على ضوء ما يتم هذه الأيام في ساحات طرابلس العاصمة من عمليات للإزالة ورفع للإنشاءات العشوائية أسمح لي أن اتقدم إليكم بهذا البلاغ ليكون بمثابة إنذار لما سيحل بالبلاد من ناحية الإزالة العشوائية التي تتم دون ضابط لها من قانون أو أدبيات!.
أولاً: بداية هذا البلاغ ليس دفاعا عن منتهكي الحقوق ومغتصبي الأرزاق والمستولين على أملاك الدولة بل بلاغا ضد كل مخالف للقوانين من الطرفين ممن يستغل الظروف ويتحاذق لينال مبتغاه مهما كان الثمن باهظا.. الدول سيادة النائب العام لا تبنى بالعشوائية أو الأفكار اللحظية بل بإرادة أبناءها المخلصين ومراعاة لمصالحهم وليس معاداتهم والصدام معهم!.. الوطن يحتاج إلى التضحيات والتعب ليقوم ويقف وفق خطط مدروسة تنظر ما يجب وما لا يجب وإلا سنكون حاضنين للظلم والإرهاب والفساد!.. يجب علينا قبل أي توجه للمواطن أو أملاكه أو حتى ما يوصف بأنها تعدياته كان الأوجب التوجه إلى الأدوات التي ستقوم بهذه العملية فنقوم بفرزها وتبويبها وترتيبها لتكون ذات إخلاص واختصاص فنخرج بنتائج تخدم الوطن والمواطن وحتى تكون جهودنا مثمرة من رفع للظلم وإحلالا للعدل وليس مجرد شعارات لبعث رسائل وجلب أموال لتنفق في غير وجهها وما يترتب عن ذلك من خسائر تطالنا للأسف جميعا.
ثانياً: قبل الإزالة وما يرافقها وبعدها يحتاج الأمر إلى وجود وإبراز دور رجالات القانون من نيابة ومختصين ينظرون بعين التجرد إلى ما هو موجود وما يجب أن يكون وما يجيزه القانون وما لا يجيزه حتى لا نقع في براثن التعويضات ونرهق الدولة فيما بعد بتعويضات وإشكالات كان بالإمكان حلها وفق إجراءات قانونية سليمة فلا نزيل إلا بقرار من المحكمة المختصة ولا يكون ذلك إلا بعد قراءة للمشهد برمته وليس مجرد نتراث هنا وهناك وتعويل فقط على ردود إيجابية من الشعب سرعان ما تتحول إلى سخط ولعنات عندما يكشف المستور.
ثالثاً: مخالفة المخططات لا يعني أن المواطن مذنب والتخطيط العمراني سليم وبريء فالتلاعب بالمخططات وتصفية الحسابات من خلالها أمر معروف وموجود ولا يمكن ياسيادة النائب العام وأنتم أهل القانون وأصحابه أن نقوم بمحاسبة مواطن على جرم أوقعه فيه من يدعي اليوم المحافظة على المخطط العام وبدون مسوغ قانوني حقيقي سليم.
رابعاً: التخطيط العمراني كمصلحة في حد ذاته في حاجة ماسة إلى إعادة تأهيل لمخططاته وإعادة مراجعة أوراقه لتتوافق مع الواقع المعاش وليس العيش في الوهم كون المخططات الحالية قد طال عليها العهد وكان يفترض أن تنفذ في حينها كونها مرتبطة بحياة الناس وتطور معيشتهم وحياة الناس ومعيشتهم لا تنتظر أو تتوقف ليأتي بعد عشرات السنين فيحاسب المواطن على أمر كان يفترض أن يعاقب عليه التخطيط العمراني البدائي السقيم لأنه اكتفى بجمال تخطيطه ولم يذهب إلى روح وجوهر المطلوب وهو سرعة التنفيذ لتلك المخططات والحيلولة دون أن يتم التعدي عليها.. هل قاموا بنشر صور من مخططاتهم وألصقوها في كافة الأماكن ليكون للمواطن ثقافة عقارية عامة؟.. هل بينوا للجميع أين تقع الأراضي التي يجب ألا تمس وألا تُشترى ـو تخضع حتى للتسهيلات من قِبل المصارف وذلك من خلال لوحات الإعلانات في الطرق وفي القنوات الفضائية وعلى ألواح المساجد والمدارس والمنتديات حتى يكون الجميع مطالب بالمحافظة وعدم التعدي فالهدف من التخطيط العمراني هو إسعاد الناس ورفع مستوى معيشتهم وتسهيل حياتهم وليس إدخالهم في متاهات لا حد لها!.. المواطن اضطر الآن أن يقوم بإيجاد حلول في غياب الحلول والتخطيط العمراني بقي عاجزا طيلة عشرات السنين وهو يدرك ويعرف أن التصنيف التجاري مثلا كان مرفوضا على مستوى الدولة التي جرمت التجارة الاستغلالية حتى تقيمها من اعوجاجها وتنهي تغولها وبقي ذلك عشرات السنوات مما أربك الأوضاع وجعل المواطن يتصرف بنفسه وهو أمر زكته الدولة حينها وسمحت به فمنحت التراخيص التجارية للمحلات التي تتوفر فيها الشروط الصحية والفنية وصارت رخصة مزاولة النشاط هي بمثابة اعتراف من التخطيط العمراني بوقوع تلك المحلات بالتصنيف التجاري وكان يجب عليها مواكبة الأحداث والتطورات وتقوم بتثبيت تلك التصنيفات لكن الذي حدث أنها بقيت جامدة تنتظر وتتربص بالمواطن وكأنه عدوها دون أن تقدم ما يدل على وعيها المجتمعي أو قدرتها على البناء.
خامساً: بلديات طرابلس الكبرى ممثلة في عمداءها لن تكون قادرة على الوصول إلى الحلول لأنها غير متخصصة وليس لها دراية بما كان حاصل وبالتالي كان يفترض الاستعانة بكافة من سبقوهم من أمناء اللجان الشعبية السابقين وأعضاء الإسكان والمرافق وإنشاء تجمع استشاري يضمهم والاستعانة بتقاريرهم المكتوبة التي توضح خفايا الأمور والحلول الناجعة لها بمعنى إقامة ورشة عمل عقارية حقيقية ينتج عنها عمل وطني تبدأ بالتقارير الميدانية ثم الوصفات الحالية ثم وضع وفرز المستندات التي هم أدرى بها وبمدى صحتها لأنها كانت تمثل الدولة أيامها وهم من كان يعمل بها لنخرج فيما بعد بمشروع وطني جامع وليس مشروع هدم عشوائي لبناء عشوائي يأتينا بنتائج عشوائية تزيد المأساة.
سادساً: التخطيط العمراني لم يستقر في مخططاته وتم الضغط عليه بألوان شتى من الضغوط حتى صار حربة لمن يملك القوة والنفوذ وعندي الدليل على تضارب التخطيط العمراني وعدم حياديته مع احترامنا الشديد للكفاءات منه كالمهندس المرحوم محمد عمران العلوص والمهندس عز الدين التواتي ومحمد كافو وغيرهم إلا أن الأمر لا يخلو من الهنات وهذه لا يجب أن يدفع ضريبتها المواطن بحجة مخالفته للمخطط أو التصنيفات الفنية فما هو موجود أغلبه لا يتوافق مع ما يجب ولعلنا لو راجعنا أرشيف التخطيط ولجانه سنجد الكثير!.
سابعاً: بعض الإنشاءات المخالفة هي في الحقيقة مرهونة للمصارف بعد أن منحت لأصحابها سلف وقروض مقابل رهنها وهنا عندما نقوم بإزالتها دون التنبه لها من حيث ملكيتها أو ايلولتها فإننا نرتكب جرما في حق الوطن والمواطن.
ثامناً: الإزالة العشوائية أحيانا تكون تغطية لبعض الجرائم التي ارتكبت في حق الوطن من نهب للأموال والتربح وهذه الأمور قامت بحل إشكالاته الدول التي تحترم نفسها حيث عقدت عملية اسمها المصالحات فيدفع المواطن للخزينة ما يساعدها لتقف على قدميها ويبقى المواطن في ذلك المكان حتى يُوافي أصحاب الحقوق حقوقهم.
تاسعاً: إلى سيادتكم هذه القصة التي ستوضح المراد من هذا البلاغ وكيف تسير الأمور تحت الطاولة وكيف تضرب الجهات العامة كالتخطيط العمراني وغيره القوانين والنظم ثم تلحق تلك المخالفات بالمواطن!… في يوم من الأيام قررت الدولة أن تقوم بعمليات هدم وصيانة لأجل التطوير وكنت شاهد إثبات على حالة في شارع بن عاشور وتحديدا طريق السكة.. وهو الطريق الذي يؤدي إلى مكتب الدكتور البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الأسبق رحمه الله.. في ذلك الصباح وقفت سيارات الشرطة ومعهم السيد فاتح الجمل المسئول عن عمليات الهدم وهم يشيرون إلى موقع لصيق ببيتي مباشرة فجئت إليهم أسئلهم فقالوا لي أن الأوامر صدرت بإن نقوم بتنفيذ حديقة في هذا المكان فقلت لهم ولكن هناك قرار من المؤتمر الشعبي الأساسي شهداء المنشية بأن يكون هذا المكان مستوصف صحي يقدم خدماته للأهالي فأجابوا هذا يخالف التخطيط العمراني وتصنيفاته فقمت بالتقدم لرئيس المحكمة الابتدائية الاستاذ مصطفى العفشوك أطلب انتذاب خبير يقوم بمتابعة عملية الهدم التي لا محالة ستأخد جزء من عقاري وهو فعلا ما حدث حضر الخبير وقدر الخسائر والتعويضات وأحالها إلى رئيس المحكمة وفي هذا الوقت أخدت معاول الهدم تعمل وتم إقامة حديقة على أحدث طراز وبعد إنجازها من قِبل إحدى الشركات أخدت في التردد على المكاتب لتحصيل حقي حيث تم إقرار مبلغ وقدره 143 ألف دينار بينما قدر الخبير القضائي التعويض 1200000 دينار وهذا كان سنة 2008 وحتى يوم الناس هذا لم اقبض لا ألف ولا مليون فقمت برفع قضية مطالبا بحقي لازالت منظورة في المحاكم.. عندما جاءني السيد فاتح الجمل وقدم لي ورقة رسمية تخاطبني كمالك وبأنه رئيس لجنة الإزالة والتجميل للواجهات وأن المحلات التجارية التابعة لي تحتاج أيضا إلى تجميل على حسابهم ولكن الذي حصل أنهم أزالوا جزء من بيتي وتم ضمه للحديقة ولم يفعلوا شيئا لمحلاتي التجارية.. الكارثة أنني عندما ذهبت للتخطيط العمراني لاعتماد الرسم الكروكي بخصوص الحديقة التي تم إنشاءها من قِبل جهاز الهدم والتطوير وصرفت عليها الدولة مبالغ ضخمة لتكون متنفسا للناس اتفاجىء بأن الموقع لديهم ليس حديقة بل محطة كهرباء وهذا عندي موثق بالأوراق فقلت لهم كيف يكون ذلك كذلك؟.. من ضحك على الدولة؟ أين ذهبت أموال الحديقة؟.. من فعل ذلك؟.. لم أجد لديهم جوابا إلا أن بعضهم قال لي.. هذا الأمر يحدث كثيرا وحتى محلاتك التجارية تجدها غدا سكنية أو زراعية!!.. إنه الفساد المستشري وألاعيب الحواة للاستيلاء على أرزاق الناس وابتزازهم وهذا الأمر الذي أعنيه ويجب يا سيادة النائب العام أن تتفطن له وأن تكون لك أدوات وقدرات غير من تلتقيهم وتسمع منهم فأغلبهم العدو فاحذرهم!.. اللهم أني قد بلغت اللهم فاشهد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً