إن مسؤولية بناء الدولة والمحافظة عليها تقع على جميع من يعيشون فيها، وتختلف عبء المسؤولية فقط باختلاف مهنهم ومهامهم المنوطة بهم، فكلما ثقلت الأمانة زاد ثقل مسؤولية الحفاظ عليها بازدياد مهام مسؤوليتها.
الطالب مسؤول في تلقيه العلم والمعلم مسؤول في إلقائه وطريقته في التعليم، المزارع والعامل مسؤول، الطبيب والمهندس وكل أصحاب المهن الخاصة والعامة على وجه العموم مسؤولين في الدولة، من يتقلد وظيفة رئيس الدولة مسؤول والمواطن البسيط أيضا مسؤول، وتختلف المسؤولية بين الجميع باختلاف عبئها وهذا ما تحدده المهام المنوطة بكل منهم وفقا للمهن التي يزاولون أنشطتها في الدولة، أنت مسؤول والأرض التي تعيش فيها تستحق منك الكثير، فاطرح تساؤلك على نفسك لتحدد هدفك.
يجب على كل المواطنين سواء من الموظفين في السلطات الثلاث للدولة، أو من كوادرها في شتى إداراتها العليا والوسطى والفروع بشتى مجالات مهنها واختصاصاتها، أو من الموظفين في شتى المهن العامة والخاصة في الدولة ككل باختلاف مهامهم فيها، وأبدؤهم بنفسي كمواطن، يجب أن نطرح على أنفسنا هذا التساؤل لنواجه حقيقة الإجابة عليه : (ماذا تستحق أرضنا منا تحديدا لنقدمه إليها ؟ ولماذا تستحق منا أرضنا ذلك ؟)، لنحدد بذلك ماهية إجابتنا على هذا التساؤل، فالإجابة الحقيقية على هذا التساؤل توضح أهدافنا جميعا تجاه دولتنا وأرضنا التي نعيش فيها، وتختلف الإجابة باختلاف مسؤولياتنا ومهننا وبتنوع مهامنا فيها، نأمل أن تصب أهدافنا جميعها في بناء الدولة وإعمارها والمحافظة عليها وعلى وحدة شعبها وكل أراضيها.
إن محاولة تغيير الإجابة أو التهرب منها لا تفي بالغرض إنما تؤكد استمرار غيابنا عن الحل الحقيقي لبناء الدولة وإعمارها والمحافظة عليها وعلى وحدة شعبها وكل أراضيها. من هنا أقول : إن الإجابة على هذا التساؤل تحديدا هي مسؤولية تقع على الجميع مهما اختلفت حجم هذه المسؤولية من شخص لآخر، فالمسؤولية تظل مسؤولية موزعة بين الجميع بتنوع مهنهم واختلاف مهامهم وعبء مسؤولياتهم، فالكل معني ببناء الدولة والمحافظة عليها وفق مهنته ومهامه المنوطة به من أعلى وظيفة في التسلسل إلى أدناها.
تأكد قبل أن تجيب على هذا التساؤل بأن دورك في الدولة هو دور مهم وفعال في بنائها والمحافظة عليها، وكل الأدوار المهنية أيضا مهمة وفعالة على أرض الدولة ولا يمكن الاستغناء عنها، من أعلى وظيفة إلى أدناها متساوون جميعهم في الأهمية، ولكن عندما تكون جميع الأدوار محددة لأهدافها الحسنة تصبح أكثر أهمية وفاعلية، وعندما تصب جميعها في بناء الدولة والمحافظة عليها وعلى وحدة شعبها وكل أراضيها تسهل مهمة بناء الدولة والمحافظة عليها، إن المسؤولية تتطلب منا جميعا أن نحدد أهدافا حسنة لجميع مهامنا تجاه دولتنا.
التساؤل يجلب التفكير، والتفكير يجلب الأجوبة والحلول على أي تساؤلات مطروحة، أجوبة وحلول التساؤلات تجلب الأهداف، المراجعة والاستدراك تحدد ماهية الأهداف للتأكد من أنها أهداف حسنة، يتم بعد المراجعة المضي في تحقيق الأهداف الحسنة بالسعي والتوكل على الله والعمل لتتكامل منافع الأهداف الحسنة منفعة تلو المنفعة، نقطة البدء هي التساؤل الحسن. لقد طرحت على نفسي هذا التساؤل وإجابتي سأشاركها مع القارئ وقد راجعتها، لأكون مع القارئ في ذات الموضوع، فنحن أيضا ككتاب نكتب لنستخلص نتائج تفكيرنا فنفيد أنفسنا وغيرنا بها، ليس قصورا في فهم القارئ ولا بلوغا في فهمنا، بل الأمر هو محض مشاركة فيما بيننا.
أما عن الشق الأول من التساؤل : (ماذا تستحق أرضنا منا تحديدا لنقدمه إليها؟) أقول باختصار : أرضنا هي نعمة وأمانة من الله لنا، وهي تستحق منا إعمارها والمحافظة عليها وعلى وحدة شعبها وأراضيها، وتستحق منا إعمار أنفسنا وإعمار كل شيء فيها واستثماره بتنميته وتطويره دائما لأفضل مما كان عليه، ويبدأ الإعمار والتنمية والتطوير بإعمار أنفسنا أولا وتنميتها وتطويرها بشتى مناحي التعلم وصقله بالعمل وزرع كل المبادئ والقيم والقناعات الحسنة وترسيخها ونشرها، وانتقالا من أنفسنا إلى إعمار أرضنا ومحيطنا، انتقالا للمشاركة في إعمار الإنسانية والأرض ضد الإفساد والتطرف فيها، فأرضنا تستحق منا الإعمار والمحافظة عليها وعلى بيئتها وثرواتها الطبيعية وتنميتها قدر المستطاع كما تستحق منا أنفسنا ذلك.
أما عن الشق الثاني من السؤال : (لماذا تستحق أرضنا منا ذلك؟) أقول باختصار : لأنني من المقرين بأن أنفسنا وأرضنا أمانة ونعمة من الله لنا، وقد أوصانا الله بأن لا نفسد فيهما وأن نقوم بإعمارهما والمحافظة عليهما وتنميتهما قدر المستطاع، إن أرضنا سباقة بالخيرات والثروات التي وهبها الله لنا فيها، ومن هنا وجب استحقاقها لإجابتي الأولي تجاه حقها علينا، وقد لا يكون استحقاقها الذي ذكرته كافيا لها، لذلك وجب أن نحمد الله دائما على نعمة أرضنا والحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، آمل من الله أن يعيننا للحفاظ عليها ولاستثمارها بتنميتها وتطويرها دائما للأفضل بكل من يعيش عليها، وبالعمل الذي يرضي الله عنا.
هنا وبعد أن طرحت إجابتي، سأوضح رسالتي من طرح هذا التساؤل على نفسي وإجابتي عليه، ورسالتي هي أملي في الله أن يطرح كل شخص هذا التساؤل بينه وبين نفسه وينظر لإجابته، ليراجعها ويتأمل ويتفكر ويتدبر بها، فالإجابة على هذا التساؤل هي في الحقيقة : (هدفك تجاه دولتك)، ومراجعتك لإجابتك على هذا التساؤل هي في الحقيقة : (مراجعتك لهدفك لتتأكد وتتبين ما إذا كان هدفك هدف حسن لتمضي في تحقيقه أم هدف سيئ فتستدركه).
يحتاج هدفك الحسن بعد تحديده منك إلى مسارات وخطط عمل حسنة واضحة المعالم لتسعى وتعمل وتتوكل على الله في تحقيق ما تطمح إليه تجاه دولتك، وفي صلب بنائها والمحافظة عليها. فلنتذكر أن الوصول إلى الأهداف الحسنة يتطلب منا تساؤلا حسنا، والتساؤل الحسن يتطلب منا التفكير بطريقة حسنة ومتفائلة لا سيئة ومتشائمة، والأهداف الحسنة تتطلب منا وضع مسارات حسنة لتحقيقها، شارك أهدافك الحسنة مع الآخرين، ولا تتحدث عنها فقط بل استمع بقدر ما تتحدث إن لم يكن أكثر من ذلك بقليل، التقابل يضيف التعارف ، والاجتماع يضيف التحاور، والتشاور يضيف التوافق والاتزان، إن تحاورك وتشاورك مع غيرك صقل لأفكارك وآرائك وأهدافك فشارك غيرك من الأخيار ما تتطلع إليه، تأكد بأن هدفك وإن نبع منك فإنما ينبع من آمالك وتطلعاتك تجاه دولتك، لا من أحلامك وأمنياتك، أنت لا تقتات من الأحلام والأمنيات، أنت إنسان واقعي طموح، تكتب آمالك وتطلعاتك وتسعى في العمل لتحقيقها بعد أن تتأكد من أنها آمال وتطلعات لأهداف حسنة، إن بناء الدولة والمحافظة عليها مسؤولية الجميع فاطرح تساؤلك على نفسك لتحدد هدفك، خذ بالأسباب واسعى وتوكل على الله واعمل، ثابر ولا تيأس مهما كانت الصعوبات، لا خير مستحيل فالخير بلا شك يتحقق.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً