عبر مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إي)، ويليام ج. بيرنز، عن أمل مشوب بالحذر، حول إمكانية أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار في غزة “الخطوة الأولى نحو ما قد يكون ترتيبات أكثر ديمومة مع مرور الوقت”.
ونقلت واشنطن بوست عن بيرنز قوله خلال جلسة استماع سنوية في الكونغرس بشأن التهديدات الأمنية العالمية، “لا أعتقد أن أحدا يستطيع ضمان النجاح.. لكن أعتقد أن البديل عنه سيكون استمرار معاناة المدنيين الأبرياء في غزة من ظروف يائسة، ومعاناة الرهائن وأسرهم أيضا في ظل ظروف يائسة للغاية.. ونفس الشيء بالنسبة لنا جميعا”.
وأدلى بيرنز بتصريحاته، أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، في جلسة استماع مفتوحة يقدم فيها كبار قادة وكالات الاستخبارات الأميركية، شهاداتهم بشأن التحديات الأمنية حول العالم.
وتحدث بيرنز عن آخر مستجدات مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي سيصاحبه ضمان تدفق المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الأسرى، مقابل تحرير أسرى فلسطينيين في إسرائيل.
وحضر بيرنز جلسة الاستماع إثر عودته من جولة المفاوضات الأخيرة في الدوحة، بعد أن سافر إلى الشرق الأوسط 8 مرات في الأشهر الأخيرة.
وبحسب واشنطن بوست، حاول مسؤولو المخابرات الابتعاد عن الجدل الدائر حول الحرب التي عصفت بالسياسة الأميركية ووضعت إدارة بايدن في موقف صعب، يتمثل في دعم حليف يواجه إدانة متزايدة من الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية، وكذلك من ناخبين وليبراليين أميركيين، في ظل ارتفاع عدد القتلى المدنيين والأوضاع الإنسانية القاسية بالقطاع.
وحذر البيت الأبيض إسرائيل من نقل عملياتها إلى مدينة رفح، على طول الحدود مع مصر في أقصى جنوب غزة، وتنظر القوات الإسرائيلية إلى المدينة، حيث تجمع ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني فارين من القصف، باعتبارها المعقل الأخير لمقاتلي حماس.
وخلال الجلسة، حث السيناتور توم كوتون، جمهوري من أركنساس، وهو مؤيد قوي لإسرائيل، بيرنز وهاينز على دحض مزاعم المنتقدين بأن إسرائيل “تبيد الشعب الفلسطيني” بحملتها العسكرية.
ورفض المسؤولان ذلك، وقال بيرنز، إنه بينما تتفهم الإدارة “حاجة إسرائيل” للرد على الهجوم الوحشي الذي تعرضت له في 7 أكتوبر، “أعتقد أنه يتعين علينا جميعا أن نضع في اعتبارنا الخسائر الهائلة التي خلفها هذا الهجوم على المدنيين الأبرياء في غزة”.
وردا على سؤال “هل تقوم إسرائيل بتجويع الأطفال في فلسطين أم في غزة؟” في إشارة على ما يبدو إلى تقارير الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الإنسانية، وكذلك بعض المشرعين الديمقراطيين، أجاب بيرنز: “الحقيقة هي أن هناك أطفالا يتضورون جوعا”. “إنهم يعانون من سوء التغذية، نتيجة لعدم تمكن المساعدات الإنسانية من الوصول إليهم. من الصعب جدا توزيع المساعدات الإنسانية بشكل فعال، ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار”.
من جهتها حذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، أفريل هينز، من أن الحرب في غزة، ساهمت في بروز تهديدات أمنية جديدة بوجه الولايات المتحدة من طرف جماعات إرهابية، بسبب دعم واشنطن لإسرائيل.
وكشفت هينز، في جلسة الاستماع، أن هذه الأزمة حفزت العنف لدى مجموعة من الجهات بجميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن على الرغم من أن من السابق لأوانه معرفة امتدادات وتأثيرات ذلك، فمن المحتمل أن يحمل الصراع في غزة “تهديدات إرهابية قد تستمر لأجيال”.
وأوضحت هينز حسب “واشنطن بوست”، أن هجوم 7 أكتوبر أدى إلى بروز تهديدات جديدة للولايات المتحدة من قبل الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش، في حين استخدمت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران “الصراع كفرصة لمتابعة أجندتها الخاصة” ضد الولايات المتحدة.
وتابعت هينز، أن ” الصراع في غزة يشكل تحديا أيضا للعديد من الشركاء العرب الرئيسيين، الذين يواجهون مشاعر عامة ضد إسرائيل والولايات المتحدة بسبب الموت والدمار في القطاع، ولكنهم ينظرون أيضا إلى واشنطن باعتبارها وسيطا في وضع أفضل إنهاء الحرب قبل أن تمتد إلى عمق المنطقة”.
وتحدث المسؤولون، الذين كان من بينهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الأمن القومي، ووكالة استخبارات الدفاع، ومكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية، عن مجموعة كبيرة من التحديات، بدءا من العلاقات مع الصين وانتهاء بانتشار الذكاء الاصطناعي والتهديد المستمر للتجسس والحرب السيبرانية.
وشددت أجهزة المخابرات الأميركية، على الولايات المتحدة تواجه “نظاما عالميا هشا على نحو متزايد” وسط ضغوط سببها التنافس بين القوى الكبرى وتحديات عابرة للحدود وصراعات إقليمية.
وقالت الأجهزة في التقرير السنوي لعام 2024 الذي تصدره لجنة من المخابرات الأميركية بشأن تقييم التهديدات “الصين الطموحة والقلقة وروسيا التي تميل إلى المواجهة وبعض القوى الإقليمية، مثل إيران، وجهات فاعلة غير حكومية بقدرات متزايدة كلها تمثل تحديا لقواعد النظام الدولي القائمة منذ فترة طويلة، فضلا عن تفوق الولايات المتحدة داخله”.
اترك تعليقاً