دعا عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية والهيئة الوطنية لمكافة الفساد ومؤسسات المجتمع المدني المعنية لتكثيف جهودها للتصدي لخطر قادم قد يُؤدي بالدولة الليبية إلى الإفقار.
وقال الشاطر في حديث خاص لشبكة “عين ليبيا”، إن منهجية صرف المال العام تشوبها أخطاء قد تكون مقصودة أو أنها نتيجة خلل ناشئ عن سوء الخبرة وقلة الكفاءة أو جميعها مع موت الضمير الوطني.
وأشار إلى أن المليارات التي تُصرف من قِبل الحكومة هنا وهناك لا تخضع لأي نوع من الرقابة البرلمانية أو أنها تجاوزت وتخطت أجهزة الرقابة بالدولة.
وأضاف الشاطر: “نحن مقبلون على إعادة إعمار المدن الليبية التي تضررت بسبب النزاعات المسلحة والتي ستكلف أكثر من مائتي مليار دولار أمريكي وهذا لا يُبرر إطلاق يد الحكومة في التصرف في المال العام بدون شروط ومعايير محددة في ظل الاتهام لها بالفساد الفاضح”.
وطالب الشاطر بضرورة العودة إلى نظام طرح المشاريع عن طريق لجنة مركزية للعطاءات تختص بالمشاريع الكبيرة التي تتجاوز حدا معينا من التكلفة ولجان عطاءات فرعية للمشاريع الصغرى والمتوسطة وفقا لما كان معمول به قبل انقلاب الأول من سبتمبر عام 1969″.
ونوه إلى أن منح المشاريع بالمليارات من الدولارات مباشرة بدون طرحها في مناقصات علنية محلية وعالمية لتحقيق المنافسة الشريفة وصولا إلى جودة التنفيذ وأقل تكلفة هو الغرض السامي لصيانة والحفاظ على أمن المال العام.
وأردف الشاطر: “لقد لفت انتباهنا منح عقود مشاريع بمبلغ يتجاوز 30 مليار دولار من قِبل الحكومة دون توضيح المعايير والشروط وجداول تكلفة الأسعار والمواد واليد العاملة والتنفيذ ومقارنتها بأسعار أخرى استبعدت أو لم تستدع من الأصل.. هذه إجراءات بعيدة عن الشفافية وقريبة جدا من تكريس الفساد ولا تُحقق العائد الأمثل للمال الليبي.. فمن يملك حق التصرف في المليارات من الدولارات بمفرده أو بلجنة يُشكلها وفق هواه ورغبته، وبأي قانون خوّل ومن هي السلطة الرقابية عليه؟”.
ولفت عضو المجلس الأعلى للدولة إلى أن ليبيا تقع في ذيل خانة الفساد ونهب المال العام، و”ما لم توجد آلية للحد من هذا النهب فإننا قادمون إلى إفلاس الدولة التي تعيش على إيرادات النفط التي ستتضاءل عام 2030 بعد أن يهبط استهلاك المحروقات إلى مستويات متدنية وخطيرة بفعل توجه أغلبية دول العالم وخاصة أوروبا إلى استخدام الطاقة الكهربائية في السيارات والمصانع”.
وتابع الشاطر في حديثه: “لم تعمل أي من الحكومات على إيجاد وتنمية إيرادات بديلة تُمول الخزانة العامة فهي تعتمد على عائدات النفط واحتياطي الدولة من العملة الصعبة وبالتالي فإن المثل الليبي القائل (خود وما ترد حتى الجبال تنهد) ينطبق علينا، ونلاحظه في تدني قيمة الدينار الليبي لأنه لا يعتمد على اقتصاد قوي ومنتج وليس ريعي، وعندما تتأزم الأمور تلتجئ الحكومة ومصرفها المركزي إلى رفع سعر الصرف ليدفع الشعب كلفة سياساتها المالية والاقتصادية الفاشلة”.
ودعا عضو المجلس الأعلى للدولة الحكومة أن تسير في خطوتين أساسيتين، أولهما الابتعاد عن استغلال المال العام بتبديره لكسب شعبية تؤيدها، وثانيهما العمل على تحويل الشباب إلى الإنتاج ليشكلوا إضافة إيجابية وليس إلى متلقين لحقن تسكين مؤقتة لأوجاعهم طويلة المدى، بل قد تؤدي إلى إصابتهم بأضرار جانبية عندما تكبر مسؤولياتهم إلى رعاية أسرة وأطفال، وحينها لن يجدوا الحكومة التي أوقعتهم في المأزق، والمثل الصيني يقول: “لا تعطني سمكة وانما علمني كيف أصطاد السمك”.
وأبدى الشاطر استغرابه من أن يُعلن وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية بكل أريحية عن توقيع عقود بأكثر من 30 مليار دولار دون أن يتم ذلك عبر القنوات التي تُحقق المنافسة بين الشركات المنفذة أعمالاً بالشفافية ولكي يكون لها عائد على الاقتصاد الليبي والشركات الليبية وفرص العمل أمام الشباب، وأشار إلى أن هذا الأسلوب هو نفس أسلوب النظام السابق الذي يستبعد العنصر الوطني ولو بالمشاركة مع أفضل الشركات العالمية ليكرس القطاع العام.
واختتم الشاطر حديثه بالقول: “الآن لا القطاع الخاص يشتغل بقوة الإنتاج الذي يعطي قيمة إضافية للاقتصاد الوطني ولا القطاع العام يعمل، فقد تحولت الوزارات إلى شركات تبيع وتشتري، وتُمارس مهام التاجر والسمسار وتغدق على من تشاء من شركات الخارج وتُفلس بمن تشاء وطبعا من شركات الليبيين فقط”.
اترك تعليقاً