«بوتين» يرسم ملامح النظام العالمي الجديد وعلاقته مع زعمائه


عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، رؤيته للنظام العالمي الجديد ومستقبل علاقة روسيا مع دول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة وسبل حل الملفات الساخنة، وذلك في حوار مطول أمام الدورة العشرين لمنتدى “فالداي” بسوتشي.

وحول الانتخابات الأميركية، قال بوتين، “لا أوهام لدى موسكو في أن العلاقات مع واشنطن ستحلِّق نحو السماء الآن، لكن ما يعد به دونالد ترامب يثير اهتمام موسكو بانتظار الأفعال”.

وأضاف، “ما هو الأفق الواقعي للعلاقات الروسية – الأميركية في عهد ترامب؟ وعد الأخير مراراً بأنه سيضع حداً سريعاً للحرب في أوكرانيا، لكن العبرة بالنسبة لروسية تبقى في التطبيق”

وما يتعلق بالأوضاع على الساحة الدولية، فقدم بوتين قراءةً هادئةً لإحدى أخطر المراحل التي يمرًّ بها العالم. النظام العالمي السابق انتهى إلى غير رجعة، وتتحدد الآن ملامح النظام الجديد، ومخاطر الصدام تبقى عاليةً بسبب رفض الغرب تقبُّلَ الآخر.

وقال بوتين: “أحاول ألا أفسد أي شيء، فقط أقوم بتحسين كل الأمور. لكن الظروف اليوم غريبة للغاية، وماذا يمكنني أن أقول، إنهم يتركون بصماتهم على كل شيء. كانت بيني وبين (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون علاقات جيدة، لكنها الآن سيئة”.

وأضاف: “تحدثت أيضا مع (المستشار الألماني أولاف) شولتس، ولكن في مرحلة ما قرر أن هذا ليس ضروريا. وقلت حسنا، إذا كان هذا ليس ضروريا فهو غير مهم”.

وقال: “إنه (عن المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر) شخص محترم ومنطقي للغاية. لا يوجد الكثير مثله، يوجد مثل هؤلاء الأشخاص في أوروبا، ولكن ليس هناك الكثير، يمكنكن عدهم على أصابع اليد، يد واحدة ستكون كافية”.

وأشار إلى أن شرودر، على سبيل المثال، كان ضد التدخل الأمريكي في العراق، الأمر الذي أثار استياء الأمريكيين. بالإضافة إلى ذلك، وفقا للرئيس، تصرف المستشار السابق دائما لصالح ألمانيا، على الرغم من أن هذا كان يهدد حياته السياسية.

وبشأن الصراع في الشرق الأوسط، قال بوتين: “لدينا أفكارنا الخاصة بشأن هذا الأمر… بشكل عام، قد يكون هناك ضوء يلوح في نهاية النفق”.

وشدد الرئيس الروسي على أن الوضع في الشرق الأوسط صعب، وقال: “ترى روسيا أن من الضروري تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إسرائيل وفلسطين، وهذه ليست سياسة انتهازية إزاء الوضع، فهذا هو الموقف التقليدي منذ زمن الاتحاد السوفييتي، وقد واصلت روسيا السير في هذا المسار”.

وأشار الرئيس الروسي إلى أن جميع أطراف الصراع في الشرق الأوسط لا يريدون المواجهة ويفكرون في التوصل إلى نوع من الاتفاق.

وقال: “لدي شعور بأن جميع المشاركين تقريبا اليوم في هذه العملية الصعبة، جميعهم.. على الأقل لا يريدون مزيدا من التطور نحو المواجهة، ولكن على العكس من ذلك، يفكرون في كيفية التوصل إلى بعض الاتفاقات.. ونحن نعمل على ذلك”.

روسيا تدرك مسؤوليتها تجاه العالم كونها قوة نووية

وشدد بوتين خلال حديثه في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي” الدولي للحوار، على أنه يجب على الجانب الآخر أن يكون صادقا، مع أخذ جميع جوانب العلاقة في الاعتبار.

وقال: “اليوم هذه مسألة صعبة، بل أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل 20 إلى 30 سنة، لكننا نفهم مسؤوليتنا كدولة، من حيث قدراتها وعدد حاملات الرؤوس الحربية ونوعية الأسلحة الحديثة، نحن نتفهم كل هذا، وبشكل عام نحن مستعدون لهذا الحوار، لكن على الجانب الآخر أن يتعامل مع هذا الأمر بأمانة، مع أخذ جميع جوانب علاقتنا في الاعتبار”.

وقال بوتين في الجلسة العامة لمنتدى “فالداي” الدولي للحوار في موسكو: “تقولون أني أتغاضى عن مخاطبة شريحة واسعة من الجمهور الغربي في أوروبا.. أعتقد أنه من غير الصواب أن أتوجه مباشرة لسكان تلك البلدان التي يعادينا مسؤولها ويمتنعون عن سماع أي وجهات نظر منا أو حتى حوارنا.. هم يضيقون الخناق على بعض وسائل الإعلام لديهم على الرغم من تصريحاتهم بحرية الكلمة هناك.. هم لا يسمحون لصحفيينا بالعمل لا في أوروبا ولا في الولايات المتحدة ويخلقون العديد من الصعوبات والعراقيل.. بإمكانكم أن تسألوا مارغريتا (سيمونيان رئيسة تحرير شبكة RT) عن الصعوبات والعوائق التي يضعونها أمام صحفيي الشبكة”.

وأضاف، “على الرغم من أنه ليس لدينا في الخارج سوى نقطة ارتكاز واحدة هي RT، ومع ذلك يهابها الغرب ويسعى لإغلاقها” ومنعها من العمل على أراضيه”.

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في 4 سبتمبر فرض عقوبات على رئيسة تحرير RT سيمونيان، ونائبيها أنطون أنيسيموف، وإليزافيتا برودسكايا.

وشملت العقوبات أيضا نائب رئيس خدمة البث الإخباري أندريه كياشكو، ورئيس قسم مشاريع الإعلام الرقمي قسطنطين كلاشينكوف، وخبيرة مشاريع الإعلام الرقمي يلينا أفاناسييفا.

ويعد منتدى “فالداي” الدولي للحوار عبارة عن جمعية تضم كبار الخبراء الأجانب والروس في مجال العلوم السياسية والاقتصاد والتاريخ والعلاقات الدولية.

تم إنشاء المنتدى في سبتمبر 2004 بمبادرة من وكالة “ريا نوفوستي”، ومجلس السياسة الخارجية والدفاع، ومجلتي “روسيا في الشؤون العالمية” و”ملف روسيا”، ويعود اسم النادي إلى موقع المؤتمر الأول الذي انعقد في مدينة فيليكي نوفغورود بالقرب من بحيرة فالداي.

ويعتبر منتدى “فالداي” واحدة من منصات التفاعل الرائدة في العالم بين اهل النخبة الفكرية والسياسية الروسية والدولية.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً