عندما نتحدث عن التطرف الفكري دينياً كان أو غيره نقول إن الأمر نسبي يختلف باختلاف الثقافة والفهم ولاشك أن ذلك يرتبط بالمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان فما يعد تطرفا عندي قد لا يعد كذلك عند غيري لأننا ببساطة نختلف في المفاهيم وهذا أمر أراه طبيعيا لأن ما تربيت عليه وما قرأته وفهمي لتلك القراءات والبيئة التي نشأت فيها والأصحاب والناس الذين من حولي والذين أسمع إليهم… وغيرها من العوامل المتعددة التي قد يصعب حصرها، كلها ساهمت بشكل أو بآخر في تكوين مفهومي للتطرف وكذلك لا يخفى تأثيرها على تكوين شخصيتي ونظرتي ومفهومي للأشياء، ومن هنا يأتي الاختلاف.
إذا لا مناص للاختلاف بيننا في المفاهيم والآراء وغيرها لأن عوامل بنائه وتكوينه هي جزءٌ من حياتنا والسؤال التالي هو كيف يمكننا التعايش في ظل هذا الاختلاف الذي جُبل عليه الإنسان؟ الأمر ليس سهلا ولكنه ليس مستحيلا فبالإمكان أن نتعايش مع وجود الاختلاف الذي لا مناص منه ولكن ذلك يحتاج منا لرقيّ في القيم والأخلاق ومستوى الفهم يحترم فيه بعضنا بعضا وبدون تلك الثلاثية أرى أنه من الصعب أن نحقق التعايش مع بعضنا مطمئنين في أمن وسلام. طريقنا هو تحقيق القيم المتمثلة في الخصائص والصفات الاجتماعية مثل التسامح وإقامة العدل وغيرها في أنفسنا أولاً لنكون بالتالي قادرين على إقامتها في مجتمعنا. فالقيم هي التي تقيد الإنسان وتحدد سلوكه وترسم طريقه فيختلف عن الآخرين باختلافها.
الشيء الثاني هو الأخلاق: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، فالأخلاق هي مجموعة القيم والطباع الباطنة والظاهرة الطاردة للشر والجالبة للخير وما لم يتمُّ تطابق الباطن من الأخلاق على الظاهر منها فلا فائدة منها لا للفرد ولا للمجتمع فمسألة التطبيق هي المحك الحقيقي للقياس فإذا كان باطن الإنسان خيّراً ينساب منه القول والفعل الخيّر المحمود وإن كان الباطن سيئا فلا يصدر منه في الغالب إلا سيئا مذموما.
مستوى الفهم، أرى أننا نعاني من مشكلة كبيرة في تفسير المعلومات من دروس ومحاضرات ومواعظ وغيرها وإدراك المعنى الحقيقي لها ويظهر ذلك واضحا في مجتمعاتنا فكثيرا ما تجدنا نعلم ولا نعلم أننا لا نعلم فتجد أحيانا من يأتيك بمعلومة يستشهد بها لإقناعك بشيء ولا يعلم أنها ضده وليس ذلك إلا لقصور في إدراك المعاني. المثال الآخر هو من يأتيك بكلام منقول لا يقبل فيه تحويرا ولا تعديلا فأين الفهم والاستنتاج والتفسير والتمييز وإيجاد العلاقة بين المتغيرات المصاحبة للموضوع كل ذلك ينبئك بسوء فهم الناقل وما أكثر ذلك في مجتمعاتنا.
وما تصفية وقتل الشيخ الواعد نادر العمراني رحمه الله إلا نتيجة لسوء الأخلاق وانحرافها وتناقض القيم وتناقصها فترى التناقض يمشي على قدميه بيننا في مجتمعاتنا مع انحدار مستوى الفهم عندنا بكثرة مخيفة الأمر الذي أصبحنا ننظر لمن يخالفنا في صغير أو كبير هو عدو لنا؟؟!! فتقرأ وتسمع لأناس يدعون للحقد والكراهية وربما سفك الدماء لمجرد مخالفتهم أو انتقادهم وربما كان الشيخ نادر ضحية لمثل ذلك وليس ذلك إلا لانحراف في الفكر والتفكير. لقد كان الشيخ من أهل العلم المتفوقين الواعدين بشهادة زملاء وعلماء من البلاد وخارجها ونسوا أن ذلك عطاء الله ونعمته: “أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ” الزخرف 32. فالعطاء عطاء الله ولكنهم اختلفوا معه فقتلوه فخسر المجتمع رجلا من أهل العلم واعدا ولكنهم ربما أرادوا بقتله فتنة فاحذروها….
إن الرقي في القيم والأخلاق ومستوى الفهم لهي عوامل ضرورية لإقامة مجتمع ينعم بالاستقرار والتعايش السلمي بين أفراده فيجب أن يكون قتل الشيخ رحمه الله ليس بابا للفتنة بل مدعاة للمراجعة خاصة لمنتسبي التيارات الدينية جميعها على المستوى الفردي والجماعي في ظل عوامل البناء الثلاثية مع التحرر من الاضطرابات النفسية والمعاناة الداخلية؟؟؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
الله يرحمه و يغفر اليه هو كان ضحية مع كثير غيره قتلوا و انتقلوا الي رحمة الله … و الباقي ضحيه قتلت قلوبهم و لم يرحلوا بعد بل تقتل قلوبهم كل يوم بل تقتل ليبيا كل يوم … بسبب هؤلاء أصبحت ليبيا ضحيتهم لو يعلموا ما نعلم و لو نعلم ما يعلموا لا اختصر الطريق للامن و الأمان و الازدهار و مستقبل الصغار و راحة الكبار….
Don’t be in a hurry to condemn because he doesn’t do what you do or think as you think or as fast. There was a time when you didn’t know what you know today.” — Malcolm X