ليبيا انتقلت إلى ما كان الوضع عليه عامي 2012-2013 في قفزة سريعة مثيرة للانبهار وهي خطوة أولى صحيحة ولكنها غير كافية، فهل الخطوات التالية الأهم ستعيدنا إلى المربع الأول بكل تشنجاته وحماقاته وإحباطاته وآلامه؟.
بهذا التساؤل استهل عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، حديثه لشبكة “عين ليبيا”، حول تصوراته للمرحلة القادمة في ليبيا.
وقال الشاطر: “الإشكاليات والملفات المعقدة كثيرة وسوف تجرنا، في ما أتصور، إلى هدر المزيد من الوقت وارتكاب نفس الحماقات ولو بشكل آخر”.
وأشار إلى أن تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية حلّ عقدة توحيد السلطة التنفيذية غير أن ربط نجاح السلطة التنفيذية في تحقيق استحقاق الانتخابات في نهاية هذه السنة يبقى مسألة مشكوك فيها لعدة عوامل ليس من أهمها المدة الضيقة ولكنها ستكون سببا في خلق مناكفات حول الأساس الدستوري أو القانوني الذي ستُجرى على أساسها، وهل ستكون مسألة الاستفتاء على مشروع الدستور من أبرز المحطات وأولوياتها أم يتم تجاوز هذا الأمر والاستناد إلى أساس قانوني جديد قد يُولد هجينا بسبب الاختلاف على نصوصه أو تشويهها.
وأضاف الشاطر: “أرى أننا لسنا في حاجة إلى إعادة اختراع العجلة المشوهة التي أدت بنا إلى حروب مدمرة وذلك باللجوء إلى الإعلان الدستوري القائم ونذهب إلى انتخابات تشريعية فقط مستندين على القوانين التي تم بموجبها انتخابات 2012-2014”.
واستطرد قائلاً: “على أن يتولى مجلسي النواب والدولة إصدار قانون لانتخاب جسم تشريعي جديد يتكون من 200 عضوا على غرار انتخابات المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب بنفس الدوائر الانتخابية.. استنادا إلى المواد (1 و 2 و 8 و12) من المبادئ الحاكمة في الاتفاق السياسي والمواد (3 و5 و12) من باب الأحكام الإضافية.. وأن يعطي القانون مدة ثلاث أو أربع سنوات للمجلس الجديد لدورة برلمانية واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد حيث أثبتت التجارب أن المدد القصيرة (18 شهرا) غير كافية لتحقيق أي إنجاز وغير كافية لأن يتعرف الأعضاء على بعضهم سياسيا وفكريا بما يتيح لهم بيئة من الثقة فيما بينهم لتكوين تكتلات أو تفاهمات ولذلك لم تحترم”.
وتابع الشاطر: “ولا أرى غضاضة في أن يمنع القانون الأحزاب والكيانات السياسية من الترشح.. وإن كان هذا الرأي منافي للعمل الديمقراطي إلا أنه أصبح مزاج شعبي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.. وفي النهاية فإنه لا يمنع المنتمين للأحزاب السياسية من الترشح كأفراد!، وإن كنت أميل بشدة إلى الاستناد للقانونين 29 و 30 اللذين أصدرهما المجلس الوطني الانتقالي المؤقت عام 2012 وهو اختيار يُرضي طرفي المعادلة”.
وأردف: “وأرى أن تشمل مهام المجلس التشريعي الجديد اختيار رئيس مؤقت للدولة لدورة رئاسيىة واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد.. ولا يحق له الترشح لمنصب الرئاسة بعد إصدار الدستور كي لا يستغل منصبه.. وكذلك اختيار حكومة ومنحها الثقة والميزانية لدورة واحدة غير قابلة للتمديد أو التجديد وتنتهي بانتهاء دورة الجسم التشريعي وتسليمه السلطة التشريعية للبرلمان الدائم.. ويعكف المجلس التشريعي الجديد على النظر في مشروع الدستور الدائم الذي يُحال إليه بفكر أكثر صفاء وقد تخلصت البلاد من المشاحنات والتجاذبات السياسية وبدأت تستطعم مرحلة الاستقرار ووجوب الإقبال على بناء الدولة المدنية الديمقراطية”.
ويُضيف الشاطر: “ومن خلال لجانه يتولى الجسم التشريعي الجديد اتخاذ ما يلزم من ترتيبات قانونية للاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساسه”.
واستطرد الشاطر: “وأرى أن تُساهم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في صياغة قانون انتخاب الجسم التشريعي الجديد استرشادا بانتخابات 2012 و2014 ليتم اعتماده من مجلسي النواب والدولة ويصدقان على نتائج الانتخابات ويدعوان المجلس الجديد للانعقاد ويُسلمانه السلطة”.
كما دعا عضو المجلس الأعلى للدولة حكومة الوحدة الوطنية بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، إلى اتخاذ الترتيبات الأمنية واللوجستية اللازمة لإجراء انتخابات تشريعية فقط آمنة.
وتابع يقول: “الكل اقتنع أن سنوات الاحتقان التي أدت إلى الاقتتال بين الأشقاء أبناء الوطن الواحد عار كبير ينبغي أن تنتهي ولا تتجدد بصورة أو أخرى لتحل محلها سنوات التعايش السلمي بين الإخوة الشركاء في الوطن من أجل مستقبل باهر لأجيالهم ووحدة وازدهار وطنهم”.
وأضاف الشاطر: “أنا غير مقتنع بالذهاب إلى انتخابات رئاسية في المرحلة المتأزمة فكل الأسماء المعروضة غير كفؤة وهي مشاريع لصناعة دكتاتورية جديدة باسم الشعب”.
واختتم حديثه بالقول: “أتمنى أن أرى جيل الشباب المتعلم المؤمن بمدنية الدولة المتطلع لأن تكون ليبيا رقما في المجتمع الدولي وليس نكرة أتمنى أن أراهم الأغلبية في مجلس النواب القادم وهذه مسؤولية الناخبين أن يحسنوا اخياراتهم وإلا فلن نلوم إلا أنفسنا على سوء اختياراتنا”.
اترك تعليقاً