في الغالب: أن الأزمة الليبية ليست صناعة ليبية وان كان تنفيذها بأيادي ليبية. فمنذ الشرارة الأولى للانتفاضة عام 2011 سارعت العديد من الدول لتبنيها والعمل على انجاحها.. دول عربية وأخرى أجنبية أغدقت عليها بالتأييد السياسي ومن بعده الدعم بالمال والسلاح. يومها فرحنا بهم كثيرا وأكبرنا وقوفهم مع قضيتنا.. وحيث تحقق للانتفاضة النصر فقد تفاجأنا أن الذين قدموا المساعدات بدأوا يقدمون الفواتير المستحقة للدفع في شكل ولاء لهم أو هيمنة على الدولة التي كانت في طريقها الى التفكك وأصبحت كذلك ما بعد عام 2014 الى هذه اللحظة. وللأسف وجدوا عملاء من الليبيين يخدمون أغراضهم وينفذون أوامرهم.
هذا تلخيص مركز للأزمة الليبية التي تتداولها العواصم الأوربية والأفريقية والعربية والمجتمع الدولي ممثلا في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وكافة هذه الأطراف المتعددة والمتصارعة تبحث كل يوم في مستجدات الوضع في ليبيا.. وكلهم يعلنون تمسكهم بوحدة التراب الليبي ودعوة الليبيين أن يبتعدوا عن الخلافات والصراع فيما بينهم!!! كلام طيب ولكنه بدون خطة أو منهجية محددة.
في ديسمبر من العام 2015 ولد اتفاق الصخيرات ورضي به الليبيون بالرغم من عيوبه ومن أنه جاء وليد مساعي مشبوهة من المبعوث الأممي يومئذن برناندينو ليون الذي خرج من المشهد بفضيحة رشوة قدمتها له دولة الامارات العربية المتحدة لفرض رؤيتها لتحقيق أغراضها. ويومها انتبه الليبيون أن قضيتهم قد تجاوزت حدود دولتهم وأصبحت ليست قضية دولية وانما مسألة صراع دول معينة على من يحكم ويتحكم في الدولة المفككة ويشكلها وفق غاياته ونواياه ومقاصده.
شكلت لجنة ثلاثية من وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر وتناولت الملف الليبي لسنوات ولم تحقق شيئا.. تعمقت الخلافات فيما بينهم وبقي الحال المتردي يزداد ترديا وغطوا عين الشمس بالغربال.
عقدت اجتماعات لدول الطوق في افريقيا واجتماعات أخرى على مستوى الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوربي وجامعة الدول العربية.. وكل بياناتهم وقراراتهم متشابهة تكتب بحبر جديد باهت ولكن مضامينها واحدة وقديمة.. عبارة عن موضوع انشاء لصف الثالثة اعدادي.
دخلنا في مرحلة تعديل الاتفاق السياسي باجتماعات بين المتنازعين الرئيسيين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.. وحين وضحت معالم الوصول الى حل توافقي بالاتفاق على تقليص المجلس الرئاسي من تسعة أعضاء الى ثلاثة وفصل الحكومة عنه بما في ذلك مجموعة من مقترحات آلية اختيار الرئاسي والحكومة. نسفت بعثة الأمم المتحدة هذا التوافق وقدمت مقترحا يلبي نوايا دول التدخل الخارجي في الشأن الداخلي الليبي. ولم تبرر البعثة تصرفها الغريب وانما هربت الى الأمام بالإشادة بالمؤتمرات (الشعبية)!! التي تنظمها لسبر أغوار كافة شرائح المجتمع الليبي واحداث المصالحة فيما بينهم.
هذا المنوال في تناول المسألة الليبية من بعثة أممية لا يقنعني بأنها ضعيفة ومرتبكة وانما يرسخ عندي القناعة بأنها تعمل بحرفية عالية لعدم الوصول الى حل ما لم ترض عنه عواصم لها نفوذ كبير ومال غزير وتأثير لا حدود له.
لو خلصت نوايا البعثة الأممية للدعم في ليبيا.. وخلصت نوايا وزراء الخارجية وسفراء الدول ناهيك من رؤساء دولهم التي تمضغ المسألة الليبية كل يوم دون أن تستعين بمليّن لتسهيل ابتلاعها ومن ثم هضمها. فان الحل يمكن أن يكون في أشهر قليلة جدا. وأبسط المليّنات التي ينبغي أن تتناولها بعثة الأمم المتحدة هو مواجهة الحقيقة وليس الهروب منها الى الأمام. والحقيقة تكمن على مرأى ومسمع من الجميع أن هناك تدخلات قاتلة من بعض الدول بالمال والسلاح والاعلام لكيلا يستقر الوضع في ليبيا الا إذا لبيت رغباتها ومصالحها وأطماعها وتنصيب عملائها لتسيير قدر الدولة الليبية لصالحها.
على المبعوث الأممي الى ليبيا الدكتور غسان سلامة ان يقرأ بإمعان تقارير مجموعة الخبراء التابعة لمجلس الأمن التي تسمي بمسميات محددة الدول وحجم تدخلاتها بالمال والسلاح الى أن وصل منح قاعدة عسكرية في الشرق الليبي (قاعدة الخادم). عليه أن يستعين بهذا المليّن عند تقديم احاطته القادمة في منتصف الشهر الجاري. والا فاننا سنعتبره نسخة مكررة للمبعوث الأسبق برناندينو ليون.
عندما تصل بعثة الأمم المتحدة الى هذا القدر من القناعة ووضوح الرؤيا وتكون لها الشجاعة الكافية لأن تواجه الدول المتدخلة في الشأن الليبي وتفرض عليها بارادة مجلس الأمن أن ترفع أيديها.. حينها.. حينها فقط سيجد الليبيون الطريق ممهدا لبناء دولتهم ملكا لهم لوحدهم.
وحينها.. حينها فقط يمكننا أن نتحدث عن اجراء استفتاء على مشروع الدستور المعيب وعن اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية..
الوضع في ليبيا تعقّدُه أطراف خارجية.. لعل آخرها اقتحام المفوضية العليا للانتخابات وسقوط ضحايا.. هذا العمل ليس صناعة ليبية ولكنه بأيدي ربما ليبية ولكن بمال وتخطيط من دول خارجية.. الأمم المتحدة لها قنوات التعرف على المصادر.. أنا مواطن بسيط كغيري من ملايين الليبيين نحب بلدنا ونكره كل من يتدخل في شأنه.
ربما لأنني عضو في المجلس الأعلى للدولة يتوقع البعض أن باستطاعتي أن أحقق لهم المعجزة. لكن الموضوع أكبر مني ومن الكثيرين من الليبيين ولكن علينا جميعا أن نواصل اسماع صوت الذين يئنون من تفاقم الأوضاع السيئة للرسميين في الدول المعنية بالشأن الليبي. انه التدخل الأجنبي القاتل الذي تغض بعثة الأمم المتحدة الطرف عنه. نبهنا سفراء الدول الكبرى قبل التوقيع على اتفاقية الصخيرات قلنا لهم اكبحوا جماح الدول التي تتدخل في الشأن الليبي كررنا مطالبنا لكوبلر ونبهنا سلامة وكتبنا المذكرات وعقدنا معهم ومع السفراء اجتماعات قلنا لهم كل مخاوف وكل شكوك المواطنين أوصلنا لهم بدقة رسائل الليبيين. تلقينا منهم ابتسامات باهتة وبعض الوعود المحتشمة.. ولم نر تصديا حقيقيا من البعثة الأممية لموضوع التدخلات الأجنبية وهو صلب ومحور الأزمة في ليبيا.
قلنا لهم لا تساعدونا بالشعر والهبات والتبرعات والأدبيات والبيانات السياسية المنمقة.. ساعدونا لكبح جماح المتدخلين بشراسة في شأننا ويمنعوننا من أن نبني دولة مستقرة فوق أرضنا.. ويؤسسون لأنفسهم وزارة للسعادة!!
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
ربما لأنني عضو في المجلس الأعلى للدولة يتوقع البعض أن باستطاعتي أن أحقق لهم المعجزة. لكن الموضوع أكبر مني ومن الكثيرين من الليبيين….اداً لماذا تستلم معاشات الحرام …لماذا تستلم المعاشات والامتيازات لعمل انت ليت قادر للقيام به
وجودك مثل الصداره فى العرس إدور فى من ….. كلكم مثل بعض سوى فى الغرب أو الشرق أو فى الجنوب مخانيث عملاء خونة لصوص مجرميين أبناء حرام وتصفيتكم واجب وطني .