أعلن عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي”، النائب وائل أبو فاعور، عن كشف فضيحة مدوية جديدة، من خلال شبكة إجرامية منظّمة تستورد أدوية زراعية ضارة بالصحة، وذلك بعد متابعة حثيثة ميدانية واستقصاءات وجمع معلومات حول قيام أشخاص وشركات باستيراد وتوزيع وبيع هذه المواد الممنوعة محليا وفي دول عديدة، ليتقدّم بعدها بإخبار إلى النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات.
هذه المواد تُسبب كما يؤكد أبو فاعور “السرطان والتسمّم والأمراض التي تصيب الجهاز العصبي، وتؤدّي إلى تلف الدماغ لدى الأطفال وفقدان الذاكرة، كما وتؤثر سلباً على الكبد والكلى، وتسبب مخاطر صحية أخرى، فضلاً عن الإعاقات، كما قد تسبب تسمّماً قاتلاً في بعض الحالات”.
ويشرح أبو فاعور أنّه سبق له، حين كان وزيراً للصحة عام 2016، وبالتعاون مع وزير الزراعة آنذاك، أكرم شهيب، منع دخول هذه المواد إلى لبنان التزاماً بمعايير منظمات الرقابة الدولية كمنظمة الصحة العالمية.
ويشير إلى أن “بعض الشركات الزراعية احتالت على قرار المنع، الذي ما زالت وزارة الزراعة تنفّذه، وقامت بتهريب هذه المواد من سوريا أو عبر المرفأ، أو إدخالها بطريقة شرعية، حيث تحصل على موافقات من وزارة الصحة تحت مسميات مبيدات حشرية للمنازل والمستودعات، لكن بدلاً من ذلك يتم استخدامها في رش المزروعات”.
وما زاد الطين بلة، هو ما نقله برنامج إذاعي عن المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، الدكتور ميشال أفرام، حول نتائج صادمة للفحوصات التي أجرتها المؤسسة الرسمية على بعض المحاصيل من فاكهة الفريز (الفراولة)، والتي أثبتت احتواءها على مواد مسرطنة.
على الرغم من معرفتهم بالأضرار الجسيمة لهذه الأدوية الزراعية، يقوم أفراد الشبكة الاجرامية بحسب أبو فاعور “باستيرادها وتوزيعها عن طريق الغش والاحتيال والتزوير، دون أي مراعاة للقوانين أو صحة الإنسان”.
وقدّم أبو فاعور للقضاء تقارير تُثبت احتواء هذه الأدوية على مواد مسرطنة تفوق الحد المسموح به “لذلك هي ممنوعة من قبل جميع دول العالم، حتى في دول المنشأ”، ويقول “تم تحويل الملف إلى قاضي التحقيق بعد ادعاء النيابة العامة على الشركات المتّهمة”، وفقا للمادة 682 من قانون العقوبات.
وتنص هذه المادة على أنه “كل من غش العاقد، سواء في طبيعة البضاعة أو صفاتها الجوهرية أو تركيبها أو الكمية التي تحتويها من العناصر المفيدة، أو في نوعها أو مصدرها عندما يكون تعيين النوع والمصدر معتبراً بموجب الاتفاق أو العادات السبب الرئيسي للبيع، يعاقب بالحبس مع الشغل من شهر إلى سنة وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ويحذّر رئيس جمعية حماية المستهلك، زهير برو، من تفاقم ظاهرة تهريب الأدوية الزراعية التي تحتوي على نسب مرتفعة من المواد المسرطنة والسامة في لبنان، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي، ويقول “ليست هذه الظاهرة جديدة في بلدنا، لكن بالتأكيد ستزداد سوءاً مع ازدياد الفقر وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين”.
ويؤكد على غياب الرقابة الحكومية على هذا الملف، مشيراً إلى أن “الدولة تحولت إلى شبح” في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية “كانت السلطة شبه غائبة عن هذا الموضوع قبل الانهيار، والآن لا تتابع هذا الملف بالشكل المطلوب، مما يعني ازدياد المخاطر بشكل حتمي.”
من جانبه يؤكد المزارع، علي الحايك، أن “كل المبيدات تحتوي على مواد خطرة بنسب مختلفة، لكن يجب على المزارع استخدام تلك التي تتطابق مع المعايير المحددة، وكمزارع، أشتري الأدوية الزراعية من شركات معروفة، وبالتالي هي التي تتحمل مسؤولية مطابقة بضائعها للمواصفات التي تحددها وزارة الزراعة”.
ويشير الحايك إلى أن “السلطة اللبنانية لا تكافح التهريب ولا تدعم المزارعين، مما يدفع البعض إلى اللجوء إلى شراء الأدوية الزراعية الرخيصة، غير المطابقة للمعايير أو المنتهية الصلاحية، من تركيا أو سوريا وذلك بسبب أسعارها المنخفضة، ما يُلحق الضرر ببقية المزارعين الذين يلتزمون بالمعايير”، موضحاً أن “الفرق في الأسعار بين الأدوية المهرّبة وتلك التي تتبع معايير السلامة يصل إلى 300% وأكثر”.
والأخطر من المواد المسرطنة كما يقول الحايك “هو استخدام بعض المزارعين للهرمونات لكي تنمو مزروعاتهم بسرعة، ومعظم هذه المواد يتم تهريبها عبر المرفأ بطرق ملتوية من تركيا والصين وغيرهما من الدول”.
“كل دول العالم تدعم المزارعين، كونهم يشكلون الأمن الغذائي للبلد، إلا في لبنان”، كما يشدد الحايك، الذي يقترح أن تقوم وزارة الزراعة ببيع الأدوية بسعر مدعوم عبر صيدليات زراعية محددة، للحؤول دون لجوء البعض إلى شراء أدوية زراعية مضرة.
اترك تعليقاً