انتصار اعتدال أحرار ليبيا وهزيمة تطرف فرنسا - عين ليبيا
من إعداد: أ.د. فتحي أبوزخار
تدخل فرنسا بقواتها في ليبيا بدون أذن من المجلس الرئاسي انتهاكا سافرا ومتطرفا.. فتجاوز كل الأعراف والمواثيق الدولية يعد تطرفا وخروجا عن المألوف. ولو تم التدخل بعلم المجلس فستكون خيانة من المجلس الرئاسي. وتستمر 17 فبراير انتصارا لأحرار ليبيا بالرغم من تدخل فرنسا ضد كتائب القذافي الأمنية التي أطلقت النار على المتظاهرين سلميا بعدما انتهت صلاحية الدكتاتور معمر.. نعم لا ينكر أي منصف حر بأنه التقت مصلحة أحرار ليبيا الرافضين لدكتاتورية معمر، بسياسته كراعي لقطيع، وفرنسا مع حلف الناتو. فرنسا التقت مصلحتها مع انتفاضة 17 فبراير لتدفن كل الصفقات المشبوهة، مع الدكتاتور معمر مثل تمويل حملة ساركوزي، وما خفي كان أعظم بتدخلاته في تمويل انقلابات أفريقيا والعالم. ويستمر انتصار أحرار البنيان المرصوص على داعش في سرت.
رأى العالم الغربي في انتفاضة 17 فبراير غنيمة لتحريك سوقه الحربي، وساحة تدريب لطياريه بقصف البنية التحتية الدفاعية لليبيا وطامعا في فتح طريق لتدخلاته السافرة وتحويل ليبيا لمكب للهجرة غير الشرعية ونفاياته الصناعية والنووية.
صحيح أن 17 فبراير تمثل تجربة لأحرار ليبيا على طريق الديمقراطية الشاقة بعد أن أنهكتهم الدكتاتورية الممنهجة، وعانوا من تجهيل الشعب الليبي. ولكن إلى اليوم أثبتوا أنصار فبراير بأنهم قادرين على الاستمرار، ولو بصعوبة، بالسير في طريق الحرية والديمقراطية بالرغم من تآمر العالم عليه، وخاصة فرنسا داعمة دكتاتورية العسكري السيد حفتر.
لم تنجح حتى اليوم كل العقبات التي تكومت على طريق التحرر وبناء دولة العدل والقانون. هذه العقبات تتلخص في النقاط التالية:
مع مشاركة فرنسا في معظم العقبات التي وردت أعلاه إلا أنها لم تنجح فرنسا ولا من يساندها من الدولة الغربية والعربية في محاولاتها لثني أذرع أحرار ليبيا. فطرحت الفدرالية كمشكلة وانقسام وحركت الحرب في الجنوب لتحويلها إلى حرب عربية تباوية ووعدت عائلة سيف النصر بالعودة لحكم فزان ونشرت الفوضى والجريمة في العاصمة طرابلس واستدرجت العنف والحرب الأهلية “القبلية” باقناع بعض الزنتان بأنهم أوصياء على العاصمة ولكن بقية طرابلس متحررة وصامدة.
فرنسا ومن يساندها من دول ليس من مصلحتهم أن تنجح الديمقراطية والشفافية في ليبيا لأن ذلك سيزعج الدول النفطية التي تحكمها دكتاتورية الملك ولن تساعدهم الديمقراطية في تنفيذ مخططاتهم الرامية إلى تحويل ليبيا إلى مكب للنفايات الأوروبية أو على الأقل طريق لعبورها إلى أدغال أفريقيا وصحاريها .. كما وأن المشكلة الأكبر: الهجرة غير الشرعية التي هي في الأساس صناعة دول استعمارية بما خلفته ورائها من جهل ومرض وفقر بعد سلب مواردها وخاماتها الطبيعية. غياب التنمية خلق البطالة ففتحت عصابات مافيا الهجرة غير الشرعية الطريق للأيدي العاملة الرخيصة لمصانع أوروبا ومزارعها.
بالطبع لتتحقق النفعية بعد وصول الهجرة غير الشرعية، أو حتى في البحر، تأتي عملية الفرز ليدخل إلى أوروبا الأصحاء من الشغيلة ويرجع إلى ليبيا المعوقين والأطفال والعجزة.. ولكي يظهر السيناريو محبوك بالتأكيد يطعمون المرجعين من أوروبا ببعض الأصحاء!!! ولم تتوقف محاولات الضغط على ليبيا للتوقيع على اتفاقيات اللجوء الدولية التي الهدف منها أن تتحول ليبيا موطن لكل من ترفضهم أوروبا من مهاجرين غير شرعيين.
مفتاح الدخول إلى ليبيا، وحسب تقديرات فرنسا، هو تغلل استخباراتي وتمهيد للطريق أمام السيد حفتر للسيطرة على ليبيا إعلاميا وعسكريا. بل لا نستغرب ان بعض الشخصيات القيادية من داعش في ليبيا هي صناعة فرنسية وخاصة الشخصيات التونسية بل قد يكون انضمام فرنسا الأخير إلى قوات حفتر ومقاتلة أحرار ليبيا، من سرايا الدافع عن بنغازي التي نختلف معها بإعلان تبعيتها للمفتي.. فلا علاقة لدار الإفتاء بالحرب الأهلية إلا بالمصالحة، لتخفيف عن دواعش سرت أملا في هروب بعض عملائها بسرت.
بالتأكيد هذا الاندفاع الفرنسي من 2011 إلى اليوم في ليبيا له مبرارته. صحيح أن الدافع الظاهري لتدخل فرنسا في ليبيا كان في البداية لمساعدة الشعب الليبي على التخلص من الدكتاتور معمر القذافي أما اليوم فهو بحجة محاربة الإرهاب وداعش. لكن تختفي وراء ذلك أسباب يمكن اقتراحها على النحو التالي:
تحاول بعض الدول الغربية أن توظف ربيع ليبيا بما يخدم مصالحها، من هجرة غير شرعية وتغلل أعمق في الشأن الليبي، وتستخدم كل الوسائل غير الشرعية الدنيئة لذلك. فتحرك النعرات القبلية والعرقية والجهوية تحت مظلة حقوق الإنسان والفدرالية والحرية الدينية. فدعمت نشر السلفية الوهابية المتطرفة لكراهية الإسلام الحقيقي المعتدل. ونادت بحقوق المرأة لتتمرد على الأخلاق والعفة. ورفعت شعارات الحرية ليتم التمرد على كل آليات الضبط والانضباط الاجتماعي لتعيش ليبيا في فوضى. وباسم حقوق الأقليات عمقت الكراهية بين أبناء وبنات الوطن الواحد.
لكن فشلت، حتى تاريخ اليوم، جميع محاولات فرنسا وغيرها من الدول الغربية والعربية في السيطرة التامة على ليبيا. صحيح تعاونهم مع البعض من منظومة النظام السابق أطال المرحلة الانتقالية إلا أن أحرار ليبيا ما زالوا يقاومون ويسطرون في سرت ملاحم البطولة ويهشمون شوكة داعش. بل وسيكون مصير كل من تسول له نفسه المساس بأهداف 17 فبراير مثل مقبرة داعش في سرت.
أحرار ليبيا هزموا الثورة المضادة في طرابلس وهزموا داعش في درنة وصبراته وسرت. ووقفوا حجرة عثرة أمام عودة دكتاتورية العسكر من خلال السيد حفتر الذي لا يرقب إلا ولا ذمة في الشعب الليبي بعد أن استباح أنزال حمم عقده وغضبه ببراميله المتفجرة على أهلنا ببنغازي ودرنه وطالت أيدي الغدر، وبمعاونة الأمارات، قصف زوارة وطرابلس.
لم تلتوي بعد أذرع أحرار ليبيا من عبثية فرنسا والدول المساندة لها. ومن جرائم السيد حفتر والثورة المضادة للديمقراطية والتحرر في ليبيا. صحيح بعض العقبات سببها بعض المؤمنين بالدولة الدينية، ليس بشرط على طريقة داعش، إلا أن الخطورة تكمن في تغذية الفكر وتمويله من السعودية التي ترتعد من نجاح أي ديمقراطية حقيقية فيما أطلقت عليه بريطانيا وفرنسا بالعالم العربي. ولكن مع هذا فأحرار فبراير سينتصرون وذلك لأسباب التالية:
اليقظة التامة مطلوبة لإفشال مخططات فرنسا وغيرها من الدول الداعمة لعودة الدكتاتورية العسكرية. وبالنظر فيما حققته الدول الغربية من تقدم يمكن الوقوف وشد الانتباه إلى الآتي:
نعم طريق الدولة المدنية دولة العدل والقانون والديمقراطية يحتاج إلى نضال ومثابرة واجتهاد.. وبالإرادة والزعم وإصرار أحرار فبراير سنصل بإذن الله..
وليبيا حيصير منها..
تدر ليبيا تادرفت
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا