يا أهل الجنوب، أخاطبكم اليوم بصوت العقل والمنطق، عل مصابنا ومأساتنا في بنت بية هو الناقوس الذي سيوقضنا من غفلتنا، ومن سلبيتنا، عسى يكون ابتلاء أراد الله به خيرا لنا، لنتحرك ونتولى أمرنا ونتوقف عن استجداء عطف شركاء الوطن.
نحن ضد الانفصال وتمزيق أوصال الكيان الليبي، فنحن أكثر تمسكا بالوطن ووحدته، ولكن سلبيتنا جعلتنا مطية للقوى المتصارعة، فحكومة الغرب أرسلت لنا القوة الثالثة لتفرض الأمن وتحمينا، وكانت أقل سوءا من القيادة العامة التي حلت محلها وجلبت المرتزقة من دارفور ومن قوات العدل والمساواة السودانية والمعارضة التشادية ثم قوات فاغنر الروسية التي تحتل القواعد العسكرية وأرسلت المليشيات غير المنضبطة من الشرق لتفرض الاتاوات وتمارس نشاط التهريب.
إلى متى يستمر هذا الحال البائس؟ إلى متى يزج بابنائنا في صراعات الشرق والغرب؟ لما لا يجتمع أبناؤنا ضباط وجنود الجنوب ويترفعوا عن كل الخلافات الضيقة ويقرروا حماية الجنوب والدفاع عن الوطن وحماية حدوده وطرد كل مرتزق من أرض فزان؟ لماذا لا يرفع الجنوب صوته ضد هذا العبث ويدفع نحو توحيد الوطن ويسعى لحفظ حقوق أبنائه؟
لم يعد متاحا الصمت على هذا القتل البطئ الذي نتعرض له في فزان، علينا أن نتحرك وننتفض في كل الجنوب ضد هذه العصابات التي تستغل الجنوب وموارده لأهداف سياسية ولا يعنيها أمن المواطن وسلامته وكرامته، وهذا الحراك والبيانات والمظاهرات في كل مدننا وقرانا بالجنوب مبشرة بإحداث التغيير المطلوب، وإلزام كافة القوى التي تستغلنا لمآربها أن تحترمنا وتسحب عصاباتها الاجرامية، وأن يتخلى أبناؤنا عنها وينحازوا إلى أهلهم، ويوحدوا جهودهم لحماية الجنوب. ليس من المجدي اليوم البكاء على اللبن المسكوب، ولكن علينا الإسراع بامتلاك زمام المبادرة، بمواصلة هذا الحراك والضغط بكل الوسائل حتى نخلص جنوبنا الحبيب من هيمنة الأطراف المتكالبة على السلطة.
ما الذي جلبه حفتر للجنوب غير الفقر والبؤس والخراب، تسلل بخدعة محاربة الارهاب، وأول مافعله هو السيطرة على حقلي الشرارة والفيل، لأن هذا ما يهمه من الجنوب ومن الوطن بأسره. المواقع الحيوية في البلاد ليستخدمها كاوراق في مشروعه السياسي ثم اتجه للمنافد ليفرض الاتاوة علي المهربين، لم يكن همه اخضاع الناس لأن الجنوب لا يشكل ثقلا سكانيا، أي لا يصلح كرصيد سياسي، ولا يستحق عناء المراقبة والسيطرة. وحين أحكم سيطرته جلب مرتزقة العدل والمساواة جماعة مني مناوي، وبقية الفصائل الاخري من المعارضة التشادية والسودانية. ليستخدمها في حروبه ومغامراته، ثم جلب مرتزقة فاغنر ووطنها في جنوبنا لتنطلق منها لتنفيذ استراتيجيات روسيا في أفريقيا، وفتح المجال للطيران المصري والإماراتي ليقصف بدون تمييز، ولعل مجزرة مرزق ومجزرة أوباري حاضرة في الذاكرة لم تزل.
علينا أن نعترف نحن أبناء الجنوب أننا تركنا أمرنا للقوة الثالثة ثم إلى قوات القيادة العامة، فتمزق الجنوب في صراعات عرقية وقبلية، وعلينا اليوم تدارك الأمر وانقاذ ما يمكن انقاذه بأن نلم شمل الجنوب، ليس في مواجهة الشرق والغرب أو بعث الجنوب كقوة أخرى منافسة، وإنما لإنقاذ الجنوب من الموت، من الانقراض بخلو فزان من العنصر الوطني، بعد أن زادت معدلات النزوح نحو الشمال، وتدفق المهاجرون من دول الجوار، وإعادة القيمة لأنفسنا بتولي زمام أمرنا وسد باب الفتن بيننا. فنحن، عرب من كل القبائل وطوارق وتبو، نجلد بنفس السوط، ونقتل من نفس العدو الذي صنف رسميا في المحاكم الأمريكية كمجرم حرب، وقريبا جدا سيمثل أمام العدالة. فأحزموا أمركم يا أبناء الجنوب، ولاتدعوا المجرم العميل يوردكم المهالك ويقضي على ما تبقى منكم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً