المعاداة الغربية المسيحية.. ومقاومة تركيا – أردوغان - عين ليبيا
من إعداد: أ.د. فتحي أبوزخار
تفتقر الإنسانية اليوم لرجل مسؤول صادق وحازم في عالم تتقاذف حكوماته عمالة مغلفة بأنانية مفرطة، يستحلون فيه الكذب على شعوبهم، وينتهجون البرغماتية المعجونة بالميكافيلية المقيتة لاستمرارية بقاء سلطانهم على شعوب بأغلبية مسلمة.
وفي ظل الحياة المعاصر التي استفرد فيها اليوم الغرب المسيحي، ومعه روسيا، بدفة القيادة وبالسيطرة تقريباً على أغلب دول العالم الإسلامي مع استمرارية الصراع ضد المنافس التنين الصيني الأسيوي الكونفشيوسي.
وأكبر إنجاز نجح فيه الغرب هو ابتداع إسلام جديد متطرف يخدم مصالحه ويضر بالإسلام والمسلمين. فكانت الوهابية السلفية الحنبلية، للإطاحة بالدولة العثمانية الحنفية النقشبندية، وكان الجهاد الإسلامي والقاعدة لطرد الروس من أفغانستان، وداعش “السنية” لتحريك التمدد الشيعي للسيطرة على الشعوب “السنية”، وهم واحد، وإجهاض الثورات التحررية “الربيع العربي”، والذئاب المنفردة لتوجيه الرأي العام، بالإضافة إلى الكثير من التشكيلات الجهادية بمناطق عديدة وخاصة بالشرق الأوسط وأفريقيا وظفت لخدمة الصراع فيما بين الدول الغربية نفسها بعد أن جعلت من ساحات الدول الإسلامية حلبة لاستعراض فنونها القتالية وأسلحتها التدميرية، ولا نبالغ بالقول: لاختبار بعض الأسلحة المحرمة دولياً.
ظاهرهم الوحدة وخلافهم حقيقة:
صحيح يوجد بعض التباين، في كراهية الغرب للإسلام، فهناك فرق بين دول العالم الغربي الأوروبي القديم وبين دول العوالم الجديدة: أمريكا، كندا، أستراليا، ونيوزيلندا إلا أنها تتفق في الأتي:
الدول الغربية ليست سمن على عسل!
بالطبع المسألة نسبية فيما ذُكر أعلاه، فلا يعني أن الدول الغربية على قلب رجل واحد ولكن تكتيكهم السياسي يتعاطى بنفعية ودبلوماسيتهم ترقى لمستوى المسؤولية لخدمة أوطانهم. وهي تتحد فقط ضد الإسلام ومصالح المسلمين. وحتى نكون منصفين اللوم الأكبر يقع على شعوبنا التي لم تتنفس الصعداء، نتيجة الاستبداد من حكامها، لتساهم في بناء دولها. فعندما تطمئن الدول الغربية على انشغال المسلمين ببعضهم، تظهر مناكدات، وحروب على أراضينا، نتيجة خلافاتهم المذهبية والتي هي بعدد اناجيلهم، بل وأعراقهم الأنجلوسكسونية واللاتينية إضافة إلى تعصبهم اللغوي وغيرتهم من هيمنة اللغة الإنجليزية.
مأساة شعوبنا الإسلامية:
بلعت شعوبنا الإسلامية طعم أن الدول الغربية تقف إلى جانب الشعوب المناصرة للحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان. فمع تثبيت الطغاة كحكام لشعوبنا فتحت ذراعيها ليهرع عندها شبابنا الحر والمناصر لحقوق الإنسان ليكونوا تحت السيطرة والمراقبة. فمن خلال الأنظمة المستبدة هرب المتميزين من العلماء والأكاديميين بعد أن صرفت لهم من أموالهم منح دراسية. زد على ذلك فتح المجال لتهريب رؤوس الأموال لتستقر بالدول الغربية وتستثمر في تنمية شعوبها. بلعت شعوبنا طعم الدول الغربية ربما بسبب قلة خبرة ومعرفة شعوبنا الاسلامية بالدول الغربية، التي منحتها ثقتها ظناً منها أنها صادقة في ادعائها بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ووصل حد الاستغلال أنه بأموالنا وعقولنا كمسلمين نقوي لهم اقتصادهم ونطور لهم صناعاتهم على مختلف الصعد، بما في ذلك أسلحتهم التي يدمرون بها بلداننا.
تركيا نموذج يحتذى به:
قد تكون تركيا من الدول التي استطاعت أن تواكب الحياة المعاصرة وتستوعب الدرس بعد أن حاولت أن تواكب وتجاري التطور الذي تعيشه الأمة الإنسانية. فربما ما اكتسبته تركيا من حداثية متطرفة احياناً، مع بداية القرن التاسع عشر، رسخها مصطفى كمال أتاتورك بمقولته: “إن الأمة التي لا يمارس فيها العلم ليس لها مكان في الطريق العالي من الحضارة”، مبالغة اتاتورك في الحداثة بالتمسك بالقبعة ورفع الآذان باللغة التركية والتمسك بتتريك لغة القرآن، وغيرها. وما فرضته بريطانيا وفرنسا وهولندا من سيطرة على اقتصادها بعد توقيع معاهدة لوزان (2) بإنشاء المصرف المركزي العثماني بلندن وارتهان اقتصاد تركيا كلياً للتخطيط البريطاني المالك للحصة الأكبر. العلاقة المعادية للإسلام كانت مصدراً وملهماً لظهور حركات تصحيحية محافظة تمسكت بلغتها التركية، وبدون تطرف، بهويتها الإسلامية وبتاريخها الإسلامي كإمبراطورية لعدة قرون. ولأنها ديمقراطية محافظة تسعى إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي.
ويستمر الكيد لتركيا وأردوغان يقاوم بتركيا:
تنصب فخاخ الدول الغربية لتركيا، وبغض النظر من هي تلك الدولة، لكن ما تسعى إليه جاهدة هو إفشال المشروع النهضوي الحداثي الذي يتبناه حزب العدالة والتنمية الذي تأسس في 2001 وهو امتداد لحزب الفضيلة 1998.. فالعدالة هي الطريق للتنمية، والتنمية تعني الاستقلالية عن مخططات الدول الغربية، وهذا يعني للغرب الحرب على الإسلام قبل المسلمين، والعمل على استمرار تقوية إسرائيل واضعاف الفلسطينيين. مما يتطلب من الدول الغربية إضعاف تركيا والعمل على:
إلا أن أردوغان، ومن خلال حزب العدالة والتنمية، يعمل جاهداً لتفكيك مفخخات الدول الغربية وأخرها كان انقلاب أوغلو في 2016 الذي تحضنه أمريكا عندها. ويعمل أردوغان على الدفع بتركيا واقتصادها بما يحررها من التبعية الغربية. واليوم يطفو على المشهد السيد عثمان كافالا المولود بباريس والحاصل على ماجستير في الاقتصاد من جامعة مانشستر. وهو الذي سجنته السلطات التركية في 2013 وأفرجت عنه بعد تبرئة القضاء التركي له هو وثمانية آخرين، إلا أنه بعد تورطه في معاونة فتح الله أوغلو في انقلاب 2016 فأسفر ذلك عن سجنه لتاريخ اليوم. هذا الرجل اتخذ من العمل الخيري ضمن “مؤسسة ثقافة الأناضول” واجهة له وبعد اكتشاف أردوغان بأن هناك ضغط قد مورس على القضاء التركي لتبرئة كافالا لذلك طلب المدعي العام فتح تحقيق ولوح بالتهديد بطرد الدبلوماسيين لعشرة دول غربية مسيحية.
تركيا قوية اليوم بحزم السيد أردوغان وشعبية حزب العدالة والتنمية الذي ألتف حول غالبية الشعب ونجح في صياغة رؤيا اعتمدت على الأتي:
الدروس المستفاد:
يمكن تلخيص الدروس المستفادة في النقاط التالية:
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا