القرارات الصعبة هي الحل الناجع في الزمن الردئ، فالتغيير يفتح الكثير من الفرص للإصلاح والتطوير الذي لا يتأتى في الظروف العادية المستقرة، ولن يكون له قبولا واسع، الوضع الليبي لم يعد يتحمل الأيدي المرتعشة ولا السياسات الهلامية.
في القاموس السياسي لا يوجد توافق على توابث بقاء أو فناء الدولة، فمثلا لا توافق على إحتكار السلاح وخضوع المؤسسات لقوانين الدولة، ولا توافق على العمالة أو الارتهان للدول الإقليمية أو الخارجية وكذلك لا مهادنة عند حبك الدسائس وسن قوانين (استخبراتية) من أجل البقاء في السلطة لأطول وقت ممكن. الكثير مما سبق لا يخرج عن طبائع مجلس النواب، مجلس العبث إلا أن ما ساعد على ذلك الأيدي المرتعشة للمجلس الرئاسي الذي تم صناعته ليبياً بعد تفاوض دام سنتين، وتم دعمه بجيش جرار من الهيئة الأممية والدول الكبرى وأخص بالذكر الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ذلك فإن قدرته على إتخاذ القرارات المحورية تتضائل في كل حين.
مع وضوح برنامج الأمم المتحدة للخروج من الأزمة، وبالمقابل لا تريد أن تكون بديلا للقرار الليبي، يتطلب من المجلس الرئاسي أن ينتفض على أغلاله الوهمية ويمضي قدماً نحو التغيير، مخاوف الرئاسي ومجلس الدولة أكثرها غير حقيقية، وقد تكون أوهام لا أساس لها تم زرعها، فمثلا دحر العصابات الإجرامية في جنوب طرابلس وفي طريق العزيزية والمعمورة وتحرير مدينة سرت من الدواعش لم يمزق النسيج الإجتماعي بل حرر المدن من أغلالها، ومنع حمل سلاح غير مرخص أبعد شبح القصف العشوائي المميت، والقبض على مجرموا التهريب للوقود والبشر لم تتعاطف معهم أبناء عمومتهم بعد إلقائهم في غياهب السجون، وأخيرا تحويل المعسكرات السيئة السمعة (سبعة أبريل والنقلية) إلى مؤسسات مدنية لم تجد معارضة تذكر. هذا يبين أن للرئاسي قوة كبيرة لم يستخدمها وهو قوة الشارع الليبي المتعاطف معه رغم ضعفه، وقوة الشرعية الدولية التي لم تتوقف رغم إرتعاشه.
اليوم لا خيار آخر على الساحة سوى التعاون بين البعثة الأممية والرئاسي من أجل المضي قُدما نحو توحيد مؤسسات الدولة وإنعقاد المؤتمر الوطني الجامع ثم الإنتخابات البرلمانية والرئاسية، وبذلك تنتهي الأجسام السياسية والعسكرية المترممة، ومن أهم القرارات التي يمكن إتخادها لإصلاح الوضع الحالي ما يأتي:
مساندة البعثة الأممية في التحضير للمؤتمر الليبي الجامع وترتيب وسائل المشاركة الواسعة لكل الفاعليين والعمل على نجاحه حتى تكون مقررات المؤتمر تفويض وطني للرئاسي للمضي نحو عقد الإنتخابات البرلمانية والرئاسية مع تكليف مجلس القضاء الأعلى بإصدار قانون الإنتخاب كبديل للقانون المعيب الصادر من البرلمان.
تجاوز مجلس النواب وقراراته وإجتماعاته وعبثه بل إيقاف مرتبات أعضائه وعدم تحويل أي أموال له.
تأجيل مسألة الأستفتاء عن الدستور إلى ما بعد الإنتخابات البرلمانية والرئاسية والقيام بمراجعة المواد الخلافية.
التوسع في تسليم المقرات العسكرية إلى مؤسسات مدنية مثل معسكر حمزة بطريق المطار، وجمعية الدعوة الإسلامية، والمدينة السياحية، والضمان، ومصنع الصابون ومقرات الشركات الصينية، والتربية العقائدية وغيرها من المعسكرات فطرابلس تحتاج إلى شرطة قوية ولا تحتاج إلى مضادات الصواريخ والمدافع والدبابات.
تعيين أركانات للجيش ودعمها لتولي زمام الأمور مع إعادة تنظيم المناطق العسكرية لتتولى حفظ الأمن في مناطقها، وتغيير قادة الكتائب والسريا ومديريات الأمن المؤدلجة في طرابلس وصبراته والكفرة وغيرها من المدن لتتحول إلى فرق عسكرية مهنية، والتوقف عن المشاركة في محادثات توحيد الجيش بمصر التي لا طائل منها.
توجيه ضربة عسكرية لمقرات تهريب الوقود والمجموعات الخارجة عن القانون في جنوب وغرب وشرق ليبيا بإستعمال سلاح الجو وبمساندة امراء المناطق العسكرية، مع تغيير القيادات التي تبدئ خروجها عن شرعية الدولة أو إنتمائها للدول الإقليمية أو لها توجهات ايديولوجية.
توجيه المجموعات العسكرية التي قفلت مقراتها في طرابلس إلى الجنوب الليبي ودعمها لتامين الحدود والطرق الرئيسية وتأمين حركة السير ووصول الوقود للكثير من المدن في الجنوب.
تفعيل جهاز المباحث العامة والجنائية ودعمه بالخبرات لسد النقص في تجميع المعلومات ورصد الخارجين عن القانون.
هذه الخطوات الجوهرية ستجد معارضة من مجموعات نفعية كثيرة ولكنها سيكون لها الأثر الكبير لإستثباب الأمن وحرية الحركة وضم شمل الوطن والمضي قدما نحو وضع أساسات للدولة المدنية على أسس مثينة مع قطع الطريق عن كل المغامرين والأعمال الإستخبراتية الخارجية.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً