كشف تحقيق لشبكة “الجزيرة”، عن تفكيك دولة الإمارات قاعدتها العسكرية في إريتريا، والتي تُعرف بقاعدة عصب، ونقل منشآتها وآلياتها العسكرية إلى جزيرة ميون اليمنية، وإلى قاعدة سيدي براني العسكرية المصرية، التي تقع على مقربة من الحدود مع ليبيا.
وأفاد التحقيق، الذي عمل عليه فريق البحوث المتقدمة والاستقصاء بالتعاون مع فريق متخصص في تحليل صور الأقمار الصناعية، عن أن الإمارات فككت ثكنات عسكرية، ونقلت منظومة باتريوت وطائرات من قاعدة عصب العسكرية، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية إنشاءات عسكرية في جزيرة ميون اليمنية في باب المندب، وذلك بالتزامن مع تفكيك القاعدة الإريترية.
وكشف تحقيق الجزيرة عن تحركات وتفكيك قاعدة عصب في الفترة من 28 ديسمبر 2020 إلى الثاني من مارس 2021.
كما أظهر التحقيق إنشاء الإمارات مدرجا للطائرات في جزيرة ميون بطول 1800 متر، ونُقلت طائرات مسيرة من ميناء عصب إلى الجزيرة اليمنية.
,بدأت دولة الإمارات بتفكيك أجزاء من قاعدة عسكرية لها في إريتريا، وأظهرت صور أقمار اصطناعية -نشرتها وكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press)- أن القوات الإماراتية بدأت هدم منشآت في القاعدة التي بنيت عام 2015 بمدينة عصب الإريترية على البحر الأحمر.
وكانت الإمارات شيدت ميناء ووسعت مهبطًا للطائرات في مدينة عصب بدءا من سبتمبر 2015، مستخدمة المنشأة قاعدة لنقل القوات السودانية والأسلحة الثقيلة إلى اليمن أثناء قتالها إلى جانب قوات التحالف ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
#UAE is dismantling part of its military base in Assab, #Eritrea. The UAE used the port and airstrip in #Assab as a base to ferry heavy weaponry and troops into Yemen. The drone hangars have also been destroyed after allegedly being used in #Tigray.
Read👉https://t.co/5bg45DgXxH pic.twitter.com/LbqnTNhNlR
— Yonas Nigussie (@Yonigussie) February 18, 2021
وبالاستناد إلى صور الأقمار الصناعية، فقد أظهرت الصور سفينة الشحن الإماراتية “جبل علي 7” في قاعدة عصب بإريتريا يوم 23 يناير الماضي تنقل معدات ومنشآت تم تفكيكها في القاعدة، وهي السفينة التي انطلقت من ميناء الفجيرة العسكري في الإمارات، إذ كان آخر ظهور لها في الميناء بتاريخ 28 ديسمبر 2020، قبل أن توقف أجهزة الرادار التي تظهرها على أنظمة التتبع المفتوحة للسفن.
وتتبعت السفينة الإماراتية نمط التخفي والظهور من حين لآخر في طريقها من قاعدة عصب إلى ميناء الإسكندرية (شمالي مصر)، وهو ما نتج عنه تضارب في بيانات المنصات المفتوحة والمتعلقة بسير السفينة، إلا أن مصادر تتبع خاصة أظهرت توقف السفينة عند عدد من الأماكن، ومنها باب المندوب والسويس، وصولا إلى ميناء الإسكندرية.
ونقلت سفينة الشحن الإماراتية أكثر من 1300 مركبة عسكرية من طراز “نمر” من قاعدة عصب إلى قاعدة سيدي براني المصرية، فضلا عن مدافع ذاتية الحركة “جي6” (G6)، إذ انخفض عدد مركبات نمر في القاعدة الإرتيرية من 2349 مركبة يوم 23 يناير الماضي إلى 1008 مركبات في الرابع من فبراير الماضي.
ونقلت الشحنات العسكرية بالقطار من ميناء الإسكندرية إلى قاعدة سيدي براني، إذ استطاعت شبكة “الجزيرة” التحقيق من 3 فيديوهات التقطت لحركة القطارات محملة بالعربات العسكرية في عدة مواقع على خط السكة الحديدية بين مدينة الإسكندرية وسيدي براني، وتظهر الوسائط تطابق الصور في الفيديو مع صور الأقمار الصناعية في مواقع على خط السكة الحديدية.
وفي قاعدة سيدي براني، أظهرت صور الأقمار الصناعية تضاعف عدد المركبات العسكرية بالقاعدة 5 مرات يوم 24 فبراير الماضي، مقارنة بمنتصف العام الماضي.
وقال محرر الشؤون المصرية في شبكة “الجزيرة” عبد الفتاح فايد، إن قاعدة سيدي براني من أهم القواعد العسكرية في مصر، بل إنها -وفق التقييمات العسكرية المصرية والدولية- أكبر قاعدة عسكرية برية في مصر وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف عبد الفتاح فايد أن القاعدة كانت قبل عام 2017 مجرد مطار عسكري صغير، قبل أن تتحول إلى قاعدة عسكرية ضخمة، وقد زُودت بالعديد من التحديثات العسكرية الكبيرة، وأضاف أنه عقب تدشين القاعدة قبل 4 سنوات، قال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية إن القاعدة تضم أحد أكبر ميادين التدريب العسكري في المنطقة، كما تضم مساكن للقيادات العسكرية، ومخازن ومنشآت لأحدث الأسلحة المصرية.
والهدف من قاعدة سيدي براني هو حماية الأمن القومي المصري في المحور الغربي للبلاد، وأيضا لحماية المنشآت ذات الأهمية الإستراتيجية، مثل محطة الضبعة للطاقة النووية، وهي غير بعيدة عن القاعدة العسكرية، وهي قاعدة قيد التشييد بالتعاون مع روسيا.
ويقول رايان بوهل المحلل في شركة ستراتفور للمخابرات الخاصة ومقرها ولاية تكساس الأميركية، إن “الإماراتيين يقلصون طموحاتهم الإستراتيجية وينسحبون من الأماكن التي كان لديهم وجود فيها، فنشرهم لهذه القوة يعرضهم لمخاطر أكثر مما يرغبون في تحمله الآن”.
من جانبه، قال ألكسندر ميلو المحلل الأمني في شركة “هوريزن كلينت أكسس” الذي درس قاعدة عصب: “هم يحاولون فعل ما يفوق طاقتهم، على المستوى العسكري والاقتصادي.. بمجرد أن اكتشفوا أن اليمن لا يستحق كل هذا العناء بالنسبة إليهم، قرروا إنهاء الأمر، وأنهوه فجأة”.
وضمّت الثكنات في القاعدة قوات إماراتية ويمنية، وكذلك صُوّرت قوات سودانية في أثناء نزولها في مدينة عدن الساحلية اليمنية، وتظهر التسجيلات أن السفينة التي كانت تقلّهم، “سويفت-1″، سافرت ذهابًا وإيابًا إلى عصب.
وتعرّضت السفينة في وقت لاحق لهجوم من قوات الحوثيين عام 2016، وأكدت الحكومة الإماراتية أنها كانت تحمل مساعدات إنسانية، وهو ادّعاء قال عنه خبراء الأمم المتحدة في وقت لاحق إنهم “غير مقتنعين بصحته”.
ومع استمرار حرب اليمن، استخدم الإماراتيون أيضًا القاعدة لاحتجاز السجناء، حيث واجهت ضغوطًا دولية متزايدة بشأن إساءة معاملة المحتجزين، والغارات الجوية التي قتلت مدنيين.
يذكر أن الإمارات قد ضخّت ملايين الدولارات لتحسين المنشأة في عصب، الواقعة على بعد نحو 70 كيلومترا فقط من اليمن، وهيأت أحد الموانئ وحسنت مهبطًا للطائرات يبلغ ارتفاعه نحو 3500 متر كي يسمح بإقلاع طائرات الدعم الثقيل وهبوطها.
وكذلك بنى الإماراتيون ثكنات وحظائر للطائرات وأسيجة عبر المنشأة التي تبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة، والتي شيدتها إيطاليا الاستعمارية في ثلاثينيات القرن الماضي.
اترك تعليقاً