أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن “نيّة إدارته فرض رسوم جمركية جديدة على واردات رقائق أشباه الموصلات خلال الأيام المقبلة”، في خطوة تمثل تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية مع الصين، وتستهدف واحدة من أكثر الصناعات حساسية في سلاسل التوريد العالمية.
وفي تصريحات أدلى بها على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته إلى واشنطن، أوضح ترامب “أن فرض الرسوم سيكون مصحوبًا بـ”قدر من المرونة”، مشيرًا إلى “مشاورات ستُجرى مع شركات تصنيع الإلكترونيات مثل “أبل” لتحديد المنتجات التي قد تُستثنى من الرسوم”.
ورفض ترامب تحديد المنتجات التي قد تشملها الاستثناءات، مكتفيًا بالقول إن “المرونة ستُطبق على بعض المنتجات”.
وبحسب موقع “axios”، “يأتي هذا التحرك بعد أيام من قرار البيت الأبيض إعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الحاسب الآلي من رسوم جمركية كبيرة بلغت 125%، وهو ما اعتُبر آنذاك محاولة لتخفيف الضغط عن الشركات الأميركية الكبرى التي تعتمد بشكل كبير على سلاسل الإمداد الصينية”.
لكن وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، أكد لاحقًا أن “هذه الإعفاءات مؤقتة، وأن هناك نية لإعادة النظر في كامل سلسلة التوريد الخاصة بالتكنولوجيا، بما في ذلك رقائق أشباه الموصلات”، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي ضمن “مراجعة أمنية قومية شاملة”.
إعادة التصنيع إلى الداخل الأميركي
وفي منشور على منصته الخاصة “تروث سوشيال”، شدد ترامب على أن إدارته “لا تفكر في أي استثناءات دائمة”، موضحًا أن “الهدف الأساسي من هذه السياسة هو إعادة تصنيع الرقائق والمكونات التكنولوجية الحيوية إلى داخل الولايات المتحدة”، في محاولة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج.
قلق في الأوساط الاقتصادية
وحذر خبراء ومراقبون اقتصاديون من أن “هذه الإجراءات المتقلبة قد تزيد من حالة الغموض في الأسواق، وتؤثر سلبًا على شركات التكنولوجيا الأميركية التي تعتمد على التصنيع في الصين ودول أخرى آسيوية”، كما أشاروا إلى أن “فرض رسوم على أشباه الموصلات قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الإلكترونية على المستهلكين”.
البيت الأبيض: مفاوضات جمركية مع 130 دولة… وتصعيد مستمر مع الصين
أعلن مدير المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض، كيفن هاسيت، “أن الولايات المتحدة تجري حالياً مفاوضات مع 130 دولة بشأن الرسوم الجمركية، بعد أن أعربت تلك الدول عن رغبتها في التفاوض مع واشنطن لتخفيف الإجراءات التجارية”.
وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، قال هاسيت: “حالياً، تواصلت معنا 130 دولة، ونحن نجري مفاوضات فعلية معها”. وأوضح أن الرسوم الجمركية على واردات هذه الدول خُفِّضت إلى 10%، في إطار سياسة مرنة تتبعها الإدارة الأميركية مع الشركاء التجاريين الراغبين في الحوار”.
الصين خارج الإعفاءات… والتصعيد مستمر
ورغم الخطوات التفاوضية، أشار هاسيت إلى “أن النزاع التجاري مع الصين “لا يزال في مراحله الأولى”، مؤكداً “أن التوصل إلى اتفاق مع بكين يتطلب المزيد من الوقت والجهد، في ظل الخلافات العميقة بين الجانبين”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن في 2 أبريل عن “فرض رسوم جمركية على واردات قادمة من 185 دولة، قبل أن يعلن لاحقاً في 9 أبريل تعليق رفع الرسوم لمدة 90 يوماً على 75 دولة أبدت استعدادها للتفاوض. وتم بموجب هذا القرار فرض رسوم مخفّضة بنسبة 10% على هذه الدول، مع استثناء الصين من أي تخفيض”.
رسوم قياسية على الصين
وبحسب البيانات الرسمية، “فرضت واشنطن رسوماً بنسبة 104% على السلع الصينية، دخلت حيز التنفيذ في 9 أبريل، وردّت بكين برفع الرسوم على السلع الأميركية إلى 84%. وعلى إثر ذلك، قرر ترامب رفع الرسوم مجدداً إلى 125%”.
ومع احتساب الرسوم السابقة التي بلغت 20%، والتي فرضت بسبب “قصور في جهود مكافحة تهريب الفنتانيل” من دول منها الصين وكندا والمكسيك، ارتفع إجمالي الرسوم الجمركية المفروضة على الصين حالياً إلى 145%”.
مخاوف من ركود عالمي
وحذّر خبراء اقتصاديون من أن “استمرار التوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وزيادة معدلات التضخم، مما يفاقم من خطر حدوث ركود اقتصادي عالمي، خاصة في ظل تذبذب سلاسل الإمداد وتباطؤ الطلب العالمي”.
الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة والعالم مع تصاعد الحرب التجارية
علقت الصين “تصدير مجموعة واسعة من المعادن الأرضية النادرة والمغناطيسات وسط حربها التجارية مع الولايات المتحدة”.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، “أن الخطوة الصينية تهدد بخنق إمدادات المكونات الأساسية لشركات صناعة السيارات والطائرات الفضائية وشركات أشباه الموصلات والمقاولين العسكريين حول العالم”.
ووفق الصحيفة، “تعمل الحكومة الصينية على تطوير نظام جديد لمراقبة الصادرات، مما سيؤدي إلى وقف الشحنات من العديد من موانئها خلال هذه الفترة”.
وأضافت الصحيفة أن “إمدادات مغناطيسات الأرضية النادرة تمثل حصة صغيرة من إجمالي صادرات الصين وبالتالي لن تسبب أضرارا اقتصادية خطيرة للبلاد، لكنها قد تكون لها عواقب وخيمة على الولايات المتحدة ودول أخرى”.
وقالت: “إذا نفدت مغناطيسات الأرضية النادرة في المصانع في ديترويت الأمريكية وأماكن أخرى فيمكن أن تؤدي إلى توقف تجميع السيارات وغيرها من المنتجات المزودة بمحركات كهربائية. ويتفاوت المخزون الاحتياطي من هذه المعادن لدى الشركات لذلك يصعب التنبؤ بتوقيت انقطاع الإنتاج”.
وبحسب الصحيفة، كانت الحكومة الصينية “فرضت في 4 أبريل الجاري قيودا على تصدير ستة معادن أرضية نادرة ثقيلة، تكرر بالكامل في الصين، بالإضافة إلى مغناطيسات أرضية نادرة، ينتج 90% منها في الصين. ولا يمكن الآن شحن هذه المعادن، والمغناطيسات الخاصة المصنوعة منها، خارج الصين إلا بتراخيص تصدير خاصة، وحتى العام 2023 كانت الصين تنتج 99% من إمدادات العالم من المعادن الأرضية النادرة الثقيلة، مع إنتاج ضئيل في منشأة في فيتنام، التي أغلقت العام الماضي بسبب نزاع ضريبي، كما تستحوذ الصين على 90% من إنتاج العالم من مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة، والتي تقدر بحوالي 200 ألف طن سنويا، بينما تنتج اليابان معظم الكمية المتبقية، وتنتج ألمانيا كمية ضئيلة أيضا، لكنهما تعتمدان على الصين في الحصول على المواد الخام”.
اترك تعليقاً