ملتقاً وجامعاً ذلك ما نبغ ولكن هل هو حقا جامعا؟ فهل هو جامع لكل الأطياف الإجتماعية والسياسية الليبية وربما أيضا القوى العسكرية شرقا وغربا؟ لا أظن أن جميع مكونات الشعب الليبي ممثلة في هذا الملتقى ويا ليته؟ ومن الذي اختار هؤلاء وكيف؟ ليس من باب التشاؤم ولكن كل هذا وذاك ينبئنا بأن الملتقى الجامع قد لا يكون جامعا وقد لا يحقق لليبيين الحلم المنشود الذي يسعى إليه كل ليبي من الإستقرار، بناء الدولة، تكوين شرطة وجيش موحد والقضاء على الإنفلات الأمني وغيره، هذا وغيره مطروح أمام وبأيدي من سيحضرون هذا الملتقى، فهل سيكونوا بحجم التحديات؟
يقول مبعوث الأمم المتحدة السيد غسان سلامة أن الوقت الآن مناسب لعقد الملتقى الجامع بعد الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية، نعم حان الوقت لتكوين الدولة وبناء المؤسسات والقضاء على المليشيات وإنهاء عهد العصابات واجتثاثها من جذورها فلا نريد أن نرى لهم ذكراً ولا أن نسمع لهم ركزا ولكن لا أدري عن أي ترتيبات وأي إصلاحات يتحدث؟!
لا أدري ولا أرى ترتيبات أمنية ولا إصلاحات إقتصادية؟ كما لا أدري أيتحدث السيد غسان سلامة عن ليبيا أم عن غيرها! فأي ترتيبات أمنية والبلد ممزق تتحكم فيه المليشيات وتسيطر عليه وتتسلط على من يحكمه من وزراء ورئيس مجلس ونواب وغيرهم ولا يستطيع أحدا مخالفتهم يصولون ويجولون في طول البلاد وعرضها يفرضون الجزية على المتاجر الكبيرة والمصانع وأصحاب رؤوس الأموال، يختطفون ويعذبون ويقتلون من يشاؤون ولا يستطيع رئيس مجلس رئاسي ولا غيره من أصحاب السلطة أن يوقفوا أحدا منهم؟ يرتدون الزي الرسمي للشرطة ويمتلكون سيارات تحمل شعار الشرطة ليختفي المجرم المليشياوي تحت هذه المظاهر الرسمية فيختلط المجرم بالشرطي فلا تعرف منهم أحدا ولا تستطيع التفريق بينهم، فيالها من ترتيبات أمنية؟ فعن أي ترتيبات أمنية يتحدث رئيس البعثة الأممية!!؟ فالجنوب محتل ولا حول ولا قوة إلا بالله، وطرابلس العاصمة يتحكم فيها المجرمون والعصابات والمسلحة والميليشيات، وبنغازي لا تعرف لها أمرا ولا رشدا، هذه حال المدن الكبيرة التي يفترض أنها تكون نموذجا لبناء الدولة فتجسد سلطانها ونفوذها أما المدن الأخرى والقرى فعن حالها لا تسئل؟!
أم الحالة الإقتصادية فهي ليست بأفضل من أختها الأمنية فلا يمر يوما إلا والمواطن يتضرع جوعا ويتجرع كأس الذل والهوان، غلاء في الأسعار وجشع من التجار، مواطن يستيقظ في الأسحار لا ليقوم الليل !!! ولكن ليكمل ليلته أما المصرف لسحب مبلغ من ماله يسد رمقه وقد لا يتمكن فيرجع خائبا مهانا أما نوّابنا في البرلمان فهم في فنادق وشقق ومنتجعات خارج الوطن يتمتعون بمزايا ورواتب عالية ويأكلون كما تأكل الأنعام وكأنّ ما يجري للوطن والمواطن أمر لا يعنيهم بدون تفكر ولا اعتبار لما يحدث للمواطن وما هي أسبابه وما الطرق المؤدية لحل تلك المشاكل العالقة فمثلهم كمثل البهيمة لا هم لهم إلا الإستمتاع ولا يجتمعون إلا لمصلحة شخصية مثل زيادة الرواتب أو المزايا حتى صار مجلس النواب بإدارته حمْلا ثقيلا على البلاد وجب تغييره. وما المجلس الرئاسي بأحسن حال من مجلس النواب فزيارات وترحال واجتماعات واتفاقيات وهو مرهون بميلشيات تسيطر عليه فلم يستطع حتى تكوين جيش وطني أو شرطة حقيقية يسطر بها على المدينة مقر إقامته!
يا أيها المشتركون في الملتقى يجب أن يعي كل واحد من المشاركين في الملتقى الجامع وعياً وإدراكاً كاملاً خطورة ما نحن فيه من سياسة ألّا دولة فلا يجب أن يتحول الملتقى لاستعراض العضلات وتبادل الإتهامات فالكل مشارك في جريمة فشل الدولة وما آلت إليه الأوضاع بداية من النظام السابق وكذلك الحالي فالكل يجب أن يكون شجاعا ويعترف بالأخطاء الفادحة التي أدت للثورة كما يعترف بقدان السيطرة وسيطرة المجرمين والقبائل التي تقدم مصالحها الضيقة على مصالح الوطن والذي أدّى إلى هدم ما تبقى من أدركان الدولة.
على المشاركين أن يعملوا على إقرار دستور ينظم قواعد العمل ويوضح الحقوق والواجبات للرئيس والمرؤوس فبدون دستور يبقى المجال مفتوحا لاستمرار الفوضى والعبث الذي يعصف بالوطن ويبقى الطريق مفتوحا أما اللصوص والإنتهازيين أصحاب المنافع الضيقة الذين لا يتوانون على بيع الوطن بالبطن. فالمسئولية ملقاة على عاتق المشاركين لتوحيد الجهود لاستصدار الدستور ثم السير قُدما نحو انتخابات برلمانية ورئاسية دائمة غير مؤقتة لنخرج من الزجاجة التي وُضعنا فيها، فهل يعي المجتمعون الأمانة التي يحملونها للمؤتمر والتي قد تنقذ الوطن وتحقق الأمل؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً