حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الثلاثاء أعلنت أن القوات الأميركية ستبقى في أفغانستان إلى ما بعد الاول من مايو، الموعد الذي حدد في اتفاق مع طالبان، على أن تنسحب “من دون شروط” بحلول 11 سبتمبر في ذكرى اعتداءات 2001 في الولايات المتحدة.
وصرح مسؤول أميركي للصحافيين “سنبدأ انسحابا منظما للقوات المتبقية قبل الاول من ايار/مايو ونتوقع إخراج كل القوات الاميركية من البلاد قبل الذكرى العشرين (لاعتداءات) 11 سبتمبر”، مؤكدا ان هذا الانسحاب سيكون “منسقا” ومتزامنا مع انسحاب القوات الاخرى التابعة لحلف شمال الاطلسي. وفقا لرويترز.
وأضاف “أبلغنا حركة طالبان من دون أي التباس أننا سنرد بقوة على أي هجوم على الجنود الأميركيين خلال قيامنا بانسحاب منظم وآمن”. وكانت حركة طالبان حذرت في الآونة الأخيرة واشنطن من أي تجاوز لموعد 1 مايو مهددة بالرد بالقوة فيما امتنعت عن أي هجوم ضد القوات الأجنبية منذ الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان في 2020.
في المقابل تستمر أعمال العنف بشكل كبير على الأرض بين حركة طالبان والقوات الأفغانية. وتدخلت الولايات المتحدة في افغانستان غداة اعتداءات 11 سبتمبر 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع. وسرعان ما اطاحت بنظام طالبان الذي اتهم بايواء تنظيم القاعدة الجهادي المسؤول عن الاعتداءات وزعيمه الراحل اسامة بن لادن.
في أوج انتشار الجيش الاميركي، كان هناك حوالى 100 ألف جندي أميركي في افغانستان في 2010-2011. وخفض الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عديده الى 8400 رجل عند نهاية ولايته الثانية ثم أرسل الرئيس السابق دونالد ترامب تعزيزات وأصبح العدد 14 ألفا في 2017. لكنه تعهد لاحقا القيام بانسحاب تدريجي، ولم يعد هناك سوى 2500 جندي أميركي في أفغانستان.
ومن أجل إنهاء أطول حرب في التاريخ الاميركي التي أدت الى مقتل أكثر من ألفي جندي أميركي، وقعت واشنطن ابان ولاية ترامب اتفاقا تاريخيا مع طالبان في شباط/فبراير 2020 في الدوحة. ونص الاتفاق على سحب كل القوات الأميركية والأجنبية قبل 1 مايو بشرط أن يتصدى المتمردون لنشاط اي تنظيم ارهابي في المناطق التي يسيطرون عليها.
وشكك البنتاغون أخيرا في مدى التزام طالبان بهذا الامر. ونص الاتفاق ايضا على وجوب ان تباشر طالبان مفاوضات سلام مباشرة مع حكومة كابول. لكن هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ بدأت في ايلول/سبتمبر على ان يتم احياؤها اعتبارا من 24 ابريل في اطار مؤتمر في اسطنبول رغم ان طالبان لم تؤكد مشاركتها بعد.
وجاء القرار مع اعلان تركيا أنها ستستضيف مؤتمر السلام الدولي حول أفغانستان في اسطنبول في الفترة من 24 أبريل إلى 4 مايو بحضور ممثلين عن الحكومة الأفغانية وعن حركة طالبان. لكن طالبان أعلنت الثلاثاء أنها لن تشارك في القمة ما لم تخرج كل القوات الأجنبية من أفغانستان.
وجاء في تغريدة للمتحدث باسم مكتب طالبان في قطر “إلى أن تنسحب كل القوات الأجنبية من بلادنا، لن نشارك في أي مؤتمر قد تتّخذ خلاله قرارات بشأن أفغانستان”. وقال المسؤول الأميركي “سنركز كل جهودنا على دعمنا لعملية السلام الجارية، لكننا لن نستخدم وجود قواتنا كعملة مقايضة”.
ونبه المسؤول الثلاثاء الى ان الانسحاب الذي قرره بايدن الذي سيتطرق الاربعاء الى هذا الملف الحساس، سيكون “من دون شروط”. وقال إن “الرئيس يعتبر ان مقاربة مشروطة كما كانت الحال عليه في العقدين الماضيين، كان سببا للبقاء في افغانستان الى الأبد”.
ويلقي بايدن الاربعاء خطابا يتناول فيه انسحاب القوات الاميركية من افغانستان. وقالت جين ساكي إن “الرئيس سيتحدث غدا في البيت الابيض عن المراحل المقبلة في افغانستان، وخصوصا خطته وبرنامجه الزمني من أجل (تنفيذ) انسحاب”. وعلى غرار دونالد ترامب وباجماع الرأي العام الأميركي الذي سأم من التدخلات الدامية والمكلفة في الخارج، وعد بايدن “بانهاء حروب” أميركا الطويلة.
لكنه تطرق خلال حملة الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر الى احتمال إبقاء كتيبة صغيرة لمكافحة الارهاب في افغانستان. لكن في نهاية المطاف لم يعد هذا الأمر واردا. فقوات مكافحة الارهاب ستنشر خارج البلاد، والوجود العسكري الأميركي الوحيد هناك بعد 11 سبتمبر سيكرس لحماية دبلوماسيي الولايات المتحدة كما قال المسؤول الذي عرض بالتفصيل موقف الرئيس حول هذا الموضوع للصحافيين.
لكنه وعد بان الحكومة الأميركية ستستخدم “كل الوسائل الدبلوماسية” بحوزتها “للحفاظ” على التقدم في مجال حقوق المرأة الأفغانية. وأعاد احتمال عودة طالبان الى السلطة شبح حقبة حكم الحركة من 1996 حتى 2001 حين فرضت نظاما متشددا ومنعت النساء من الدراسة أو العمل. واعرب النائب الجمهوري عن تكساس مايكل ماكول عن أسفه كون هذا “الانسحاب السابق لأوانه” ويعني “اننا لا نترك أي قوة متبقية لمواجهة التهديدات الإرهابية الصادرة من افغانستان، واننا نتخلى عن شركائنا الأفغان خلال مفاوضات السلام الحاسمة ونعطي طالبان انتصارا كاملا رغم فشلها في الوفاء بتعهداتها”.
اترك تعليقاً