علماء من الصين تتبّعوا الخيوط الرئيسية لأصل الفيروس في مدينة ووهان الصينية قبل زيارة علماء المنظمة.
وذكر تقرير صحفي نشرته وكالة “بلومبيرغ” للأنباء أمس الأحد، أن العلماء الذين يبحثون عن أصل فيروس كورونا في الصين وجدوا “أدلة مهمة” تربط بينه وبين سوق المأكولات البحرية في ووهان، حيث تفشى المرض.
وأضاف التقرير أنه يُتوقع من العلماء الذين يبحثون عن أصل الفيروس التوصل إلى النتائج الرئيسية قبل المغادرة في 10 فبراير الجاري، وفقاً لبيتر داسزاك، عالم الحيوان في نيويورك والمشارك في فريق منظمة الصحة العالمية في البعثة إلى ووهان الصينية.
وتابع داسزاك متحدثاً من مدينة ووهان الصينية، بأن المجموعة المكونة من 14 عضواً تعاونت في العمل مع خبراء من الصين، وزارت النقاط الساخنة الرئيسية ومراكز البحث للكشف عن «بعض الأدلة الحقيقية حول ما حدث».
ويسعى العلماء إلى معرفة كيف انتشر الفيروس واسمه العلمي (سارس – كوف – 2)، الذي تفجر في ووهان في ديسمبر عام 2019 قبل أن يسبب أسوأ عدوى منذ أكثر من قرن، حسبما ذكرت «بلومبرغ».
وقال داسزاك إن التحقيق يبشّر بنقطة تحول في التخفيف من حدة الوباء. واستطرد عبر تطبيق «زووم» في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي: «نأمل أن تكون بداية فهم عميق لما حدث حتى نتمكن من إيقاف المرحلة التالية». وأردف: «هذا ما يدور حوله كل هذا التحقيق، وهو محاولة فهم سبب ظهور هذا الفيروس الذي نواجهه ويسبب انهيارات اقتصادية عالمية ووفيات مروعة بينما ننتظر اللقاحات».
وطُلب من منظمة الصحة العالمية في مايو، المساعدة في «تحديد المصدر الحيواني للفيروس ومسار دخوله إلى البشر، بما في ذلك الدور المحتمل للمضيف الوسيط».
وفي سياق متصل، أثار الافتقار إلى مسار واضح لكيفية انتقال الفيروس من الخفافيش إلى البشر تكهنات دحضها داسزاك والعديد من العلماء الآخرين- بأن الفيروس ربما هرب من معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهو مختبر بيولوجي يدرس فيروسات «كورونا» التي تنقلها الخفافيش.
وزار العلماء المختبر وسألوا شي زينغلي، وهي عالمة الفيروسات التي قامت بجمع وتحليل هذه الفيروسات لأكثر من عقد من الزمان، عن البحث وأولى حالات فيروس كورونا المعروفة.
ويقول داسزاك: “علينا حقاً تتبّع سلسلة كاملة من خطوط التحقيق الرئيسية. ولكي نكون منصفين لمضيفينا هنا في الصين، لقد فعلوا الشيء نفسه خلال الأشهر القليلة الماضية. لقد كانوا يعملون خلف الكواليس، والبحث عن المعلومات والنظر إليها وإعدادها”.
وقال إن العمل كان “تعاونياً” مع نظرائه الصينيين لمساعدة محققي البعثة على البحث بشكل أعمق عن أدلة.
وتابع العالم البريطاني: “كنا نجلس معهم كل يوم ونطّلع على المعلومات والبيانات الجديدة، ثم قلنا إننا نريد الذهاب إلى الأماكن الرئيسية. لقد طلبوا قائمة. اقترحنا أين يجب أن نذهب والأشخاص الذين يجب أن نلتقيهم. ذهبنا إلى كل مكان في تلك القائمة وكانوا مستعدين لذلك بالفعل”.
ويعد داسزاك واحداً من 10 خبراء مستقلين يساعدون بعثة منظمة الصحة العالمية. كما يوجد خبراء تابعون لكلٍّ من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة العالمية لصحة الحيوان.
ويقول داسزاك: “شعوري هو أننا سنكون قادرين على قول شيء ذي قيمة في نهاية هذه الرحلة، لكني لا أريد أن أتطرق إلى ما سيكون عليه الأمر أو إلى أي طريقة تشير إليه”، مضيفاً أن نتائج المجموعة سرّية حتى يتم الكشف عنها علناً.
وعدّ العالم البريطاني أن الرحلة إلى سوق للمنتجات الطازجة في ووهان كانت “مفيدة بشكل خاص”، بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”.
ووجدت الأبحاث حالات سابقة مصابة بالفيروس بين أشخاص غير مرتبطين بسوق المأكولات البحرية الطازجة، مما يقوّض نظرية نشأة الفيروس في السوق. وقال داسزاك إن المحققين نظروا إلى أبعد من ذلك ووجدوا «أدلة مهمة» بشأن دور السوق، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.
وقال: “في الوقت الحالي، نحاول إثارة كل شيء معاً”.
وأردف: “لقد نظرنا إلى كل الخيوط بشكل منفصل. الآن سنجمعها معاً ونرى ما يخبرنا به كل شيء”.
وأوضح داسزاك أنه بينما تم إغلاق سوق المواد الغذائية وتنظيفها على الفور تقريباً بعد التعرف على الحالات، «لا تزال سليمة إلى حد ما. فقد غادر الناس على عجل وتركوا المعدات، وتركوا الأواني، وتركوا أدلة على ما كان يحدث، وهذا ما نظرنا إليه».
وتابع أن العلماء في الصين الذين أخذوا عينات بيئية داخل السوق حددوا المواقع التي تم فيها اكتشاف آثار «سارس – كوف – 2»، واستفاد المحققون أيضاً من فهم أكبر لـ«كورونا المستجد».
وأضاف: “نحن نعلم الآن ما لم نكن نعرفه حينها. إنه مقابل كل حالة مريضة هناك حالات أخرى لا تظهر عليها أعراض أو يصعب تمييزها عن البرد أو السعال. ولذا فليس من غير المتوقع أن تكون هناك حالات أخرى غير تلك التي دخلت المستشفى. لكن كم عدد الآخرين؟ متى بدأ هذا؟ هذا الذي ما زلنا نعمل عليه”.
وقال داسزاك إن تتبع رحلة الفيروسات أمر معقد وسيستغرق “وقتاً طويلاً حقاً”.
واختتم حديثه: “ما رأيته بالفعل يخبرني بأن هناك بعض القرائن الحقيقية حول ما حدث، وآمل أن نتمكن من تقديم شرح قوي لذلك بحلول نهاية هذه الرحلة”.
اترك تعليقاً