يعتبر الخلاف من أهم أسلحة الشيطان التي بها يوغل صدور قوم مؤمنين فتتنافر القلوب ويدب الشقاق وتنفصل عرى الحب والتفاهم وتتباعد الأجساد والأنفس. ولأهمية الصلح كركيزة من ركائز بناء المجتمعات أولى الإسلام أهمية لهذا قال تعالى: {والصُلحُ خير} النساء من: 128، وقال أيضا:{إنّما المؤمنُون إخوةٌ فأصلحُوا بين أخويكُم} الحجرات:10، فلولا الصلح لهلك الناس ولفسدة الأرض. وفي ذلك قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة، فقال أبو الدرداء: قلنا بلى يا رسول الله ، قال: إصلاح ذات البين}. فالمصلح قلبه طاهر نقي نفسه تواقة للخير يبدل جهده وماله من أجل الصلح. أما الذي يرفض الصلح فقلبه قاس خبثت نيته وفسد باطنه فهو أقرب للشر منه للخير.
قال أنس رضي الله عنه:{من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة}. في ليبيا خاصة وفي كثير من دولنا عامة ما أحوجنا إلى كرم الله في الصلح، ما أحوجنا للتخلق بأخلاق الأولين من هذه الأمة، فالأمر أمرين لا ثالث لهما: إصلاح ما يدور بيننا من اقتتال واتهام واستخدام جميع ما نملك من قدرات لإيقاف ذلك أو السير في نفس طريق الإقتتال والإفساد الذي نحن فيه، فما حك جلدك مثل ظفرك، فإذا لم يعمل القادة في إتجاه الصلح فلن يكثرت بك من حولك ولا ترجوا ذلك من غيرك. قال أحد الصالحين :إن الله أحب الكذب في الإصلاح وأبغض الصدق في الإفساد !!!؟؟؟ عجيبٌ أمرنا. قال الأوزاعي رحمه الله: ما من خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة في إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار، متى يعي من بيدهم الأمر ذلك؟؟؟؟؟
أيها الليبيون، يا محمود جبريل؟ يا حفتر؟ يا قداف الدم؟ لقد دُمرت ليبيا ولا تحتمل المزيد فلم يعد هناك مزيد؟ فهل نتنازل عن الأنانية؟ هل نتنازل عن المصالح الشخصية من أجل الوطن؟ إسمعوا بقلوبكم قبل أذانكم وعوا قول سيد البشر أجمعين صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب من له قلب منّا قائلا:{تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا}. أبعد هذا الكلام كلام، يا من ذكرت خاصة وغيركم عامة سوف تسئلون؟ إن المجتمعات تبنى وترتقي بالإحترام والمحبة وإخلاص العمل لله وحده، إن البغضاء والكره والحقد يهدم ولا يبني إن من ثمار إصلاح ذات البين ترقيق القلوب وانتشار المحبة والألفة، فهل من عامل أيها القادة ؟
إن من الناس من هو خيّرٌ يريد الإصلاح ولكن قد يجد أهل السوء من الأصحاب والأقارب وأصحاب المصالح الضيقة والعقول الصغيرة من يُثنيه عن ذلك فاحذروا ولا يصُدّنّكم عن فعل الخير صاحب سوء قريب كان أو صديق، قال جل وعلى:{ولا تُطع كلّ حلاّف مّهين* همّاز مّشّاء بنميم* مّنّاع للخير معتد أثيم} نون:11.
لنسئل أنفسنا جميعا ءآ الدعوة للصلح بيننا أمر بالمعروف أم أمر بمنكر ؟ لا شك إنها أمر بالمعروف وهو واجب على من بيده شيئٌ من ذلك ثم علينا جميعا، قال صلى الله عليه وسلم: “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليستعملن الله سبحانه وتعالى عليكم شراركم فليسومنكم سوء العذاب، ثم ليدعون الله عز وجل خياركم فلا يستجاب لكم “، يا من له يدٌ عليا في إيقاف النزيف الليبي بثقل سياسي أو عسكري ومتأخر في ذلك، هل أنت من الأشرار؟؟؟ فحسبك الله إذا.
إن بذل الجهد والوقت للصلح لهو عمل لا يقوم به إلا ذوي الهمم العالية والأخلاق الرفيعة، فيا أصحاب النوايا الحسنة الخالصة الطيبة، قال جل وعلى:{إن يُّريدا إصلاحاً يوفّق اللهُ بينهما} النساء 35، أقول مرة أخرى: يا محمود جبريل، يا قداف الدم، يا حفتر، بإخلاصكم وتقديم الوطن ووضع مصالحكم وراء ظهوركم ستجنوا ثمارا لإخلاصكم لن تتوقعوا حجمها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً