لاتزال الصين تستهدف الأقليات الدينية والعرقية، باستهداف أقلية الأوتسول المسلمة، في مدينة سانيا في جزيرة هاينان، جنوب الصين، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز”.
واستبدل الحزب الشيوعي الحاكم اللافتات الموجودة على المتاجر والمنازل التي كُتب عليها “الله أكبر” بملصقات عريضة تروج لـ “حلم الصين”، وأزال كلمة “حلال” من على لافتات المطاعم وقوائمها. كما أغلقت السلطات مدرستين إسلاميتين وحاولت مرتين منع الطالبات من ارتداء الحجاب.
وقال الحزب إن القيود التي يفرضها على الإسلام والمجتمعات الإسلامية تهدف إلى كبح التطرف الديني العنيف.
وقد استخدم هذا المنطق لتبرير حملة قمع ضد المسلمين في منطقة شينجيانغ أقصى غرب الصين. لكن مدينة سانيا لم تشهد أي إضرابات للقيام بذلك.
قبل عدة سنوات، كان المسؤولون الصينيون يؤيدون هوية هذه الأقلية وعلاقاتهم بالدول الإسلامية، من أجل روابط أقوى مع العالم العربي، وكانت هذه الروابط أساسية لمبادرة الحزام والطريق، التي أطلقها الحزب الشيوعي الحاكم، وفقًا لزعماء دينيين محليين وسكان، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لتجنب انتقام الحكومة.
وقال ما هايون، الأستاذ المساعد في جامعة ولاية فروستبيرغ في ماريلاند، الذي يدرس الإسلام في الصين، إن تشديد السيطرة على الأوتسول يكشف الوجه الحقيقي للحملة الشيوعية الصينية ضد المجتمعات المحلية، وأضاف “هذا يتعلق بمحاولة تعزيز سيطرة الدولة. إنها معادٍية للإسلام”.
ونفت الحكومة الصينية مرارا أنها تعارض الإسلام. لكن تحت قيادة شي جين بينغ، الزعيم الأعلى للحزب الشيوعي، تم هدم الحزب المساجد والأضرحة القديمة والقباب والمآذن الإسلامية في شمال غرب ووسط الصين. وركزت حملتها القمعية بشدة على الأويغور، وتم احتجازهم في معسكرات اعتقال جماعية، وأجبروا على ترك الإسلام.
وفي سياق متصل، الأوتسول أو كما يعرفون بالصينية “زو زان”، وهي مجموعة عرقية من الناس تعيش في جزيرة هينان جنوب الصين، وهي من القوميات الإسلامية التي هاجرت من جنوب آسيا وخاصة فيتنام، واستقروا في جزيرة هينان، ويتحدثون اللغة التساتية، المماثلة للمستخدمة في فيتنام وكمبوديا، ويبلغ عددهم حوالي 10000 شخصا.
وعلى مر القرون، حافظ الأوتسول على روابط قوية مع جنوب شرق آسيا، واستمروا في ممارسة الإسلام دون قيود إلى حد كبير. لكن خلال الثورة الثقافية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، دمرت فرق متنقلة من الحرس الأحمر التابعة للزعيم الصيني ماو تسي تونغ، المساجد في قرى أوتسول، كما فعلت في جميع أنحاء الصين.
ومع انفتاح الصين على العالم في أوائل الثمانينيات، بدأ الأوتسول في إحياء تقاليدهم الإسلامية. وأعادت العديد من العائلات التواصل مع أقارب فقدوا منذ فترة طويلة في ماليزيا وإندونيسيا، بما في ذلك رئيس الوزراء الماليزي السابق، عبد الله أحمد بدوي، الذي كان جده لأمه من أوتسول الذي نشأ في سانيا.
وقال يوسف ليو، الكاتب الماليزي الصيني الذي درس جماعة الأوتسول، إن المجموعة تمكنت من الحفاظ على هوية مميزة لأنهم كانوا معزولين جغرافيًا لعدة قرون وتمسكوا بمعتقداتهم الدينية.
وأشار إلى أن أوتسول كانوا متشابهين في نواح كثيرة مع الملايو، وأضاف أنهما يشتركان في العديد من الخصائص نفسها، بما في ذلك اللغة واللباس والتاريخ وربطة الدم والطعام.
ومع ازدهار اقتصاد السياحة في سانيا على مدى العقدين الماضيين، نمت أيضًا علاقات أوتسول مع الشرق الأوسط. وسافر الشباب إلى السعودية لدراسة الإسلام، وأنشأ قادة المجتمع مدارس للأطفال والكبار لدراسة اللغة العربية. وبدأوا في بناء قباب ومآذن لمساجدهم، مبتعدين عن الطراز المعماري الصيني التقليدي.
لكن في العامين الماضيين، ضغطت السلطات الصينية عليهم للحد من التعبير العلني عن معتقداتهم وروابطهم بالعالم العربي. وقال قادة المساجد المحليون إنهم طُلب منهم إزالة مكبرات الصوت التي تبث الأذان من أعلى المآذن ووضعها على الأرض.
ومؤخرًا، طالبوهم بخفض مستوى الصوت، ووقف بناء أي مساجد جديدة بسبب الخلاف حول أبعاده المهيبة واستخدام عناصر معمارية “عربية”.
وأكد سكان المدينة أن السلطات منعت الأطفال دون سن 18 عاما من دراسة اللغة العربية، وأشاروا إلى أنهم يريدون تعلم اللغة العربية ليس فقط لفهم النصوص الإسلامية بشكل أفضل، ولكن أيضًا للتواصل مع السياح العرب الذين كانوا قبل الوباء يأتون إلى مطاعمهم وفنادقهم ومساجدهم.
وفي سبتمبر الماضي، احتج أولياء الأمور والطلاب في مدرسة أوتسول خارج المدارس والمكاتب الحكومية بعد أن منعت عدة مدارس عامة الفتيات من ارتداء الحجاب في الفصل. بعد أسابيع ، عكست السلطات الأمر ، في انحناء نادر للضغط العام.
اترك تعليقاً