حسب مصادر دبلوماسية، أمريكية ومصرية، فإن روسيا نشرت فيما يبدو قوات خاصة في قاعدة جوية تقع في غرب مصر، قرب الحدود مع ليبيا، في الأيام الأخيرة، وهو ما أثار قلق العديد من القوى الدولية.
التقرير الذي نشرته “رويترز” أشار إلى نشر قوات عمليات خاصة، وطائرات دون طيار عند سيدي براني بمرسي مطروح على بعد 100 كيلومتر من حدود مصر مع ليبيا. ومن المحتمل أن تكون هذه القوات قد ساعدت اللواء حفتر في الهجوم الأخير “بدء عملية عسكرية جوية وبرية وبحرية لاستعادة ميناءين نفطيين خسرتهما قبل عشرة أيام”.
كل شيء يدل على أن الحرب الليبية سوف تتواصل في ضراوة لا نظير لها، بعد التدخل الروسي والدليل على ذلك ما يجري في سوريا. وليس هناك من شك أن هذا التدخل سوف يقضي شيئا فشئيا على عملية السلام.
إن الادعاء بأن الأمر يتعلق بقوات خاصة لا علاقة لها بموسكو ادعاء ساذج، والحقيقة في ذلك أن روسيا تسعى وبجدية تامة للتفكير في إحياء وجودها القديم في ليبيا مرة أخرى. إن الروس في الوقت الحالي لا يستطيعون أن يعترفوا بأنهم تدخلوا عسكريا في ليبيا بسبب تدخلهم في سوريا وأوكرانيا، ومع ذلك فإن كل المعطيات تشير الى أن بوتين يحلم بعودة الاتحاد السوفياتي.
إننا لا ننسى بطبيعة الحال المساندة الفعالة التي أولاها بوتين لحفتر بعد زيارة هذا الأخير لموسكو. إن روسيا قد سبق لها أن اهتمت بمشكلات ليبيا التي لها وجه شبه بالمعضلة السورية، لذلك ينبغي ألا نتعجب كثيرا إذا رأينا القوات الروسية تشارك الى جانب قوات حفتر ضد الفصائل الأخرى، وبعد مدة يتقدم الروس ليقول كلمته في المشكلة الليبية مثل ما حصل في سوريا تماما.
إن الأهداف التي ترمي إليها موسكو في ليبيا لا يمكن أن يعزل عن بقية الأهداف التي وضعتها في سوريا وأوكرانيا. هذه هي السياسة التي تستعد روسيا للسير فيها من جديد، وهي سياسة الوجود في جميع المناطق الساخنة في العالم العربي. إن كل الدول الغربية تتخوف من التدخل الروسي في ليبيا وكلها تتمنى ألا يصل الوضع في ليبيا إلى ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا بسبب أهمية البحر الأبيض المتوسط بالنسبة إلى الغرب.
الواقع أنه بعد دخول المتحاربين في حلقة مفرغة حيث يصبح القمع مشروعا أمام الإرهاب وحيث يعطي القمع للأخوة المتصارعين عنفها ويزيد من فظاعتها؟ وبعبارة مختصرة حيث يصبح الصراع المتبادل بين المحاربين سببا في التدخل الأجنبي.
على كل حال إن الحرب الدائرة في ليبيا لا رحمة فيها بين حفتر وأعدائه ولا يستطيع أي محلل عسكري أن يعرف كيف يمكن أن يوضع لها حد إذا كان كل من الفريقين مصمما على مواصلتها. في كل الأحوال إن معيقات تحرك حفتر في المعضلة الليبية لن تفلح بسبب بسيط هو أن الشعب الليبي لن يرضى بحكم عسكري جديد تحت امرة حفتر.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً