تسعى ليبيا إلى أن تثبت أن طبق الكُسكُس، الذي يشتهر به المغرب العربي والمعروف محلياً بـ«الكسكسي»، يعنيها بقدر ما يعني جيرانها المغرب والجزائر وتونس، إذ يطمح الليبيون إلى تقدير دولي لتراثهم المطبخيّ والثقافيّ الغنيّ.
في موقع المسرح الروماني القديم في صبراتة انشغل عشرات الطهاة الأسبوع الماضي في التحضير طبق الكسكسي في غضون ساعات قليلة، وسيقدمونه في طبق عملاق للجمهور.
في قدور ضخمة مصنوعة من الفولاذ المقاوم، يواصل البعض الآخر تقليب السميد الذي حوّلت صلصة الطماطم لونه إلى أحمر، فيما وُضعَت المكونات الأخرى التي سبق تجهيزها في أطباق كبيرة مغطاة بورق الألومنيوم.
ثم يصبّ الطهاة والمساعدون في طبق يبلغ قطره أربعة أمتار نحو 2400 كيلوجرام من السميد، ولحم الضأن، واليقطين، والأهم شيء، اللمسة الليبية النموذجية من البصل المحمص في الزبدة
تراث غير محمي
ويقول المشاركون إنّ المنطقة المغاربية كلها مشهورة بالكسكس الذي يميزها عن الشرق العربي وإنّه جزء من هويتهم وثقافتهم وتراثهم ويمثل مصر فخر واعتزاز لهم.
وتعتبر ليبيا هي الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا غير المسجلة على أنّها معنية بتقاليد الكسكسي المدرجة منذ عام 2020 ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي.
ويعود ذلك إلى عدم انضمامها إلى هذه المعاهدة الدولية، وبالتالي عدم خضوعها لشروطها، وإلا لكان توسّعَ التنافس بين الدول المغاربية على ملكية هذا الطبق وأصله.
على الأرض، تتحرك منظمات المجتمع المدني من خلال مبادرات مختلفة “لدفع الملف عن طريق الضغط” على السلطات الغارقة في أزمة سياسية في ظل انقسام بين المعسكرين المتنافسين.
رسالة إلى البرلمان
ويتحدّث الناشط علي الفطيمي وهو عضو في جمعية تهدف إلى دعم السياحة والحفاظ على التراث، أنّهم يحافظون على تنظيم طبق كسكسي عملاق كل عام في موقع تاريخي، لإرسال رسالة إلى البرلمان.
ويشدد الفطيمي في حديث لوكالة «الصحافة الفرنسية» على أنّ انضمام ليبيا إلى هذا الاتفاق لن يتيح الحفاظ على الكسكسي وحده، إذ أن ليبيا غنية بالثقافة والتراث وهذا التراث غير محمي أساساً.
ويقول الفطيمي إنّ الكسكسي العملاق، مثله مثل اليوم الوطني للملابس التقليدية وغيرها من المبادرات، هو ثمرة دفعة شعبية، معرباً عن أمله في أن يصادق أعضاء البرلمان على الاتفاقية الدولية في المستقبل القريب، لتنضم ليبيا إلى جيرانها في قائمة التراث غير المادي.
خصوصية فريدة
في حال المصادقة على الاتفاقية، يمكن لليبيا أن تنضم إلى موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس في ملف الكسكس لأنّ التسجيل لا يعني ملكية نهائية أو حصرية من قبل بلد واحد، على ما تؤكد اليونسكو.
ويبقى طبق الكسكسي بالنسبة لليبيين خط أحمر إذ يحرصون على طهوه بالطريقة التقليدية، فهو ليس مجرد طبق يأكلونه، بل مرآة حضارية، ومهارة تتناقلها الأجيال.
اترك تعليقاً