شارك الأمين العام المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الدكتور رمضان بن زير، في لقاء طرابلس – رؤى حول الهجرة غير الشرعية (الأسباب – النتائج – سبل العلاج)، الذي عُقِد الشهر المنصرم، تنظيم لجنة الشؤون العامة الليبية بالتعاون مع المنتدى الثقافي العربي البريطاني، والمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، ومنظمة الحوار الوطني، وجهاز دعم الاستقرار، وبمشاركة خبراء محليين ودوليين.
وفي كلمة له بعنوان “الهجرة وازدواجية المعايير”، قال د. بن زير إنه يجب أن نعترف أن مشكلة الهجرة غير الشرعية أو غير النظامية وفقا لتسمية الأمم المتحدة من أخطر المشكلات التي تواجه العالم خاصة ازدواجية المعايير في التعامل مع المهاجرين، وقد ظهر هذا جليا إبان الحرب الروسية الأوكرانية.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة:
السيدة وزيرة العدل
السيد ممثل وزارة الخارجية
السادة أعضاء السلك الدبلوماسي في ليبيا
السادة ممثلي الأجهزة الأمنية
الزملاء المشاركون في الفعالية
الضيوف الكرام
باسمي وباسم أعضاء اللجنة يسعدني أن أرحب بكم ونتشرف بحضوركم…
وأود أن أتقدم بالشكر لجميع المشاركين الذين قدموا من المملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وتونس والأردن، وعانوا متاعب السفر بسبب عدم وجود رحلات طيران مباشرة للعاصمة طرابلس.
السيدات والسادة
نلتقي اليوم لمناقشة موضوع على قدر من الأهمية والخطورة ويشغل أغلب دول العالم، ألا وهو الهجرة غير الشرعية، أو الهجرة غير النظامية وفقا لتسمية الأمم المتحدة. يجب أن نعترف أن أخطر مشكلة تواجه العالم في معالجة مشكلة الهجرة غير النظامية تتمثل في ازدواجية المعايير في التعامل مع المهاجرين، وقد ظهر هذا جليا إبان الحرب الروسية الأوكرانية من خلال تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين والإعلامين في بعض دول الاتحاد الأوربي، وبالرغم مما يحمل هذا التصرف من سلبية وإحباط، لكن نحن المدافعين عن حقوق الإنسان هذا لن يزيدنا سوى إصرارا وصمودا مطالبين بضرورة الالتزام بالمعايير الدولية والأخلاقية في معاملة البشر بغض النظر عن الجنس واللون والدين.
إن الهجرة غير النظامية تعتبر واحدة من أخطر الظواهر التي تواجه الدول، وليبيا نموذجا خاصا في ظل الظروف الحالية وما تسببه هذه الظاهرة من تداعيات سلبية خطيرة على البلاد من كافة الجوانب الصحية والأمنية وانتشار الجريمة واستغلال المهاجرين من قبل استخبارات بعض الدول وتعريض اللاجئين أنفسهم لمخاطر جمة. الأمر الذي حدا بأغلب الدول إن لم يكن جميعها أن تضع تشريعات تجرّم الاتجار بالبشر. وفي هذا الصدد هناك سؤال جوهري يطرح نفسه:
ما هو تعريف الهجرة غير النظامية؟
ببساطة يمكننا تعريف الهجرة غير النظامية بانها انتقال الأفراد من بلد إلى آخر عبر الحدود بطرق غير شرعية لغايات مختلفة كالبحث عن عمل، تحسين المستوى الاقتصادي، الهروب من ساحات النزاع المسلح وغيرها من الأسباب. في حالتنا يكون المقصد من الهجرة عبر ليبيا كدولة ممر الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، والمؤسف غالبا تنتهي هذه الرحلات بالموت أو الحجز أو الترحيل.
أما فيما يخص الاتفاقية الخاصة باللاجئين، والتي تعرف باتفاقية 51 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1954 وبلغ عدد الموقعين عليها حتى الآن 145 دولة. تحدد هذه الاتفاقية حقوق اللاجئين ومسؤوليات الدول تجاههم وفقا للمادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يقر حق الأفراد باللجوء هربا من الاضطهاد الديني أو العرقي.
اعتقد من الضروري الإشارة إلى أن المبدأ العام للقانون الدولي يلزم كل الدول التي وقعت على اتفاقية 51 المشار إليها آنفا حمايتهم بشرط أن يلتزم اللاجئون بكافة القوانين الوطنية للدول، كما تلتزم الدول الموقعة بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تأدية مهامها وفقا لأحكام الاتفاقية. كما تؤكد الاتفاقية على عدم إعادة اللاجئين إلى بلدانهم قسرا، وهذا جزء من القانون الدولي العرفي، حيث يؤكد على أن من واجب الدول التي ليست طرفا في اتفاقية 51 (غير الموقعة) احترام مبدأ عدم الإعادة. هنا من الضروري الإشادة بدور السلطات الليبية لاحترامها هذا المبدأ حيث يتم ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم فقط وفقا لرغبتهم، وكان آخر ترحيل 20440 لاجئ من نيجيريا خلال الشهر الماضي. وذلك بالرغم من أن ليبيا ليس طرفا في هذه الاتفاقية.
وفي هذا السياق نطالب السلطات الليبية بضرورة المزيد من العمل والالتزام باحترام حقوق اللاجئين. وأيضا لابد من التذكير بالإجراءات المقلقة المتعلقة برحلة العذاب من دول المصدر إلى دولة الممر ثم إلى الهدف وهو الدول الأوروبية. لقد تحولت السلطات الليبية إلى شرطي حراسة لحماية حدود الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي لم يلتزم الاتحاد الأوروبي بالدعم الحقيقي للأجهزة القائمة على حماية اللاجئين والمتمثلة في وزارة الداخلية وجهاز دعم الاستقرار أسوة بما قدمته لدولة تركيا على سبيل المثال.
أصبحت دولة ليبيا ضحية لهذه الظاهرة بسبب ما تواجهه من مشاكل جراء كثافة تدفق المهاجرين عبر حدودها الأفريقية والشمالية المتمثلة في دول الاتحاد الأوروبي حيث تتم إعادة المهاجرين من عرض البحر إلى الشواطئ الليبية. لذا نطالب دول الاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية بسبب إغلاق أبوابها أمام المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا. علينا ان نعمل جميعا من أجل معالجة هذه المعضلة المعقدة وذلك من خلال معرفة مفصلة لأسبابها، وهي باختصار: سياسية كعدم استقرار بلدان المصدر أو أسباب اقتصادية كالفقر. ولمعالجة المشكلة يجب إزالة الأسباب أو التقليل منها وبالتالي على الدول الأوروبية دعم الدول الفقيرة بإقامة مشاريع تنموية في بلدان دول المصدر للحد من ظاهرة الهجرة.
وفي الختام أتمنى لهذا اللقاء الخروج بتوصيات إيجابية علها تساهم في التخفيف من هذه الظاهرة من خلال تقديمها للمنظمات الدولية وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة.
أنا على يقين بان المشاركين بأوراق علمية أو المتدخلين سيقدمون لنا مقترحات وتوصيات جديدة عملية قابلة للتطبيق باعتبارهم قامات علمية مرموقة. اختم بالشكر والتقدير الكبيرين لكل المنظمات التي تعاونت مع لجنة الشؤون العامة الليبية التي تتوفر على عدد كبير من الشخصيات العربية والدولية الداعمة للشأن الليبي ممثلة بالمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، المنتدى الثقافي العربي البريطاني، ومنظمة الحوار الوطني.
أشكركم والسلام عليكم.
اترك تعليقاً