إنها امرأة في الثورة الليبية منذ اللحظة الأولى، عاش بعض أفراد أسرتها في المنفى وكانت أسرتها مهتمة جدا بالسياسة وكانوا كلما التقوا تحدثوا حول القضايا السياسية. عملت الدكتورة إيمان بوقعيقيص مع شقيقتها المحامية سلوى في خدمة المجلس الوطني الانتقالي الليبي تحت قيادة وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل الذي عينها متحدثة باسمه. وبعد الإطاحة بنظام معمر القذافي ومصرعه على أيدي ثوار”مصراته” عادت الدكتورة إيمان لمزاولة عملها الأصلي طبيبة أسنان في مستشفى الجامعة بمدينة بنغازي. وهي اليوم ناشطة سياسية تعمل بالدرجة الأولى في السعي لتحقيق مطالب النساء في ليبيا وخاصة حقهن في المساواة مع الرجل والمشاركة في الحياة السياسية.
وقالت في لقاء عقدته مع صحفيين في برلين التي زارتها مؤخرا بدعوة من مؤسسة “فريدريش إيبرت” التابعة للحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض في ألمانيا: سوف نكافح من أجل نيل حقوقنا كنساء. تجدر الإشارة أن الدكتورة إيمان بوقعيقيص جاءت إلى ألمانيا لغرض الحديث عن الأوضاع في ليبيا بعد نجاح الثورة الشعبية ضد القذافي ونظامه.
أضافت: لن نقبل كنساء أن نتعرض إلى ضغط من أحد وأشارت إلى أن أوضاع النساء أفضل من أوضاع النساء في بلدان عربية أخرى حيث إن القوانين التي تصون حقوقهن متطورة ومتحررة أكثر من قوانين في دول عربية عديدة، لكن من الضروري الدفاع عن هذه الحقوق والمطالبة بحقوق أكثر.
غير أن الدكتورة إيمان تعلم أنها تقف على عتبة طريق شاق حتى تتحقق الديمقراطية ودولة القانون في ليبيا. قالت إن ليبيا يجب أن تبدأ من الصفر، لأن معمر القذافي دمر خلال العقود الأربعة التي حكم فيها ليبيا بقبضة من حديد، كل المجتمعات السياسية والأسس الأخلاقية وأقام حكمه على الولاء الشخصي ودعم الميليشيات الموالية له والتي كانت تعمل بإمرة أولاده وصهره. في نفس الوقت استغل القبائل واشترى ولاءها ليمنع ظهور أي مقاومة مناهضة لنظامه وأوضحت أنه كان يحرض قبيلة على أخرى وهكذا أفشل تضامن المجتمع القبلي الليبي.
وقالت خلال وجودها في العاصمة الألمانية إن ليبيا تفتقد في الوقت الحالي بعد سقوط نظام القذافي لوجود أسس للديمقراطية. وأوضحت أن نتائج الحكم الطويل المرعب لنظام القذافي خلف نتائج سلبية جدا على المجتمع الليبي، ولذلك تحتاج ليبيا إلى قيادة جيدة وخطط استراتيجية ورؤى ثاقبة وإنسانية لكي يتغلب الليبيون والليبيات على حقبة حالكة في تاريخ بلدهم تحت رحمة معمر القذافي دامت أكثر من أربعة عقود.
وكشفت عن نظرتها لمستقبل ليبيا وقالت: نحن في ليبيا بحاجة إلى خطة “مارشال” ولكن يجري تمويلها بأموال ليبية إذ أن ليبيا محظوظة لكونها تملك أموالا طائلة من عوائد النفط، هذا الثراء بالوسع استخدامه والتعاون مع الغرب في بناء ليبيا مما يعود بالنفع على الجانبين.
لم تنس الدكتورة إيمان أن شرارة الربيع العربي انطلقت من تونس قبل امتدادها إلى ليبيا، لذلك فإنها تتابع بحرص شديد التطورات في البلدان العربية التي تغيرت أنظمتها بفعل الربيع العربي وقالت أنها تابعت باهتمام كبير الانتخابات الحرة التي جرت في تونس خلال أكتوبر الماضي، والتي تمكن حزب النهضة الإسلامي من الخروج فائزا فيها كما كان متوقعا وحصل على تسعة عشر مقعد في البرلمان من أصل 217 وقالت ان حزب النهضة ضربة حظ بالنسبة لليبيا التي وصفتها أنها بلد محافظ عوضا عن أنها نامية رغم ثروتها الطائلة لكن السنوات الطويلة لحكم معمر القذافي منعتها من التطور والتقدم. قالت الدكتورة إيمان بوقعيقيص ان حزب النهضة حزب إسلامي متمدن هدفه تشكيل حكومة مدنية كما تعهد بضمان مساواة المرأة والرجل وهذا برنامج نؤيده نحن في ليبيا وأنا شخصيا أتفق مع 90 % مما جاء في برنامج حزب النهضة في تونس.
بالنسبة لإعادة تعمير ليبيا قالت إنها تتمنى حصول ليبيا على دعم من الغرب حيث بوسعه مساندة ليبيا وتزويدها بالنصائح والمساعدة في إقامة نظام ديمقراطي مؤكدة أن غالبية الليبيين لن ينسوا الدعم الذي لقوه من حلف شمال الأطلسي ودولتي قطر والإمارات العربية المتحدة للإطاحة بنظام معمر القذافي.
وفي تصريحات لإذاعة ألمانيا أشارت إلى ضرورة محاكمة سيف الإسلام القذافي داخل ليبيا على الرغم من أنه مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي وقالت بالخصوص: سيف الإسلام مطلوب للمحكمة الدولية لمحاسبته على الجرائم التي اقترفها بعد تاريخ السابع عشر من فبراير وليس الجرائم التي حصلت قبل ذلك التاريخ وأضافت: تتحمل أسرة القذافي مسئولية مقتل الكثير من الليبيين والفساد وسوء إدارة الدولة. سيف الإسلام بالذات كان صاحب نفوذ كبير رغم عدم تقلده منصب رسمي وهناك الكثير من الوثائق وأدلة تشير إلى تورطه في جرائم ضد الشعب الليبي. ومهم جدا بالنسبة لنا أن يحاكم داخل ليبيا حتى نعالج حقبة القذافي ودون شك سوف يحضر المحكمة مراقبون من الخارج ونحن نصر على أن يحاكم في بلدنا حالما يصبح لنا دستور وحكومة منتخبة من الشعب وهذا يحتاج إلى بعض الوقت.
وقالت إن الليبيين فوجئوا بالموقف الألماني الرافض للقرار خاصة بعد كل التجارب التي مر بها الألمان خلال حقبة هتلر واعتقدنا في ليبيا أن الألمان يفهمون موقفنا أكثر من أي شعب آخر، ولكننا لم نستطع فهم موقف ألمانيا علما أننا بلد يمتاز بإمكانيات كثيرة للألمان ولذلك كان عليهم الوقوف معنا منذ اللحظة الأولى لأسباب إنسانية وتاريخية في ضوء المصالح الاستراتيجية لألمانيا ومساعدتنا للتخلص من القذافي، لكن من حسن الحظ أن دولا أخرى كان لها موقف آخر وساندتنا كي نتخلص من الدكتاتور ونظامه.
اترك تعليقاً