند رقم مزدوج في العامين 2024 و2025 بسبب الزيادات المتوقعة في صادرات النفط والغاز.
ودعا البنك إلى إصلاح الهيكل المالي، إذ سيشهد القطاع الصناعي الذي يقوده النفط والغاز نموًا بما يقدر بنحو 61.7% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أسهم التصنيع بنسبة 4.0% فقط والزراعة بنسبة 2.8% فقط. وأرجعت الهيئة عراقيل التحول الصناعي في ليبيا لغياب الإرادة السياسية والاهتمام بالتنويع الاقتصادي، وعدم الاستقرار وانعدام الأمن منذ العام 2011، ما أصاب العديد من القطاعات بالشلل.
ورغم امتلاك ليبيا الموارد المالية اللازمة لدعم برنامج الإصلاح الهيكلي، فمن المعلوم اعتماد الحكومات المتعاقبة إلا قليلا على الاقتراض الخارجي بفضل احتياطياتها الأجنبية الوفيرة من صادرات النفط والغاز.
ومع ذلك توقع البنك الأفريقي احتياجات تمويلية كبيرة لإعادة إعمار البلاد والتعافي في مرحلة ما بعد الصراع، حيث يتطلب التحول الهيكلي تحقيق الاستقرار السياسي وبناء مؤسسات قوية وفعالة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج إصلاح هيكلي شامل لخلق بيئة مواتية للاستثمار الخاص وتشييد بنية تحتية حديثة ومستدامة.
اترك تعليقاً