لم أكن أرغب في الحديث عما يقوم به بعض الاخوة بالشرق الليبي من محاولات لإحداث انقاسامات بالبلد خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب وقفة رجل واحد في ظل التحديات التي تواجه البلد فمنذ سقوط النظام العام 2011 وبعض البرقاويون يتحدثون عن الرغبة في إحياء الفدرالية لإقليم برقة بحجج متعددة منها ان برقة كانت مهمشة على مدى تاريخها المعاصر ولا تزال اضافة الى الاحداث الامنية بالغرب الليبي وكأن برقة آمنة وعلى ما يرام وان الفدرالية من وجهة نظرهم لا تتعدى القيام بأعمال تخدم جماهير الولاية ومنعا للبيروقراطية التي يتسم بها النظام المركزي وان الولاية ستظل ضمن الدولة الليبية كما كانت قبل 1963 ويتحدث هؤلاء الفدراليون عن أن معظم دول العالم بها أنظمة فدرالية مثل أمريكا وألمانيا وان النظام الفدرالي سيعزز سلطة الدولة وإيصال الخدمات الى الجماهير حيثما وجدتلقد تجاوزنا مرحلة الفدرالية وبنينا دولة ليبيا الموحدة ربما كان هناك بعض القصور من حكام البلد والذين كانوا من مختلف ارجاء ليبيا (اخر حكومات النظام السابق كان معظم اعضائها من برقة) ولكن ذلك لا يعني اننا يجب ان نعود الى الوراء فالمتعارف عليه هو العمل على التوحيد لا التشتيت.
الذين ينادون اليوم “باستقلال” إقليم برقة لا اعتقد انهم يجهلون التركيبة الديمغرافية لم تشر المصادر التاريخية إلى مدينة بنغازي ابتداءا من القرن الحادي عشر الميلادي ويرجح أنها آلت إلى أكوام من الخراب خالية من السكان الحضر ولم تظهر من جديد إلا مع سنة 1490 م عند استيطانها من قبل مجموعة من تجار طرابلس الذين تعاملوا مع مدينة درنة والمناطق الساحلية الشرقية بمعنى ان معظم سكان الاقليم من اصول “غرباوية” وان روابط الدم لا تزال مستمرة بين المشرق والمغرب من حيث استمرار الزيجات “المصاهرة” وكذلك الأعمال التجارية, كذلك تواجد العديد من سكان المشرق بالمناطق الغربية. وبالتأكيد سيسعى هؤلاء الى تكوين اجهزه امنية وقوات مسلحة خاصة بالإقليم, وأنهم “الفدراليون” قد يثيرون النعرات الطائفية بين السكان ولنا في ما يحدث بإقليم كردستان عبرة حيث يطالب الاكراد بضرورة ترحيل العرب من منطقة كركوك. وكذلك دولة جنوب السودان.
لقد ظلت مصر تحمل اسم الجمهورية العربية المتحدة بعد انفصال سوريا عنها الى زمن السادات الذي قال بأنه لا يريد ان يمحى اسم مصر من الوجود حيث انها ذكرت بالقرآن والإنجيل ومتزعمي الحركة الفدرالية بالمشرق يدركون ان اسم برقة اطلق على الاقليم منذ العام644م وان برقة ايضا ذكرت بالإنجيل فهل يريد هؤلاء اعادة استعمال الاقاليم الثلاثة بعد ان نسينا ذلك لفترة تزيد عن الخمسة عقود (ازيل القوس الذي كان يفصل بين طرابلس وبرقه ونتمنى ان يكون الى غير رجعة) ولا نعرف إلا ليبيا موحدة وأسماء المدن المنتشرة على امتداد الوطن.
ان ما يقوم به اخوتنا بالمشرق هو إعادة الروح لمشروع بيفن سفورزا الذي جعل بريطانيا وصية على برقة وفرنسا على فزان وإبقاء طرابلس تحت النفوذ الايطالي ومن يدري فقد تكون هذه الأقاليم شوكة في ظهر الدولة وتساعد على زعزعة أمنها واستقرارها بفعل القوى الخارجية وما أكثرها التي تتربص بنا وتتوق إلى رؤية الدولة تنهار خاصة في ظل تمتع كل اقليم على حده بالموارد الطبيعية التي تفتقدها الدول الاخرى ويشجع بقية المناطق على المطالبة بالفدرالية ويضيع اسم ليبيا بفعل ابنائها.
ان كان ولابد من اعلان الفدرالية والتي نجزم بان غالبية الليبيين لا يرغبونها فإن المنطق يستوجب استفتاء السكان المقيمون بالإقليم على ذلك دونما تدخل من الاخرين الذين يريدون تفتيت الدولة والتمتع بخيراتها.
نتمنى على اخوتنا بشرق الوطن خاصة ومن يعنيهم الامر من بقية الاثنيات العرقية بان الأمور لن تستتب إلا اذا توحدت جهود أبنائه كافة كنا ولا زلنا نحلم به متحدا بين الدول.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً