على مدى عقد من الزمن ألتهم متصدري المشهد كافة مقدرات الشعب (بالداخل والخارج) التي امتدت إليها أيديهم، وما لم يستطيعوا الاستفادة منه قاموا بتدميره، مليارات الدولارات المهدورة التي لو وظف جزء منها في خدمة المواطن لتغيرت حياته نحو الأفضل ولشعر بشيء من صدقية أولئك الذي خرجوا عليه إبان الثورة وقد وضعوا في مخيلته أحلاما ليست صعبة التحقيق، ولكن اتضح منذ الأيام الأولى لتوليهم السلطة أنها كانت مجرد أوهام، وأن الفتات الذي منح للمواطن ما هو إلا تغطية على الكم الهائل من الأموال التي نهبها هؤلاء، لتستمر حياة البؤس والشقاء واللهث خلف السيولة النقدية لأجل العيش، بينما سالت دماءه بدون وجه حق، فغرست في نفوس عامة شعورا لا يقبل الشك بأن الساسة قد أكلوا الجمل وما حمل.
ذات يوم أوقف (الجضران) تدفق النفط فلم يحركوا (العملاء في السلطة وأسيادهم الذين نصّبوهم) ساكنا، لأنه حينها كانت هناك بعض المدخرات التي يمكن اللجوء إليها، بعدها فاوضوه لأجل إعادة تصدير النفط والغاز، وقدمت له ملايين الدنانير وفرشت له البسط الحمر، استقبل بطلا بدهاليز السياسة، وذهب إليه المندوب السامي الأممي في عقر داره مثمنا تجاوبه.
قد يحدث خلاف بين أبناء الوطن ويتقاتلون بسبب التدخلات الخارجية في الشأن المحلي، ولكن أن تقوم الحكومات المتعاقبة بإغداق المنح على المرتزقة من كل حدب وصوب لأجل تثبيت أركانها، أو هدر الأموال الطائلة في مشاريع اتضح أنها وهمية ولا تقدم شيئا للمواطن من إيرادات النفط والغاز، فذاك ما لا يمكن السكوت عنه، فالأفضل أن يظل بالأرض على أن يتحول إلى أداة لتدمير البلد وجعله مرتهنا لسلطان يحلم بإعادة أمجاد دولته التي عاثت في البلاد التي احتلتها فسادا وقهرا وظلما وتخلفا على مدى أربعة عقود.
لا نستغرب الأصوات الناعقة بشأن الحديث عن وقف تصدير النفط ومنها وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية، فهي (الحكومة) المستفيدة من بيعه، ولا يهمها إلا إطالة مدة بقائها في السلطة، بينما الشعب يعيش تحت خط الفقر في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار مختلف السلع وتفتقر مؤسساته الخدمية إلى أبسط الأشياء الضرورية للمواطن.
استخدام سلاح البترول والغاز في وجه الفئة الحاكمة الباغية ومن ورائها الدول الداعمة للإرهاب يعتبر حقا مشروعا، ولتعلم كافة دول العالم أن مصالحها رهن بمدى احترامها لإرادة الشعب الليبي في التصرف بموارده الطبيعية، وأن الحكومات العميلة التي فرضت عليه منذ سنوات لم تقدم له سوى الأوهام، وإهدار الأموال وبث الفرقة بين مكونات المجتمع، والدفع بالشباب إلى أتون حرب من خلال إغرائهم بالمال، فصلاة الجنازة على أبناء الوطن الأمنين والمغرر بهم وضحايا القتل العمد على الهوية أصبحت أحد معالم البلد.
هناك عديد الدول تدعم الإرهاب في البلد ولكن العالم الذي يدعي أنه متحضر يغض الطرف عن ذلك لمصالح شخصية، عديد المؤتمرات بشأن ليبيا ولكن لم تكن هناك النية الصادقة لإحلال الأمن والاستقرار.
بفضل الاستحواذ على المال العام تكونت ممالك وامبراطوريات بسبب تقاعس الأجهزة الرقابية والمحاسبية وغض الطرف من قبل النائب العام والقضاء عن القيام بدورها وآخرها قرارات الإيفاد للعمل أو الدراسة بالخارج خير دليل على استهتار السلطة.
خيرات البلد من بترول وغاز وسواهما يجب أن تكون للشعب، وأن يعيش معتزا بوطنه، لا فقيرا متسولا ينعم الآخرين بخيراته.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً