على غرار أشقاء يوسف (عليه السلام) وغيرتهم منه، فإن أشقاء ليبيا قبل أعدائها هم من وضعوها في غيابة الجُب، بسرعة البرق الخاطف وبجرة قلم تم تحويل الملف الليبي إلى الأمم المتحدة، اتخذ قرار الغزو، تدمير المقدرات بدءا بالركن الأساسي للدولة وهي القوات المسلحة والمنظومة الأمنية، غيرة أشقاء ليبيا تمثلت في رغبتهم الاستحواذ على سوق النفط والغاز، من ناحية ليزدادوا ثراء، ومن ناحية أخرى لكسب ود سيدهم “العم سام”، الذي يجهض أي محاولة من شأنها توحيد الأمة العربية، لتكون للأمة مكانتها بين الأمم.
دول الجوار التي نعلم جيدا مدى تدخلها بالشأن الليبي، التي فاخر بعض ساستها يوما بأنهم ساهموا في تحرير الليبيين من الديكتاتورية، نجدهم اليوم يعلنون بأنهم ضد التدخل في ليبيا وكأن ما قاموا به بالأمس من فتح حدودهم على مصارعها أمام الهجرات المتتالية للإرهابيين هو عمل خيّر، قاموا بحفر الخنادق وإقامة الأسلاك الشائكة (كان الأجدر بهؤلاء صرف الأموال لإقامة مشاريع تنموية تسد رمق الكثير من الأسر المُعوزة) خوفا من عودة أبنائهم الذين قاموا بتسفيرهم إلى ليبيا، نقول لساسة هذه الدول ذوقوا بعضا مما أذقتمونا إياه، ليس تشفيا، بل لتدركوا ولو أخيرا جزءا من حجم معاناتنا بسببكم.
لم تشر المصادر التاريخية أو الكهنوتية إلى المدة التي قضاها يوسف (عليه السلام) بالجُب، إلا أن استمرار حالة عدم الاستقرار على كافة الصعد، جعلت من الليبيين يعيشون حياة الذل والمهانة على أيدي أبناء الوطن الذين تم انتخاب بعضهم وأولئك الذين تكفل الغرب بتسميتهم، ومن خلال التجربة ثبت بأن غالبيتهم يعملون لحساب أنفسهم، وقد لا نجافي الحقيقة إذا قلنا بأن بعضهم ينفذون أجندات خارجية، ويسعون جاهدين إلى إهدار المال العام وضرب اللحمة الوطنية من خلال الفتن التي يذكونها بين مكونات المجتمع.
المؤسف له حقا وفي ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلد أن نجد بعض من إخوتنا في الشرق الليبي وهم قلّة (التكتل الفدرالي) من ينادي بالعودة إلى الفدرالية أو التهديد بالانفصال، وهناك المتباكون على دستور 51 وكأن فيه خلاص البلد، بل هي محاولة لتمزيق الوطن، نقول لقد عفى عنه الزمن وأن الذين قاموا بتعديله (1963) هم نواب ليبيا من مختلف المناطق، وكذلك بعض المتطرفين الأمازيغ الذين يحاولون الحصول على تمثيل بمجلس النواب لا يتوافق وتعدادهم السكاني، إنها محاولات ابتزاز رخيصة لن تجدي نفعا، لكن عزاءنا في أبناء الوطن الشرفاء في كامل ربوع الوطن بأن تبقى ليبيا دولة موحدة ذات سيادة.
لقد ضاق الليبيون ذرعا بالأوضاع القائمة، المتمثل في انعدام الخدمات الصحية، وارتفاع أسعار السلع بما فيها الضرورية، إضافة إلى تدنّي الخدمات التعليمية ودخولها بازار السياسة بما اتضح مؤخرا من خلال الموفدون للدراسة بالخارج وكذلك الحماية المناطقة الجهوية لهذا المسؤول أو ذاك، ما يعسر عملية مكافحة الفساد.
عقد ونيف من السنوات كانت كافية لإحداث تغييرات نوعية في حياة الليبيين في كافة المجالات لو خلصت النوايا، مليارات الدولارات أهدرت، كما تم تحويل مليارات أخرى من قبل من توالوا على حكمنا خلال الفترة الماضية لأجل استثمارها في الدول التي ساعدتهم في خراب البلد.
لم يصل الليبيون بعد إلى حد الخروج على الحكام الذين تم تنصيب غالبيتهم بأوامر أجنبية، أملا في أن تسفر جهود الخيرين من أبناء الوطن إلى حلحلة الأوضاع، علّها تُخرجهم من غيابة الجُب التي طال أمدها، ربما يعود من ساهموا في إيصال البلد إلى هذه الحالة إلى رشدهم,وتتكاثف الجهود لبناء الوطن.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً