مع فوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه أنظار العالم حول كيفية تعامله في الصراعات التي تجوب العديد من البلدان، لا سيما منطقة الشرق الأوسط، فكيف يتوقّع الخبراء والمحللين أن يكون تعامل “ترامب” مع الملف الليبي؟
وفي هذا السياق، صرح المحلل السياسي، إدريس أحميد، بأن “انتخاب الرئيس ترامب سيترك تأثيرات محتملة على الأزمة الليبية، حيث تمتلك الإدارة الأمريكية عدة ملفات ذات أولوية، أبرزها الاقتصاد، إلى جانب قضايا الصين والاتحاد الأوروبي والناتو وروسيا والملف الإيراني، مما يجعل الملف الليبي جزءًا من أولوياتها بحسب الترتيب والأهمية”.
وأضاف أحميد لوكالة “سبوتنيك”، “أن إدارة “بايدن أبدت اهتمامًا بالملف الليبي على مستوى السفراء والإدارات المختلفة وسعت إلى تعزيز الوجود الأمريكي في ليبيا، بينما يتميز نهج ترامب بالتركيز على الحد من التصعيد وتجنب الحروب”.
وأشار المحلل السياسي إلى أن “ترامب” قد يسعى لبناء تفاهمات مع روسيا حول قضايا ثنائية، أبرزها الملف الأوكراني، مما قد ينعكس إيجابيًا على ليبيا، خاصة في ظل تفضيل ترامب للوصول إلى مرحلة تفاهم مع روسيا”.
وأكد على “ضرورة وعي الليبيين بأن ملفهم يعد أحد الملفات المطروحة أمام الولايات المتحدة، التي تتعامل معه وفقًا لما يتوافق مع مصالحها، فإذا كانت هناك رغبة صادقة لدى الأطراف الليبية للوصول إلى حل، ستعمل الولايات المتحدة على دعم هذا التوجه، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالحها الاقتصادية”.
وأوضح أن إدارة “ترامب” السابقة كانت قد تناولت الملف الليبي بتركيز على الحد من الفوضى، ومن المتوقع أن تتعاون مع الجهات الفاعلة والقوية في ليبيا لتحقيق الاستقرار”.
وأشار إلى أن “إدارة “ترامب” تتعامل مع جميع الأطراف الليبية وفق منظور المصالح المشتركة، ولن تعارض إجراء انتخابات ليبية قادمة، كما قد تسعى لتعزيز العلاقات مع الأطراف الليبية القادرة على تقديم رؤى تتماشى مع سياستها وتخدم مصالحها”.
بدوره، صرح المحلل السياسي والأكاديمي الليبي، إلياس الباروني، “بأن الملف الليبي لم يكن ضمن أولويات إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” في السابق، لكن صدور “قانون دعم الاستقرار في ليبيا” من الكونغرس الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة من فترة حكمه شكل نقلة نوعية في تعامل الإدارة الأمريكية مع ليبيا، وإن كان ذلك برؤية “خجولة” لم ترق لمستوى التحديات الحقيقية على الأرض”.
وأوضح الباروني لـ”سبوتنيك”، “أن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه ليبيا كانت ضعيفة وغير متفاعلة، إذ كان الملف الليبي خارج دائرة التركيز مقارنة بتفاعل واشنطن مع قضايا أخرى تحتل أولويات أعلى، ما أتاح المجال لقوى أخرى للتدخل”.
وتوقع الباروني، “أنه بعد فوز ترامب بولاية ثانية، فقد نشهد تحولًا في نهجه إزاء الملف الليبي، نظرًا لأن “ترامب” ينظر إلى ليبيا باعتبارها فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية”.
وأشار إلى أن “الإدارة قد تسعى إلى المساهمة في حل الأزمة الليبية بشكل يخدم مصالح الولايات المتحدة، خاصة وأن ترامب قد أكد مرارًا على أهمية تقوية الجيش الأمريكي لتعزيز السلام وإنهاء الحروب، ما يعكس تغيرًا في خطابه السياسي وربما في تعامله مع الأزمات الدولية”.
واعتبر الباروني، “أن عودة “ترامب” إلى الحكم سيكون لها أثر كبير على الساحة الأمريكية والدولية، خاصة في ظل التراجع الذي شهدته الولايات المتحدة خلال فترة حكم بايدن وضعف أدائه مقارنة بترامب، الذي يتميز بقوة الحضور وقدرته على تحريك الرأي العام”.
وأضاف أن “الإدارة الأمريكية المقبلة، إذا قادها ترامب، ستواجه تحديات ضخمة، من أبرزها ضرورة إعادة النفوذ الأمريكي لاستعادة التوازن الدولي، خصوصًا في القضايا الهامة وعلى رأسها الأزمة الليبية”.
وأشار إلى أن “هناك إمكانية لتحقيق السلام في ليبيا، بالنظر إلى مرونة ترامب في التعامل مع روسيا، مما قد يؤدي إلى تقارب أكبر في مقاربة الأزمة الليبية”.
ورأى “أن هذا التقارب قد يدفع نحو تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الأطراف الليبية والمجتمع الدولي، بما في ذلك إنهاء المرحلة الانتقالية وإنجاز الدستور المدعوم من الشارع الليبي”.
اترك تعليقاً