لا يمكن إنكار أهمية الدستور في تنظيم العلاقات بين مؤسسات الدولة مع بعضها والشعب، فالدستور يوثق جميع ضمانات الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وهو بمثابة العقد بين الحاكم والمحكوم، وما يضمن تنفيذ آلية القانون عليهما الأثنين. تاريخيا أول وثيقة دستورية لنا صحيفة المدينة والتي جعلت من ساكنة المدينة من مسلمين ومشركين ويهود “أمة واحدة من دون الناس”. يجب أن تحقق مراحل صناعة الدستور الثلاثة التوافق العام بحيث يتم تمثيل جميع فئات الشعب ولا يسمح باستبعاد أي مجموعة أو وجود غالب ومغلوب. ومع هذا فيجب أن نسأل أنفسنا هل الدستور هدف أم غاية؟
هل الدستور وسيلة أم غاية؟!
اقتصرت في الماضي العهود بين البشر فيما بينهم أو أحيانا بين الحاكم وبعض الناس. لكن مع تطور الحياة وتحرر الإنسان من تبعيته الجائرة للدولة، والعسكرية الدينية، وتحوله من تابع ضمن متاع السلطان الحاكم إلى مشارك بدأت تظهر ملامح العهد الحديث بين الدولة والمواطن/ة. وتبلورت العهود بحيث أصبحت وثيقة دستورية لها مدارسها ومفكريها فتحولت المواثيق والعهود بين الشعب والدولة إلى دستور يذعن له الجميع.
فبزرت قوة الدول الحديث من خلال البناء المؤسساتي للدولة، والفصل بين السلطات، والعمل في إطار الشفافية واستقلالية القضاء بشأن تنفيذ القانون على الحاكم والمحكوم. وربما جاءت أهمية الدستور من خلال قوة مؤسسات الدولة أولا ومن المشاركة المجتمعية ضمن المشاورات الدستورية والاستفتاء، وربما حتى انتخاب الهيئة الدستورية، مما سيمنح الشريعة للدستور وحق الشعب في الدفاع عنه. فالدستور الذي لم يشارك فيه الشعب ولم يكن حاضرا فيه بقوة خلال المشاورات والاستفتاء لن يعني له شيء! ومن السهل الانقلاب عليه. فالدستور وسيلة لمشاركة الشعب في تقرير مصيره وليست الغاية فقط في كتابة نصوص دستورية!
أين نحن من خطواتنا نحو مشروع الدستور؟
مع التأكيد على مبدأ التوافق يظل الدستور في حاجة إلى اتباع ثلاثة خطوات أساسية: تبدأ بتشكيل الهيئة الدستورية بالانتخاب أو التعيين ، يعقبها مشاورات دستورية موسعة، ثم تنتهي بالاستفتاء على مسودة الدستور نعم أم لا!
لا نستطيع أن ننكر أنه حدث تطورا كبيرا، وبشكل متفاوت، بشأن نظرة الشعب الليبي للدستور بعد أن توسعت مداركه بشأن الحقوق والحريات المطلوب تضمينها بالدستور ولكن بالطبع يظل ارضاء الجميع غاية صعبة المنال! وربما خلال السنتين 2012 و 2103 التي عقبت التحرير كان بالإمكان استثمار المشاورات الدستورية،إلى حد كبير، بشكل جيد جيدا إلا أنه أحال دون ذلك بعض العوائق تتلخص في ألأتي:
· بروز التيار الفدرالي الذي وُجه بالتخوين والتشكيك في نواياه!
· رفض المؤتمر الوطني العام الانصات لمطلب الشارع الأمازيغي في تعديل المادة 30 من اللإعلان بحيث يكون التوافق فيما يخص اللغة والهوية عوضا عن الثلثين + واحد مما أحدث ارباك للهيئة الدستورية (لجنة الستين) فكانت المقاطعة للانتخابات.
· سبق انتخابات الهيئة الدستورية اشتداد ملاح التوتر والتجهيز لقرع طبول الحرب.
· والنتيجة الهيئة التأسيسية المنتخبة في 2 مارس 2014 تأسست بسبعة وأربعين (47) عوضا فقط. وأنضم الطوارق والتبو، مع استمرار الأمازيغ للمقاطعة، في أغسطس 2015. وأنتج ذلك لجنة التواصل مع (المكونات) في سبتمبر 2015، وإلى اليوم لم يكتمل العدد المطلوب 60 عضوا.
· تكليف السيد نوح عبدالله المغرب رئيسا لهيئة الدستور في يناير 2017 بعد اكتشاف ازدواجية جنسية السيد على الترهوني الرئيس السابق لهيئة الدستور، وتنازله عن الجنسية الليبية وتمسكه بالجنسية الأمريكية!
· تعديل اللائحة الداخلية للهيئة بخصوص النصاب القانوني للتصويت ورفض محكمة الاستئناف بالبيضاء لهذا التعديل وما يترتب عليه.
· بناء الدولة المدنية الدستورية دولة المؤسسات لم يروق لأنصار العودة للحكم العسكري وكذلك بعض التيارات المتشددة فكان الجدل، غير المثمر، بشأن الدستور.
كانت الضربة القاصمة للمشاورات الدستورية بعد أن جاءت الحرب مع منتصف 2014. ومع ذلك فقد كانت هناك محاولات لأعضاء الهيئة لاستعادة أنفاسهم وتعديل بعض النصوص وتنقيحها بما يحقق قبول أفضل. وبعد ظهور بعض التوافُقات على المسودة الأولى وعلى عجل، برعاية بعثة الأمم المتحدة، بصلالة بسلطنة عمان في 20 مارس 2016، تم التصويت عليها في أبريل 2016 وأقرت مسودة مشروع الدستور. تنتظر قانون الاستفتاء من البرلمان!
التعامل مع حقيقة مسودة الدستور:
ساهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP بالشراكة مع مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية في مشروع صناعة الدستور، وكذلك يونيدا UNEDAفي مشروع سفراء الدستور بالتعاون مع بعض مؤسسات المجتمع المدني، واللذان تضمنا العديد من الجولات بمختلف المدن الليبية، وعلى غرار ما قامت بها لجان الهيئة الدستورية المنتخبة من نقاشات بين مختلف شرائح وأطياف المجتمع الليبي بالداخل والخارج.بالتأكيد كان لجميع المشاورات ، قبل وبعد انتخاب هيئة الدستور، العديد من الايجابيات فلقد تطور الوعي عند الشعب بمفهوم الدستور وأهمية التداول السلمي على السلطة و فصل السلطات الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية في دولة المؤسسات المبنية على العدل واحترام القانون.
وكيفما كانت مسودة الدستور ومهما كانت درجة الرضى فبالتأكيد سيكون الرضى ، وأيضا الرفض، نسبي. ولكن علينا أن نعي جميعا بأن هناك محاولة جادة من أغلبية أعضاء الهيئة الدستورية في الخروج بنصوص تُرضي الأغلبية! مع ضرورة التأكيد على أن الحقوق والحريات لا تستجدى بل يطلب تضمينها بالدستور.
مقترح للخروج من أزمة الدستور:
كانت لمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية تجربة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ، بشأن المشاورات الدستورية حيث نظمت ندوات مفتوحة، بالتعاون مع كليات القانون بليبيا، حول الدستور عموما مع التركيز على محورين: الهوية، واللامركزية. فكانت الزيارات بمختلف مناطق ليبيا، حيث القيت محاضرات حول الدستور وأتيحت الفرصة لطرح مختلف وجهات النظر، وفتح النقاش فكان الحماس والجدية بشأن النصوص المطلوب تضمينها بالدستور. وقد توجت بعض تلك الزيارات بلقاءات بطرابلس لمختلف أطياف ومناطق ليبيا. وقد خلقت تلك اللقاءات قاعدة عريضة ضمن المشاورات الدستورية وأكسبت فريق المركز خبرة بشأن اشكاليات الدستور، ويقترح اليوم للخروج من مختنق الهيئة الدستورية وأزمتها في الخطوات التالية:
· تشكيل لجنة من خبراء دستورين بعدد تسعة (9) أعضاء تدرس مسودة الدستور المقترحة بحيث تمثل اللجنة الأجسام أو المؤسسات الموجودة الثلاث: المجلس الرئاسي، والبرلمان، ومجلس الدولة ويقوم كل جسم بتعين ثلاثة (3) أعضاء.
· تمنح اللجنة مدة محددة بحيث لا تتجاوز 3 أشهر لتصدر قرارها بشأن الدستور ويكون نافذا.
· الحلول التي ستكون أمام اللجنة أثنين لا ثلاثة لهما:
o قبول مسودة الدستور التي أقرها 43 عضوا من واقع 44 عضوا فقط في 29 يوليو 2017 وطرحها للاستفتاء ولكن شرط إلا تكون على حساب وحدة الوطن ورضى الأغلبية.
o رفض مسودة الدستور والرجوع مؤقتا إلى دستور 1951 المعدل في 1963 وتكييفه بما يتناسب والظروف الحالية. والدعوة لانتخابات تشريعية ومحلية.
وحدة الصف أكبر من الدستور فإذا رفضت المسودة تستطيع أن تستفيد منها حكومة الأزمة في عمل اللجنة (9) بحيث يكون عملها وعمل الهيئة الدستورية مرجعية للهيئة التي سيتم تعينها للخروج بنص توافقي يعالج جميع العيوب ويرمم جميع الثغرات.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
وحتي لو استكمل الدستور هل هناك من سوف يتبع الدستور … هُم هؤلاء الخفافيش يعرفون معني الدستور …لو هم يستعملون كتاب الخالق الذي هو دستور العالمين لمصلحتهم ؟؟؟ !!!
اضحكني و أبكاني في نفس الوقت …هذا الخبر …ضحكت وبكيت علي أنفسنا والذي وصلنا اليه من تدمير البلاد والعباد …و ضحكت لأني وضعت نفسي في مكان المحررين لهذه الصحيفة الحرة اين موقع هذا الخبر … انا متاكد اخذ منهم وقت حتي قرارو ان يكون تحت عربي ودولي وليس تحت كيان
لأنهم اصبحوا دوليين ومن الممكن ان يصبحوا عرب بعد قليل ولكن ما علينا
هذه رسالة للجميع وخاصة الصور
https://www.eanlibya.com/archives/175912
دستور ليبيا هو الدستور الذي كان قائم قبل نكبة سبتمبر 1969 .. هذا هو الدستور الذي اتفق وأجمع عليه الليبيين، ما عدا ذلك فهو مماطلة ومضيعة للوقت ولن يزيدنا إلى تفرقة وإنقسام وتشرذم . عاشت ليبيا عربية إسلامية دينها الاسلام ولغتها العربية والمجد والخلود للأمة العربية المجيدة وكل عام والأمة العربية والاسلامية بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته