عقدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، اليوم الاثنين، أول اجتماع لملتقى الحوار السياسي الليبي وذلك عبر الاتصال المرئي.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة الختامية للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز خلال الاجتماع:
أيها الحضور الكريم، السادة السيدات أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الكرام،
لقد استمعنا اليوم الى توصيات وملخصات من إخوانكم الليبيين من مختلف المسارات التي تعتبر جزءًا أساسيًا من مساعي البعثة التشاورية والاستشارية مع مختلف مكونات الشعب الليبي. إننا نقف معاً الآن مثقلون بكمية التحديات التي تواجه البلاد والعملية السياسية، مدركين أننا على المسار الصحيح وعلى مشارف التوصل إلى حل سياسي يعيد لليبيين دولتهم، دولتكم، وسيادتهم واستقرارهم.
أيها السيدات والسادة،
أنتم الأمل وعليكم تتعلق آمال ومخاوف الليبيين ويرجون الحصول منكم على التطمينات والضمانات، مما يلقي عليكم مسؤوليات جسام. يؤسفني أن أؤكد التحذير بأن هناك العديد أيضا ممن يتربصون بالعملية السياسية ويسعون، لغايات شخصية وضيقة، إلى إفساد مساركم هذا وتعطيله وإدخاله في سراديب من التأويل ستؤدي إلى فقدان الرؤية والهدف. لذلك دعونا نبسط الأمور، ونشدد على ما قاله الليبيون مراراً وتكراراً – في مشاوراتنا معهم – ويقولونها اليوم، إن الليبيين يريدون كما ذكرت هذا الصباح الأمن الاستقرار، الكرامة والاحترام، يريدون الحياة اللائقة ويريدون انهاء الصراعات العبثية ونهب الاموال وفقدان الامان، يريدون دولة يفتخرون بها وتحتضنهم وترعى حقوقهم الإنسانية والقانونية من اقصى الجنوب الى اقصى الشرق واقصى الغرب.
سمعنا من الليبيين انهم ، و بالرغم من مطالبهم المختلفة والمناطقية أحيانا، يتوقون الى الوحدة. الوحدة التي تبدأ بتوحيد المؤسسات، وتحسين حياة المواطن الليبي، الذي أنعم الله عليه بخيرات وفيرة، فيما يعيش محرومًا من أبسط مقومات الحياة وسط تدهور الخدمات وتفاقم الازمات في كل القطاعات الحيوية. الشعب الليبي لا يقبل إلا أن يكون شعباً واحداً، ينعم بروح الإخاء والتعايش. وهذه الوحدة تبدأ بالسياسة و بتوحيد المؤسسات بدءأً من رأس الهرم، السلطة التنفيذية. تحدث الليبيون عن الشرعية وعن رفضهم لما هو قائم وانهم لا يرون انفسهم في الاجسام القائمة و لذلك يطالبون بالشرعية التي كانت ولا تزال متأزمة في ليبيا. لذلك يجب أن نجدّد الشرعية في كل الأطر عبر الذهاب وبأسرع وقت ممكن، وبأكثر السُبُل العقلانية إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية كما أكدت عليه مخرجات برلين و قراري مجلس الأمن رقم 2510 ورقم 2542. يريد الليبيون الفعالية من مؤسساتهم وعدم هدر الأموال، يريدون طرق وكهرباء وسيولة، يريدون انهاء المحاصصة والعمل على تعزيز الفعالية عبر الخروج من المصالح الشخصية والدخول في منهجية الحكم الرشيد، ودعم المؤسسات الليبية من خلال الكفاءات المحلية الموجودة والقادرة على إدخال روح التجديد في هذا الكيان الذي يسعى إلى التعافي. وهنا اود ان أعول على ضرورة المضي قدما في الإصلاحات الإدارية المتعلقة باللامركزية الإدارية وتفعيل دور البلديات في اسرع وقت ممكن وإدخال الشباب والنساء بكثافة الى أجهزة الدولة ومؤسساتها. وأنا شخصيا اصر على ذلك، خاصة في ما يخص النساء. يجب ان نرى المرأة تلعب دورها وان تكون لها مناصب وليس في وزارات شكلية، ان تكون في وزارات سيادية ومالية وامنية، وهذا مهم جدا.
جرب الكثيرون وسائل عدة لحسم الوضع الداخلي في ليبيا.
تم تجريب وللأسف طريق الحرب،واثبتت هذه التجربة أن الخيار العسكري غير قادر على حسم الوضع في ليبيا وان استمرار الوضع كما هو عليه سيؤجج النزاع المحلي ويزيد من فرص التدخلات الخارجية الغير بناءة.
وتم استخدام الورقة الاقتصادية من خلال قطع النفط ومن خلال ممارسات كيدية في توزيع وإنفاق الموارد أيضا وهذه المحاولات زادت من الوضع سوءأ وقد سمعنا في المداخلة الاقتصادية على الحاجة الماسة لتوحيد المؤسسات الاقتصادية والإسراع في تطبيق الإصلاحات اللازمة في كل القطاعات. ولذلك لا مناص من العودة الى الحوار السياسي للوصول الى ما يريده الليبيون.
نقف امام مشهد متغير الان فهناك بعض التحسن الاقتصادي وتحسن في الوضع الأمني، تحسن كبير في الحقيقة، تحسن كبير، ووعي دولي واقليمي بان الصراع الليبي يمكن ان يجر المنطقة ككل الى حرب لا احد يستطيع تقدير عاقبتها. ويواجهنا أيضا مشهد داخلي لشعب منهك، يئن تحت وطأة سوء الأحوال المعيشية وغياب سيطرة القانون وفساد وسوء إدارة وفشل في تقديم الخدمات في كل ربوع ليبيا من دون استثناء. وهذا المواطن يسأل الى متى، وقد نزل الى الشارع، وقد يعود اكثر عنفا واكثر يأسا اذا ما استمر الوضع كما هو عليه. قد اصبح هناك وعي سياسي بأن البدء بمعالجة الخلل في المنظومة السياسية ينبع في توحيد المؤسسات وتكوين حكومة موحدة ذات استقلالية وسيادة وفعالية تقود المرحلة القادمة للوصول الى انتخابات تعيد للبلاد الشرعية والسيادة التي أصبحت مفقودة في ليبيا. وهذا ما اجزم عليه الليبيون في ملتقيات الحوار العديدة التي سبقت التحضير الى الملتقى الجامع في غدامس الذي للأسف لم ينعقد، وهذا ما آلت اليه أيضاً توصيات الشباب والنساء وعمداء البلديات الذين سمعنا منهم اليوم. وهذا ما اسفرت عنه كل الجولات الدولية من باريس الى باليرمو الى أبوظبي والى برلين ومخرجاتها.
ولذلك أقول لا وقت للتضييع ولا وقت لإدخال البلاد في مماطلات تبقي الوضع على ما هو عليه وخصوصا بعد اعلان السيد فايز السراج عن نيته التنحي فور تواجد توافق سياسي يسمح له بذلك. نعرف ان الأمور العالقة كثيرة وكبيرة ولذلك تم تصميم هذا المسار على عدة جولات ومواضيع للمضي قدماً بعزم وعقلانية لكي نصل الى الأرضية الملائمة للدخول في العملية الانتخابية وانهاء المرحلة الانتقالية. نحن ننصب الخيمة وندعوكم الى ملئها بما ترونه مناسبا. الخيمة أو الغرفة الأولى ستكون في تونس في يوم 9 نوفمبر وستركز هذه الجولة على سبل واليات ومعايير توحيد السلطة التنفيذية. تتبع هذه المرحلة بعد إنجازها خريطة طريق سيتم وضعها بالتشارك معكم، تهدف الى الوصول الى تحسين خدمات المواطن والبدء بالتحضير للانتخابات المقبلة على أرضية دستورية صلبة تؤدي الى إيجاد شرعية وهيكلية دائمة للعملية السياسية في ليبيا. أشكركم على وقتكم اليوم، اشكركم على ترفعكم عن طموحاتكم الشخصية و اشكركم على وطنتيكم ونراكم قريبا في جولة مباشرة وعميقة ومنتجة تعيد التفاؤل بالحل الى الليبيين.
شكرا جزيلا على هذا اليوم، وأريد أيضا ان اشكر كل الذين قدموا العروض من النساء والشباب وعمداء البلديات والخبراء، وأشكر كذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. انا مسرورة جدا وان شاء الله اراكم في تونس قريبا.
اترك تعليقاً