أنظمة الحكم الديكتاتورية ببلداننا العربية أجبرت البعض على مغادرة الوطن، تلقفتهم الأجهزة المخابراتية الغربية، جهزتهم لأن يكونوا البديل، استغرق ذلك بضع عقود، وفي اللحظة المناسبة أتى الغرب بهؤلاء على ظهور الدبابات، ليدكوا أنظمة الحكم فهوت، وتدمير مقدرات الشعوب فأضحت تفتقر إلى أبسط الخدمات، بدعم من الغرب وأذنابه تكونت جماعات إرهابية، فاقت جرائمها كل تصور، لم يسلم البشر، يُذبحون كالأنعام، تؤكل لحومهم نيئة للحصول على أكبر قدر البروتينات والمواد الأخرى، يفصل الرأس عن الجسد في بعض الأحيان، يُمثل بالجثث، فجرت دور العبادة والمسارح التي تشهد على مدى الحضارة والتمدن، إنها دلالة على أن هؤلاء ليسوا بشرا.
عقب غزو العراق، اضطر العديد من السكان النزوح إلى دول الجوار، حضي هؤلاء بنوع من الترحاب على أمل العودة إلى ديارهم في أقرب الآجال، لم يكتفي الغرب بذلك فاشعلوا نيرانا بالمنطقة (أطلقوا عليها الربيع العربي) أخذت تلتهم كل شيء، اتسعت رقعتها بمساعدة بعض دول الجوار ظنا من حكامها أنهم سيكونون بمنأى عنها، ازداد حجم المعاناة، لم تعد هناك مناطق آمنة، صار الجميع يشد الرحال إلى المجهول فرارا بأرواحهم وفلذات أكبادهم التي كانوا يجهزونها لبناء الوطن على أسس التعاليم السماوية.
أعمال العنف المتجددة أجبرت الكثير من السكان على الهجرة وللأسف إلى دول الغرب (مرورا بتركيا الراعي الرسمي لمسلسل الربيع العربي – المتعدد الحلقات على غرار المسلسلات التركية) التي نعتبرها السبب الرئيس في كل ما يجري، انتعشت تجارة البشر، وُضع المهجرون من العراق والشام في حاويات جد محكمة، لاقوا حتوفهم اختناقا بعد أيام من الجوع، امتنعت بعض الدول عن استقبالهم في حين رحبت أخرى بمقدمهم، في حين نجد دولا عربية أخرى تستثمر (بزنس) في المهجرين بأن تأخذ مساعدات من هيئة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وتنفق عليهم النذر اليسير.
المهجرون من ليبيا والشمال الإفريقي لم يحسنوا ركوب البحر، وجدوا ضالتهم في أناس تكفلوا بنقلهم إلى الشاطئ الآخر من المتوسط نظير ما بحوزتهم من أموال، القوارب امتلأت عن أخرها، لم يكن هناك داعٍ لإجراء القرعة فكانت الغالبية من الهالكين، أما الذين التقمتهم حيتان يونس فقد كان عددهم جد بسيط، لقد عادت تجارة الرقيق وللأسف وبتدبير من يفترض أنهم يحترمون الإنسان، قد تكون الضائقة المالية التي تمر بها الميليشيات الليبية بعد أن أفرغت الخزينة العامة من محتواها، هي السبب في انتعاش تجارة الرقيق.
قد يصبح هؤلاء المهجرون الذين نفذوا بجلودهم يوما ما في قمة السلطة بالبلدان التي نزحوا إليها بعد أن يكونوا تحصلوا على الجنسية ويشجعون من تبقّى من شعوبنا على الهجرة، عندها وفقط تستمطر الـجيال القادمة من المهجرين شآبيب الرحمة على أرواح قادة الميليشيات التي كانت السبب في دخولهم لأوروبا، حتما سيكون هناك تغير ديمغرافي يصب في مصلحة شعوبنا الفقيرة التي نهب الغرب ثرواتها، وأنهم من أجبرونا البحث عن تلك الثروات، وآن لنا أن نعيش حياة الرفاهية التي حرمنا منها سنين عددا، فما ضاع حق وراءه مطالب، أمم تختفي وأخرى تنهض، وتلك الأيام نداولها بين الناس.
(20 يونيو/ حزيران من كل عام، يحتفل العالم بيوم اللاجئ العالمي) فهل تُحترم أدميتهم ويحظون ببعض الحقوق.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً