يواجه اقتصاد إسرائيل تحديات كبيرة بسبب الضغوط التراكمية للحرب العسكرية المستمرة التي تشنها قواته على ثلاث جبهات قتال، ويشير الخبراء إلى أولى تأثيرات الحرب هو تحويل مواردها نحو الأغراض العسكرية بعيداً عن القطاع الخاص.
ووفق فريق إدارة المخاطر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “بي إم أي” (BMI) التابعة لـ “فيتش سوليوشنز”، “سيوفر الإنفاق العام بعض الدعم للناتج المحلي الإجمالي، لكن نشاط الاستثمار الخاص -سواء في قطاع الأعمال أو البناء- سيظل منخفضاً”.
ورجح محللو “بي إم أي” أن يكون التأثير الاقتصادي الرئيسي على المالية العامة مع تفاقم العجز إلى 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، و6% في 2025، مقارنةً بـ4.2% العام الماضي.
وفي أحدث تقاريرها، تتوقع مؤسسة الأبحاث أن ينمو اقتصاد إسرائيل دون توقعات الحكومة إلى 1% في 2024 و3.5% العام المقبل.
علامات على ضعف الاقتصاد الإسرائيلي بدأت تظهر، وإحداها هي عدم تعافي الاقتصاد بعد أن عاد 300 ألف جندي احتياطي تركوا وظائفهم عقب أحداث 7 أكتوبر 2023 إلى أماكن عملهم، بحسب سيغا توماس، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات “Ensah Advisory Partners”.
وأضاف، “أن العمليات العسكرية المستمرة، التي تشمل تكاليف المعدات والخدمات اللوجستية والأفراد، تفرض ضغوطاً متزايدة على المالية العامة للبلاد، وهو ما جعل وزير المالية الإسرائيلي يطالب المشرعين بالموافقة على زيادة عجز الميزانية لتلبية المطالب المتزايدة للإنفاق العسكري”.
و خفضت “إس آند بي” (S&P) تصنيفها الائتماني لإسرائيل إلى “A” من “+A”للمرة الثانية هذه السنة، وأبقت على نظرتها المستقبلية السلبية، بفعل الزيادة الكبيرة في المخاطر الجيوسياسية والأمنية. تأتي خطوة الوكالة بعدما قامت زميلتها “موديز” الشهر الماضي بتخفيض التصنيف إلى “Baa1” من “A2″، والإبقاء على نظرتها السلبية حيال التصنيف. وتوقعت الوكالة عدم تحقيق الناتج المحلي لإسرائيل هذا العام أي نمو.
“ستتزايد الضغوط على اقتصاد إسرائيل نتيجة للحرب المستمرة بعد تعدد الجبهات وبلوغ عتبات الحرب الشاملة”، بحسب محمد شهاب الإدريسي، المدير التنفيذي في معهد الدراسات المستقبلية. وقال: “انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% في الأسابيع التي تلت السابع من أكتوبر 2023، واستمر الانحدار حتى عام 2024، حيث انخفض بنسبة 1.1% و1.4% إضافية في الربعين الأول والثاني”.
وأكبر المخاوف التي تواجه الإسرائيليين هو التأثير المحتمل على قطاع التكنولوجيا الفائقة، وهو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في البلاد، كما أفاد توماس.
وفي الأمد القريب، رجّح أن تواجه إسرائيل ضغوطاً تضخمية وتباطؤاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي، مدللاً على تقديراته بتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.7% على أساس سنوي بين أبريل ويونيو، ومعتبارً أن العواقب طويلة الأجل على اقتصاد إسرائيل تعتمد إلى حد كبير على مدة الاشتباكات العسكرية ومدى استقرار المنطقة.
وأفادت شركة المعلومات التجارية الإسرائيلية “كوفاس بي دي آي” (Coface Bdi) بأن نحو 46 ألف شركة أغلقت أبوابها منذ بداية الحرب وحتى يوليو الماضي، وأن 75% منها شركات صغيرة، بما يشير إلى ضائقة كبيرة في القطاع الخاص.
مع ذلك، فإن اقتصاد إسرائيل “قد يستطيع امتصاص الضغوط المالية الناجمة عن الحرب في الأمد القريب، لكن ذلك قد يأتي على حساب النمو في الأمد البعيد”، كما رجّح توماس.
وأضاف أن صناعة الأسلحة في البلاد، بدعم من التحالفات الدولية القوية، وخاصة مع الولايات المتحدة، تشكل أساساً متيناً للاقتصاد. لكن رغم أنه يمكن أن تساعد صادرات الأسلحة على تعويض بعض التكاليف، إلا أن الحرب الطويلة قد تجبر الحكومة على خفض الخدمات العامة، أو رفع الضرائب، أو زيادة الدين العام.
اترك تعليقاً