أعلن اعضاء في المفوضية العليا للانتخابات الليبية ان انتخابات المجلس التأسيسي المقررة قبل 19 حزيران-يونيو سيتم ارجاؤها الى شهر تموز-يوليو وربما الى ما بعد الشهر المذكور لأسباب قيل إنها لوجستية، لكن مراقبين لا يفصلونها عن الوضع الأمني بالبلاد.
يأتي ذلك بينما بدأت ظلال من الشك تخيم على استقرار ليبيا في ظل أحداث عنف لم تنقطع عن الحدوث بين الحين والآخر.
والسبت قال طبيب من قبيلة التبو ان شخصين قتلا واصيب عدد اخر في اشتباكات بين جنود ليبيين وافراد القبيلة في جنوب شرق البلاد مما يظهر حالة الاضطراب بعد سبعة أشهر من الاطاحة بمعمر القذافي.
واندلعت أعمال العنف في ساعة مبكرة صباح السبت في مدينة الكفرة قرب الحدود الليبية مع تشاد والسودان حيث ارسلت القوات المسلحة لوقف اشتباكات بسبب نزاع قديم بين قبيلتي التبو والزوية.
وتبين موجات العنف في الصحراء الجنوبية والمناطق الجبلية الغربية مدى الاضطراب الذي مازالت تعاني منه ليبيا منذ الاطاحة بالقذافي الذي كان يؤلب القبائل والعشائر على بعضها البعض لإضعافها.
وقال مفتاح ابو خليل عضو المجلس المحلي “شن التبو هجوما على المدينة ورد الجيش”. وقال ان شخصين اصيبا في أعمال العنف.
وقال حسين شكاي من قبيلة التبو ان قبيلته تعرضت لهجوم في المدينة الواقعة على بعد نحو 1100 كيلومتر جنوب شرق العاصمة طرابلس وأضاف أن أحد أفراد القبيلة قتل واصيب خمسة .
وقال طاهر ابو برق الطبيب بالمستشفى المحلي أن شخصا قتل واصيب خمسة.
وأكد مسؤول بالجيش الوطني وقوع اشتباكات.
وتعيش قبيلة التبو في تشاد ومناطق في جنوب ليبيا وفي فبراير-شباط اتهمت قبيلة الزوية التبو بمهاجمة الكفرة مدعومة بمرتزقة من تشاد. وقالت قبيلة التبو انها هي التي تعرضت لهجوم.
وتواجه ليبيا الجديدة تحديات امنية متزايدة من خطر اسلامي وميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة وتهديدات من انصار القذافي، في الوقت الذي تستعد فيه لتنظيم اول انتخابات منذ اكثر من اربعين عاما.
وقد اثارت هجمات في الايام الاخيرة على بعثة للسفارة الاميركية ومقر الصليب الاحمر وقافلة للامم المتحدة في بنغازي “شرق” مخاوف من تنامي قوة الاسلاميين المتطرفين ومن بينهم تنظيم القاعدة.
والهجوم الثلاثاء على البعثة الاميركية، الذي تبنته مجموعة اسلامية بحسب مصادر امنية ليبية، نفذ غداة مقتل الرجل الثاني في تنظيم القاعدة ابو يحيى الليبي.
وقال كريم بيطار مدير الابحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ان “تكاثر الحوادث منذ شهرين يبعث على الاعتقاد ان الامر لا يتعلق بأعمال معزولة فقط بل بتنامي قوة القاعدة التي تستفيد من الضعف الكبير للسلطة المركزية والتي يبدو انها تتمتع بصلات وصل عديدة” في الغرب وفي شرق البلاد.
واضاف ان “هذه الظاهرة مثيرة للقلق ليس فقط بالنسبة لليبيا بل بالنسبة لكل العالم العربي لأن قادة القاعدة في ليبيا مازالوا ضمن منطق “الجهاد الدولي” ولا يترددون في ارسال مقاتلين الى سوريا او اي مكان اخر”.
لكن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي محمد الحريزي قلل من اهمية الهجمات وقال انه لا يوجد اي دليل على نشاط للقاعدة في ليبيا من دون ان يستبعد في الوقت نفسه وجود “مناصرين افراد”.
واكدت كلوديا غزيني الباحثة في الشؤون الليبية في مجموعة الازمات الدولية ان عناصر تابعين للقاعدة موجودون في الشرق الليبي حيث وقعت معظم الاعتداءات. لكنها اعتبرت ان “من المبكر جدا” القول ان تنظيم القاعدة شن الهجوم على البعثة الاميركية.
واضافت ان “اعمال العنف هذه يمكن ان تأتي من مجموعات مختلفة وليس من القاعدة فقط: أي من ميليشيات غاضبة او من انصار القذافي او مجموعات سلفية محلية ليست بالضرورة القاعدة”.
والسيطرة الاسبوع الماضي على مطار طرابلس من قبل متمردين سابقين ارادوا الاحتجاج على اختفاء قائدهم اجج ايضا المخاوف بشأن عجز السلطات الجديدة امام هذه الميليشيات التي لا تتردد في استخدام الاسلحة لفرض حضورها.
وقد عززت السلطات التدابير الامنية في المطار وفي العاصمة لكنها عبرت عن المخاوف ازاء امكان تجدد اعمال العنف مع اقتراب موعد الانتخابات التي كانت المقررة في حزيران-يونيو وتأجلت.
واعلنت وزارة الداخلية انها تلقت تقارير من أجهزة امنية تشير الى مخططات لانصار القذافي للتشويش على سير عملية الاقتراع.
وقال ابراهيم الشركسية وهو مسؤول كبير في وزارة الداخلية “نعلم جيدا ان هناك اناسا لا يريدون ان تجري الانتخابات” مضيفا ان خطة تشمل 45 الف عنصر من أجهزة الامن مقررة لضمان حسن سير الاقتراع. ومع ذلك فقد أعلن عن تأجيل الانتخابات لأسباب قيل إنها لوجيستية.
لكن من الواضح أن قرار التأجيل لا ينفصل عن الوضع الأمني.
وقال عضو في المفوضية العليا للانتخابات الليبية إن قرار ارجاء الانتخابات اتخذ خصوصا لافساح المجال امام المرشحين الذين رفضت ترشيحاتهم لتقديم طعون.
واضاف هذا المسؤول “تم اقتراح مواعيد عدة، ولكن في غالبية المشاورات طرح موعد العاشر من تموز-يوليو”.
واوضح عضو اخر في المفوضية ان قرار الارجاء اتخذ بالتشاور مع خبراء في الامم المتحدة يعملون مع المفوضية، وقد “اقترحوا علينا ان نختار موعدا خلال الاسبوع الاول من تموز-يوليو”.
وتدارك “ولكن اذا كنا غير جاهزين في هذا الموعد، فان الانتخابات سترجأ مجددا الى شهر اب-اغسطس، الى ما بعد رمضان”.
ونص الاعلان الدستوري الذي اقره المجلس الوطني الانتقالي الحاكم على وجوب اجراء الانتخابات قبل 19 حزيران-يونيو، اي بعد 240 يوما من اعلان تحرير ليبيا من نظام معمر القذافي الذي تم في 20 تشرين الاول-اكتوبر 2011.
وفي الثالث من حزيران-يونيو، حضت مفوضية الانتخابات المرشحين على عدم البدء بحملاتهم الانتخابية “في شكل مباشر او غير مباشر” قبل اعلان موعد اجراء الانتخابات.
وسجل اكثر من 7ر2 مليون ناخب اسماءهم للتصويت في هذه الانتخابات، اي ما يعادل ثمانين في المئة، علما بان ليبيا تعد ستة ملايين نسمة، 4ر3 ملايين منهم من الذين يحق لهم الاقتراع بحسب المفوضية.
وبعد انتخاب المجلس التأسيسي، سيعين اعضاؤه الـ200 لجنة خبراء مكلفين صياغة مشروع الدستور الذي سيطرح بعد ذلك على استفتاء. ويخصص 120 مقعدا في الاجمال للمرشحين المستقلين بينما ستكون المقاعد الـ80 الباقية مفتوحة للحركات السياسية.
وتؤكد اللجنة ان اربعة الاف مرشح مستقل او مرشحين مسجلين على لوائح الحركات والاحزاب السياسية قدموا ترشيحاتهم.
وتأسست عشرات الاحزاب في الاشهر الاخيرة لخوض هذه الانتخابات، ما يدل على تعطش الليبيين لممارسة العمل السياسي بحرّية بعد أربعة عقود من حكم القذافي الذي ألغى تماما أي شكل من أشكال التنظم والتعبير عن الرأي، لكن هذا الحماس يصطدم اليوم بالوضع الأمني في البلاد حيث تجهد السلطات لتحقيق السلم والاستقرار.
“العرب أونلاين ووكالات”
اترك تعليقاً