يتعلم الإنسان منا منذ خلقه الله سبحانه وتعالى وأظهره للوجود في كل يوم الكثير، ولن أبالغ إذا قلت إنه يتعلم في كل ثانية شيئًا جديدا، بعد أن تقدمت وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي.
إن الانسان يكون في هذه الحياه قدراته التي يحقق من خلالها ذاته، التي تختلف بطبيعة الحال من شخص لآخر، هذا الاختلاف معظمه مكتسب وليس طبيعيا مولودا به، إلا في حالات التخلف أو من يولد ناقصًا في تكوينه الجسدي، خاصة المتعلق بالعقل والدماغ ومركز المعرفة عند الانسان، أما ما عدا ذلك فإن تشكيل الذات الإنسانية- من أفكار ومعتقدات وتوجهات وآراء وميول- يكون مكتسبا من البيئة الاجتماعية المحيطة، وهذا بدون شك أمر معروف علميا ومتفق عليه.
من خلال هذه المقدمة البسيطة أرى أن الفرح والحزن صفتان متلازمتان للإنسان، يمر بهما في حياته من خلال أحداث ومواقف عدة أراد بها الله تعالى أن يختبرنا فيها من حيث التصرف والسلوك الذي نتبعه في أفراحنا وأحزاننا.
وإن الانسان المحب العاشق لوطنه ومجتمعه وأهله يسعد لسعادتهم وينبهر ويفرح عندما يراهم مبتسمين فرحين في تجمعاتهم بالمساجد والأماكن العامة من أسواق ومقاهٍ ومنتديات اجتماعيه مختلفة، وحتى في الشارع، وتصبح لديه عيون الأطفال وهي مبتهجة سعيدة بمرافقة أهلها في المنتزهات العامة “تساوي الدنيا وما فيها”، وفي الوقت نفسه، عندما يصاب الوطن بمكروه- مثلما نحن فيه الآن من قتل ودمار وتفجيرات واغتيالات وجرائم مختلفة ورعب- تراه في أعين الطفال وهي شاردة يمينا وشمالا تبحث عن ملجأ أمن ولا تجده بسبب صوت الرصاص المتناثر في كل اتجاه وصوت البكاء والعويل لامرأة فقدت زوجها أو أم حنون فقدت ابنها.
إن الضيق وعدم الارتياح والشعور اليومي بالغبن المستمر أصبح سمة يومنا من صباحه إلى مسائه، نبكي حرقة علي صديق أو جار أو قريب أصيب أو توفي، ونغضب ونحاول كظم الغيظ من تصرفات حاقدين حاسدين ماكرين يعيثون في الأرض فسادًا من سراق خيرات هذا الوطن وهادمي مقدراته المروجين لأفكار سوداوية ما أنزل الله بها من سلطان أملاها المتآمرون على هذا الوطن وأصحاب الأجندات الخارجية.
في كل يوم من هذه الايام يضيق صدري وتنهمر دموعي على وطن أحببته ويعيش في داخلي، لا أسكن فيه فقط، وعندما أعود بذكرياتي فيه أتساءل: هل ستعود الابتسامة لأطفالنا؟! هل ستنعم نساؤنا بالأمن والأمان وشيوخنا بالاحترام والتقدير كما كنا؟!
أنا الآن لا يهمني نظام حكم، ولا تهمني الثورات، ولا أهدافها أو انتماءاتها، ولكن ما يهمني بحق هو وطن وناس انصهرت ذاتي فيهم وفي حبهم.
ولا زال الأنسان منا يدعو ويستمر في الدعاء لأن الذات تعلم أن منقذها هو خالقها، وأن ليبيا التي انصهرت ذاتي فيها حتمًا سينصرها الخالق على كل من عاداها من أبنائها الجاحدين أو من أعدائها المارقين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً